بغداد - وافق نواب البرلمان العراقي اليوم الخميس على مشروع قانون طارئ للإنفاق يتيح للحكومة التي تعاني من قلة السيولة الاقتراض من الخارج في ظل ما يعانيه الاقتصاد نتيجة لانخفاض أسعار النفط، لكنهم وافقوا على أقل من ثلث المبلغ المطلوب.وبموجب القانون الجديد سيُسمح لوزارة المالية باقتراض 10.1 مليارات دولار من الأسواق الدولية والبنوك المحلية وهو ما يقل بكثير عن 35 مليارا طلبتها الحكومة في البداية.وفشل البرلمان بسبب الخلافات الداخلية في اعتماد مسودة ميزانية 2020 وسيتيح مشروع القانون الذي جرى تمريره بشكل عاجل، للحكومة الحصول فقط على ما يكفيها من أموال حتى نهاية العام.وتسبب التزام العراق باتفاق أوبك+ لخفض إنتاج النفط في تقليص موارده المالية تزامنا مع الصعوبات التي تواجهها الحكومة في التعامل مع تداعيات أعوام من الحرب والفساد المستشري. ويعتمد العراق على النفط لتمويل 97 بالمئة من ميزانيته الحكومية.وكشفت نسخة من القانون أن الأموال التي سيتيح البرلمان اقتراضها ستغطي بشكل أساسي رواتب موظفي الحكومة وواردات الغذاء والمشروعات المهمة.وظهرت خلافات خلال التصويت اليوم الخميس حيث عارض الأكراد تمرير بند يلزم حكومة إقليم كردستان العراق بتسليم إيرادات صادرات الإقليم النفطية كشرط لتلقي حصتها الشهرية من خطة التمويل الجديدة.ويقول النواب الأكراد إن حصتهم لا ينبغي أن تكون مرتبطة بمشكلات متعلقة بالنفط بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، لكن مشرعين معظمهم من الكتل الشيعية وبعض النواب السنّة، يصرون على أن الأكراد لا ينبغي أن يحصلوا على نصيبهم من التمويل الطارئ إلا إذا سلموا إيرادات النفط إلى بغداد.وقال مشرعون إن معظم أعضاء البرلمان الأكراد انسحبوا من جلسة التصويت.وتظهر تقديرات البنك الدولي أن اقتصاد العراق سينكمش 9.7 بالمئة في 2020 بفعل انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا في أعقاب نموه 4.4 بالمئة في 2019.وتثقل الأزمة الاقتصادية والمالية على حكومة مصطفى الكاظمي الذي لم يمض على توليه رئاسة الوزراء أشهرا معدودات، فيما يخوض الكاظمي معارك على أكثر من جبهة لتثبيت سلطته واستعادة هيبة الدولة بداية بلجم انفلات سلاح الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة وصولا إلى مشاكل اجتماعية كثيرة باتت مصدرا للتوتر ويصعب تجنبها أو إهمالها.وورث الكاظمي تركة ثقيلة من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي نتاج تراكمات من حكم المنظومة السياسية التي خرج آلاف المحتجين منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019 للمطالبة برحيلها وهي المنظومة القائمة على المحاصصة الطائفية: رئاسة الحكومة للشيعة والبرلمان للسنّة ورئاسة الدولة للأكراد وهو منصب شرفي بصلاحيات محدودة.وتسببت الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في السنوات الماضية إلى جانب الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة والنفوذ الإيراني في ارباك المالية العامة للعراق واستنزاف الموازنات.إلا أن حكومة الكاظمي تولت مهامها في ظرف استثنائي، حيث تواصل معركتها ضد جيوب مقاومة يبديها ما تبقى من داعش إضافة إلى جائحة كورونا وتقلبات أسعار النفط.ويصعب على ضوء المشاكل القائمة وفي ظل تغلغل إيراني في مفاصل الدولة والتجاذبات بين واشنطن وطهران على الساحة العراقية، أن تُخرج حكومة الكاظمي العراق من أزماته.
مشاركة :