أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن القضاء على الفساد واجتثاث جذوره مهمة وطنية جليلة في سبيل الحفاظ على المال العام وحماية المكتسبات الوطنية، ومنع التكسب غير المشروع الذي ينافي ما جاء به الشرع الحنيف، وأن الدولة ماضية في نهجها الواضح بمكافحة الفساد والقضاء عليه، والإعلان عن كل قضايا الفساد وما تتوصل إليه التحقيقات بكل شفافية. وقال الملك سلمان لدى افتتاحه - عبر الاتصال المرئي - أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، بحضور ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان "في سبيل تخفيف الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا المستجد، سارعت بلادكم لتقديم مبادرات حكومية للقطاع الخاص، وخصوصا المنشآت الصغيرة والمتوسطة، شملت أكثر من (218) مليار ريال، إضافة لدعم القطاع الصحي بمبلغ (47) مليار ريال". وأضاف "تواجه دول منطقتنا محاولات عديدة من قوى إقليمية، تسعى لفرض نفوذها السياسي، وأيديولوجيتها المتطرفة، خدمة لمصالحها الخاصة، غير عابئة بأعراف دولية أو مراعية لحقوق الجوار، وهذا النهج العدواني المتعنت مسؤول عما آلت إليه الأوضاع في بعض دول منطقتنا، كما هو مسؤول كذلك عما خلفه من مآس في تلك الدول يندى لها جبين الإنسانية". وتشرف رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ، وأعضاء وعضوات المجلس بأداء القسم، وذلك عقب صدور الأمر الملكي الكريم بتعيينهم في المجلس في دورته الثامنة (أقسم بالله العظيم، أن أكون مخلصا لديني ثم لمليكي وبلادي، وألا أبوح بسر من أسرار الدولة، وأن أحافظ على مصالحها وأنظمتها، وأن أؤدي أعمالي بالصدق والأمانة والإخلاص والعدل). عقب ذلك ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الخطاب الملكي السنوي فيما يلي نصه: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده،،، الإخوة والأخوات أعضاء مجلس الشورى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يسرنا افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، سائلين المولى أن تكون أعمالنا خالصة لوجهه، وأن يعيننا لخدمة الوطن والمواطن، وأقدر لمجلسكم الموقر أعمالكم الجليلة. تعزيز المسيرة التنموية منذ أن وحد جلالة الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ المملكة العربية السعودية وهي تأخذ بمبدأ الشورى، مما أسهم في تعزيز مسيرتها التنموية الشاملة لتحقيق ما تصبو إليه من أمن ورخاء وازدهار. وإننا نفخر بما شرفنا الله به من خدمة الحرمين الشريفين، وتوفير كل سبل الراحة لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين، وقد حرصنا على إقامة الركن الخامس من أركان الإسلام رغم الظرف الاستثنائي المتمثل بجائحة كورونا المستجد التي أصابت العالم، ودفعنا المزيد من احتياطات السلامة والوقاية، فاقتصر الحج على عدد محدود من مواطنين ومقيمين، لضمان صحة الحجيج. التصدي لكورونا والحد من آثارها لقد أثمرت جهود بلادكم في التصدي المبكر للحد من آثار الجائحة، وهو ما ساهم في تدني انتشار العدوى وانخفاض أعداد الحالات الحرجة ولله الحمد. وأكرر شكري لإخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي المواطنين والمقيمين، على تفهمهم وتعاونهم في اتباع التعليمات وتنفيذ الإجراءات، كما أشكر أجهزة الدولة كافة، على جهودهم في مواجهة الجائحة. وإني لأشكر من هذا المقام أبنائي الجنود البواسل في الحد الجنوبي، وأدعو لهم بالثبات، ولشهدائنا بالجنة. وفي سبيل تخفيف الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا المستجد، سارعت بلادكم لتقديم مبادرات حكومية للقطاع الخاص، وخصوصا المنشآت الصغيرة والمتوسطة، شملت أكثر من (218) مليار ريال، إضافة لدعم القطاع الصحي بمبلغ (47) مليار ريال. ولقد سعينا من خلال إدارة الجائحة إلى استمرار الأعمال وموازنة الأثر الاقتصادي والصحي والاجتماعي، وسنواصل التقييم المستمر، حتى انتهاء الجائحة بإذن الله. في تأكيد لريادة بلادكم، دعت المملكة العربية السعودية، التي ترأس الدورة الحالية لمجموعة العشرين، في ظرف جائحة فيروس كورونا المستجد، وبغية مواجهة عالمية تخفف آثار الجائحة، لعقد قمة اسثنائية افتراضية، جرت في مارس الماضي، ونتطلع من قمة مجموعة العشرين، التي ستعقد بحول الله هذا الشهر إلى تعزيز التنمية، وتحفيز التعاون عالميا، لصنع مستقبل مزهر للإنسان. استقرار أسواق البترول العالمية وإضافة إلى ذلك، فقد حرصت المملكة العربية السعودية منذ تأسيس منظمة أوبك على استقرار أسواق البترول العالمية، وليس أدل على ذلك من الدور المحوري الذي قامت به في تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة أوبك بلص، وذلك نتيجة مبادرات المملكة الرامية إلى تسريع استقرار الأسواق واستدامة إمداداتها. كما عملت المملكة، ولا تزال تعمل لضمان استقرار إمدادات البترول للعالم بما يخدم المنتجين والمستهلكين على حد سواء، على الرغم من الظروف الاقتصادية التي يعيشها العالم اليوم بسبب جائحة كورونا وانعكاساتها على أسواق البترول العالمية. تحسين الخدمات الحكومية رؤية المملكة 2030 هي خارطة الطريق لمستقبل أفضل لكل من يعيش في هذا الوطن الطموح، فقد أسهمت الرؤية خلال مرحلة البناء والتأسيس في تحقيق مجموعة من الإنجازات على عدة أصعدة، أبرزها تحسين الخدمات الحكومية، ورفع نسبة التملك في قطاع الإسكان، وتطوير قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة، واستقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تمكين المرأة وتفعيل دورها في المجتمع وسوق العمل، ونستعد حاليا لمرحلة دفع عجلة الإنجاز التي تتسم بتمكين المواطن، وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر، وزيادة فاعلية التنفيذ. ويسرنا أن المملكة اليوم أصبحت الدولة الأكثر تقدما وإصلاحا من بين (190) دولة، وفقا للبنك الدولي، وأن المملكة حققت المرتبة الأولى خليجيا والثانية عربيا، في تقرير البنك الدولي "المرأة، أنشطة الأعمال والقانون 2020". خطورة المشروع الإيراني إن المملكة تؤكد خطورة المشروع الإقليمي للنظام الإيراني، وترفض تدخله في شؤون الدول الداخلية، ودعمه الإرهاب والتطرف وتأجيج الطائفية، وتدعو المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم تجاه إيران، يضمن منعها من الحصول على أسلحة دمار شامل وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية وتهديد السلم والأمن. ونستنكر انتهاك ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا، القوانين الدولية، بإطلاق طائرات مفخخة من دون طيار، وصواريخ باليستية تجاه المدنيين بالمملكة، مؤكدين دعم الشعب اليمني الشقيق لاستعادة سيادته واستقلاله، بواسطة سلطته الشرعية. الوقوف مع فلسطين وتؤكد المملكة استمرار وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، كما أننا نساند الجهود الرامية لإحلال السلام في الشرق الأوسط بالتفاوض بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للوصول إلى اتفاق عادل ودائم. مساندة العراق كما نقف مع العراق وشعبه الشقيق، ونساند جهود حكومته في سبيل استقراره ونمائه وحفاظه على مكانته في محيطه العربي، وتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين والتعاون في مختلف المجالات من خلال مجلس التنسيق السعودي العراقي. ونؤيد الحل السلمي بسوريا وفقا لقرار مجلس الأمن 2254 ومسار جنيف 1 مؤكدين وجوب خروج الميليشيات والمرتزقة منها والحفاظ على وحدة التراب السوري. أمن ليبيا كما أننا نتابع باهتمام تطورات الأوضاع في ليبيا، مجددين ترحيب المملكة بتوقيع اللجان العسكرية الليبية المشتركة الاتفاق الدائم على وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، متطلعين إلى أن يمهد الاتفاق الطريق لإنجاح التفاهمات الخاصة بالمسارين السياسي والاقتصادي، بما يسهم في تدشين عهد جديد يحقق الأمن والسلام والسيادة والاستقرار لليبيا وشعبها الشقيق، داعين إلى وقف التدخل الخارجي في الشأن الليبي. دعم السودان وبوصف المملكة رئيسا لمجموعة أصدقاء السودان فإنها تشدد على أهمية دعم السودان حاليا، وتؤكد الدعم السياسي الكامل لمحادثات جوبا للسلام. حفظ الله المملكة العربية السعودية، وأدام عليها فضله، ووفقنا وإياكم لمواصلة قيامنا بخدمة شعبنا، وتعزيز أدوار بلادنا الريادية، ومساهماتها في تحقيق الأمن والسلم والتنمية إقليميا ودوليا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشاركة :