بولع شديد يقبل الجزائريون على استخدام الأحذية التقليدية المغاربية، ويفضّل قطاع واسع انتعال ما يتفنن حرفيو المغرب العربي في تصنيعه، على الرغم من صرخات الموضة وتحوّل الجزائر إلى سوق كبرى لمختلف العلامات. ويرى فتحي ورضوان وبوعلام وغيرهم من عرّابي أنّ الأحذية التقليدية المغاربية كرّست مكانتها عنواناً لوقار الرجال وأناقة بنات حواء، ورغم المنافسة الشديدة للأحذية الإيطالية والفرنسية والصينية. وبلهجة افتخار تكتنز الكثير من الحنين والثقة، أكد العم سعدي الذي يملك أحد أكبر ورش الأحذية المغاربية في قلب العاصمة الجزائرية، أنّ مواطنيه وحتى السياح يجدون في هذا النوع سحراً خاصاً يدفع المرء إلى اقتناء أطقم عدة، مشيراً إلى أنّ الأمر يأخذ عند النساء مستويات غير عادية لاسيّما عند المقبلات على دخول القفص الذهبي، فضلاً عن المخضرمات اللائي يجدن ضالتهنّ في الحذاء المغاربي، والتباهي بارتداء علامة ضاربة في العراقة. زخم البابوش وتتوزّع الأحذية المغاربية المنشأ على عشرات الأنواع ذائعة الصيت، يتصدرها البابوش بنمطيه الرجالي والنسائي، فضلاً عن صباط البلغة، صباط المجبود، الشربلة، خف الحلفاء، حذاء الخشب، القبقاب المسنود والقبقاب المنبسط وغيرها. ويحظى البابوش برواج كبير في الأسواق المحلية، حيث يتوفر بأشكال مختلفة تتناسب مع أذواق جميع الفئات، ويستغل الباعة قدوم ليلة السابع والعشرين من رمضان وعيد الفطر ليحققوا أرباحاً كبيرة. في أسواق ساحة الشهداء، الأبيار والدويرة، كشف الباعة انتعاش تجارة هذا النوع من الأحذية التقليدية في المواسم وفترة الصيف تماشياً مع كثافة حفلات الزفاف، فضلاً عن إقبال الآلاف من المقبلين على أداء مناسك العمرة والحجّ على شراء البابوشّ الذي لا يزيد سعره على 1500 دينار أي نحو نحو خمسة عشر دولاراً. نهاية ركود وشهدت الفترة الأخيرة عودة قوية لاقتناء هذه الأحذية عقب فترة من الركود بفعل الاكتساح الصيني للأسواق الجزائرية، فيما ربط متعاملون هذه العودة بتفشّي جملة من التحذيرات بشأن تداعيات ما تصنعه أنامل بكين وشنغهاي نظراً لمخاطرها الصحية، خلافاً للأحذية المغاربية التي تنفرد بنوعيتها الجيدة وتلقى إقبالاً واسعاً نظراً لسعرها المعقول وجمال تصميمها وجودة نوعيتها. وأسهم اتساع رواج الأحذية المغاربية في إعادة فتح أكثر من عشرين ورشة، ويتلقى كوكبة غير قليلة من رجال الظلّ طلبات كثيرة من الزبائن والتجار، وأتى الانبعاث عن طريق حرفيين قدامى وحديثي العهد داخل العاصمة وعبر حواضر القليعة، مليانة ومستغانم. ويشير العم صالح الذي يمارس هذه المهنة منذ 1974 دون كلل أو ملل، أنّ جمهور الحرفيين يحرصون على إضفاء لمحات عصرية على الأحذية المغاربية، ما جعلها تخطف الأنظار بسبب تصميماتها المواكبة للموضة التي تلبي كل الأذواق خصوصاً مع أسعارها المغرية. حفظ تراث يحلم صانعو الأحذية المغاربية بتأسيس مراكز تحفظ هذا التراث من الضياع، إذ يشيرون إلى حتمية تعليم حرفة تصنيع الأحذية، منوّهين إلى أنّ حرفة صنع الأحذية لا تتطلب الكثير، حيث يحتاج الراغبون في مزاولتها إلى ميزانية لا تتعدى 30 ألف دينار 300 دولار لتغطية تكاليف فتح محلات وآلات الخياطة والمواد الأولية. ويلفتون إلى أنّ الحرفة مجدية وتتصف بمردودها العالي، ما يجعلها مشروعاً مربحاً لمن يمارسها بجد وإتقان.
مشاركة :