القاهرة: محمد عبده حسنين أعربت روسيا عن تقديرها للجيش المصري في حماية إرادة شعبه ومقدراته، مشددة في الوقت نفسه، على أهمية استقرار الأوضاع بمصر أمنيا واقتصاديا، وما لذلك من تأثير على منطقة الشرق الأوسط ككل. جاء ذلك عقب جلستي مباحثات مهمتين عقدتا أمس بين كل من سيرغي شويغو وسيرغي لافروف وزيري الدفاع والخارجية الروسيين، ونظيريهما المصريين عبد الفتاح السيسي ونبيل فهمي، تناولتا أوجه التعاون الثنائي بين البلدين في الفترة المقبلة. وفي حين قالت مصادر مطلعة إنه جرى الحديث خلال الزيارة عن صفقة لشراء مصر أسلحة ومعدات عسكرية روسية متطورة، عدّ السيسي المباحثات مرحلة جديدة للعمل المشترك بين البلدين، نفى لافروف أي تدخل لبلاده في الأزمة السياسية الدائرة حاليا في مصر. وتعد الزيارة هي الأولى لمسؤولين روسيين كبار منذ الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، استجابة لمظاهرات شعبية عارمة طالبت برحيله. وكان أيضا في استقبال الوزيرين أمس الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور. وتأتي مباحثات أمس عقب عدة زيارات قام بها مسؤولون مصريون وقيادات شعبية وسياسية لروسيا، حيث قام وزير الخارجية نبيل فهمي بزيارة لروسيا منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقام وفد يضم قوى سياسية وشعبية بزيارة لموسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في حين يزور الطراد الروسي الحربي «فارياج» حاليا ميناء الإسكندرية بالإضافة إلى وفد شعبي روسي. ويأتي التوجه المصري الجديد نحو موسكو في وقت تشهد فيه العلاقات بين القاهرة وعدد من الدول الغربية، ومنها الولايات المتحدة حالة من عدم الاستقرار، بعد عزل مرسي. وأعلنت واشنطن وقف تسليم دبابات وطائرات مقاتلة وهليكوبتر عسكرية وصواريخ للقاهرة، فضلا عن وقف مساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار، وهي الخطوة التي هاجمتها مصر. وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، العقيد أحمد محمد علي، إن جلسة مباحثات عسكرية رسمية عقدت صباح أمس بين السيسي وشويغو بمقر وزارة الدفاع في «كبري القبة» (شرق القاهرة)، بحضور الفريق صدقي صبحي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية. وأوضح المتحدث أن الجلسة تناولت أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، خاصة ما يتعلق بالشق العسكري، مضيفا أن السيسي رحب بالضيف الروسي في هذه الزيارة، التي تتواكب مع الذكرى السبعين للعلاقات بين مصر وروسيا، قائلا: «نستقبلكم كأصدقاء أعزاء كنتم ولا زلتم في موقع خاص من التقدير والاعتزاز». واعتبر السيسي المباحثات «تطلق إشارة التواصل الممتد للعلاقات الاستراتيجية التاريخية من خلال بدء مرحلة جديدة من العمل المشترك والتعاون البناء المثمر على الصعيد العسكري وتعزيز العلاقات الممتدة بين البلدين منذ منتصف خمسينات القرن الماضي وتعزيز العلاقات التي تجمع شعبي البلدين». وأشار السيسي إلى أن «مجالات التعاون تعمل على تحقيق أهدافنا في إقامة السلام الشامل والعادل والمتوازن، الذي يدعم توفير الأمن في منطقة الشرق الأوسط التي تعد قلب العالم وصمام الأمان للأمن والسلم الدوليين». من جانبه، أعرب شويغو عن تقديره «لمصر والقوات المسلحة ودورها التاريخي والمتجرد في تحقيق إرادة الشعب المصري»، مشيدا بـ«مدى احترافية القوات المسلحة ودورها في حفظ الأمن والسلام بمنطقة الشرق الأوسط»، كما أكد أهمية التعاون المشترك بين الجانبين المصري والروسي خاصة في المجال العسكري. ووسط تكتم رسمي، كشفت مصادر سياسية أن مصر تسعى من خلال تطوير علاقاتها مع روسيا إلى الحصول على أسلحة متطورة، منها مقاتلات روسية، وصواريخ مضادة للطائرات، للرد على القرار الأميركي بخفض المساعدات العسكرية. وأكدت وكالة «رويترز» عن مصادر في شركة «روس أوبورون إكسبورت» الحكومية الروسية التي تقوم بتصدير الأسلحة، أن روسيا مهتمة ببيع السلاح لمصر، وتناقلت وسائل إعلام روسية تقارير تقول إن شويغو والسيسي سيناقشان توريد أسلحة روسية لمصر بقيمة تزيد على أربعة مليارات دولار. من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أن هناك رصيدا قديما من التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات عدة، وأن هناك اتفاقا بين الجانبين على أهمية عقد اللجنة الوزارية المشتركة، لافتا إلى أنه سيجرى التمهيد لذلك من خلال لجنة الخبراء التي ستحدد بشكل سريع موعد انعقاد اللجنة. وأضاف فهمي، في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده أمس مع نظيره الروسي لافروف، أن مصر تتطلع لعلاقات قوية متواصلة ومستقرة مع روسيا تقديرا لمواقفها ودورها بالنسبة للشرق الأوسط وعلى المستوى الدولي، مؤكدا أن «روسيا أكبر من أن تكون بديلا لأحد»، لافتا إلى أن «مصر لا تنظر إلى الأمور بهذا الشكل، وتتطلع لتعاون يحقق مصلحة لمصر». وأعرب عن أمله في أن تكون أيضا لروسيا مصلحة من هذا التعاون. من جانبه، قال لافروف إن «روسيا لديها صداقة مع الشعب المصري منذ عشرات السنين، ولدينا تاريخ قوي مشترك بما في ذلك الصراع السياسي المشترك من أجل العدالة»، لافتا إلى أنه على كل بلد تحديد دائرة شركائه. وأكد لافروف أنه في مصلحة موسكو أن تبقى مصر دولة مستقرة ذات اقتصاد متطور وذات أداء حكومي فعال، لافتا إلى أن التحضير لمشروع الدستور والاستفتاء سيسمح لمصر بالتقدم إلى الأهداف المنشودة. وأضاف أن بلاده لا تزال تنطلق من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجميع الدول، لافتا إلى أن موسكو تحترم السيادة المصرية وحق المصريين في تقرير مصيرهم. وشدد لافروف على أن روسيا مستعدة لمساعدة مصر في كل المجالات التي تريدها مصر في مجال التطور، وأيضا لتقبل المقترحات من أجل جعل العلاقات والتبادل في العلوم والسياسة على أساس مستمر بين البلدين.
مشاركة :