بارزاني في ديار بكر لإنقاذ المصالحة «التركية ـ الكردية»

  • 11/15/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أربيل: محمد زنكنه يستقبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، غدا، رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، في زيارة وصفت بـ«التاريخية»، من شأنها أن تتيح لأنقرة التأكد من دعمه لإعادة عملية السلام المهددة مع المتمردين الأكراد إلى مسارها. ودليل على الأهمية التي يوليها للحدث ارتأى أردوغان استقبال رئيس كردستان العراق للمرة الأولى في ديار بكر، كبرى مدن جنوب شرقي الأناضول المأهول بغالبية كردية. وقال رئيس الحكومة التركية أول من أمس «سنشهد نهاية هذا الأسبوع في ديار بكر عملية تاريخية نأمل أن تكون تتويجا لعملية السلام» التي بدأت قبل عام مع المتمردين الأكراد. أريز عبد الله العضو السابق لبرلمان إقليم كردستان عن قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني قيم لـ«الشرق الأوسط» هذه الزيارة إيجابيا مؤكدا على أن «دعوة رئيس إقليم كردستان لزيارة مدينة ديار بكر ذات العمق الكردي في تركيا خطوة مهمة في الانفتاح السياسي في العلاقات بين إقليم كردستان العراق وتركيا». من جهة أخرى بيّن المحلل السياسي الكردي والخبير في الشؤون التركية حسن أحمد مصطفى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أنقرة تدرك جيدا موقع ووزن بارزاني السياسي على المستوى الكردي والتركي والشعبية التي يتمتع بها في الإقليم وتركيا»، مبينا أن «شعبية بارزاني مستمدة من شعبية عائلته التي لها احترام منقطع النظير في الأوساط السياسية والاجتماعية الكردية والتركية وحتى على مستوى العالم». لكن حزب السلام والديمقراطية الكردي – التركي وبعض الأحزاب المؤيدة لحزب العمال الكردستاني انتقدوا زيارة بارزاني لديار بكر كونها أتت بدعوة من الحكومة التركية. وبيّن أحمد ترك رئيس حزب السلام والديمقراطية التركي في تصريحات سابقة أنه «كان الأجدر برئيس إقليم كردستان أن يزور ديار بكر منذ زمن دون أن ينتظر دعوة من الحكومة التركية»، مبررا انتقاده أن «الأحزاب الكردية في تركيا وجهت دعوات إلى بارزاني أكثر من مرة لحضوره مؤتمراتها والمشاركة في احتفالات نوروز (رأس السنة الكردية) لكنه كان يكتفي بإيفاد من يمثله». لكن السياسي الكردي التركي آمد روزهاتي رفض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذه الانتقادات، مؤكدا على أن «زيارة بارزاني سيكون لها دور كبير في دفع عجلة السلام للأمام في تركيا»، مؤكدا على أن «بارزاني لعب دوما دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين القيادات التركية نفسها والقيادات التركية – الكردية لحل المسألة القومية في تركيا حلا سلميا»، كما بين روزهاتي أن الأطراف السياسية المعارضة للحزب الحاكم (العدالة والتنمية) انتقدت بدورها الاستقبال المنتظر لبارزاني في ديار بكر بحجة أن هذا الاستقبال لا يتوافق مع مبادئ الدستور الذي وضع الأساس للدولة التركية الحديثة. على أن هذا التقارب الكردي – التركي سيشكل خطوة مهمة وإيجابية في تطور العلاقات بين الإقليم وأنقرة، مما سيؤدي إلى استقرار المنطقة سياسيا واقتصاديا. وأثناء زيارته إلى تركيا، سيحل بارزاني ضيفا في سلسلة مناسبات: زواج جماعي ثم حفلة موسيقية لمغنيين فلكلوريين كرديين هما إبراهيم تاتليسيس وخصوصا شيفان برفر الوجه البارز في المقاومة الكردية التي منعت طويلا من العمل في تركيا. ويحظى الزعيم الكردي العراقي، الذي دعا في أغلب الأحيان إلى المصالحة بين السلطات التركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني، بالاحترام لدى الأقلية الكردية في تركيا، فيما تطمع أنقرة في وزن سياسي كهذا لتمرير رسالة إلى أكراد تركيا المقدر عددهم بنحو 12 إلى 15 مليون نسمة. ولفت مصدر مقرب من الحكومة في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن «خيار المدينة رمز» لأن «الحكومة التركية تريد بذلك أن تظهر أن إرادتها لإنهاء النزاع الكردي حقيقية في وقت لا تسير فيه الأمور على أفضل شكل» في البلاد. فمحادثات السلام التي بدأت في خريف 2012 بمبادرة أنقرة مع عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة في تركيا، تراوح مكانها. ويتهم الأكراد أنقرة بعدم الإيفاء بوعودها لجهة تطبيق إصلاحات خصوصا برفضها الاعتراف بهويتهم في الدستور رغم أنه مطلب رئيس بالنسبة لهم. وردا على ذلك علق حزب العمال الكردستاني في سبتمبر (أيلول) انسحاب مقاتليه المسلحين من تركيا مهددا بذلك بنسف العملية برمتها. وشدد المصدر المقرب من الحكومة على أنه «من الحكمة في هذا الظرف الصعب إظهار أن تركيا لا تسعى سوى إلى السلام». والزيارة اللافتة التي نظمها أردوغان لبارزاني تلقت دعم بعض الشخصيات الكردية. وقالت النائبة الكردية الشهيرة ليلى زانا «لدي الأمل في أنها ستحمل مساهمة كبيرة إلى عملية السلام». لكنها لا تحظى بالإجماع في صفوف الأكراد في تركيا الذين ندد بعضهم بالخلفيات الانتخابية لدى رئيس الحكومة الإسلامي المحافظ مع اقتراب الانتخابات البلدية المرتقبة في مارس (آذار) 2014. وقال النائب الكردي أحمد ترك أمام الصحافيين «بكل تأكيد أن البعض دعوه إلى ديار بكر في ضوء الاقتراع المقبل»، مضيفا «آمل أن يدرك بارزاني ذلك». وثمة موضوع آخر على جدول أعمال هذه الزيارة إلى تركيا وهو النزاع السوري في وقت توترت فيه العلاقات بين رئيس كردستان العراق والأكراد السوريين في حزب الاتحاد الديمقراطي. ويتوقع أن يبحث أردوغان وبارزاني أيضا تعزيز علاقاتهما في المجال الاقتصادي خصوصا في قطاع الطاقة، علما بأن العقود النفطية التي أبرمتها أنقرة مع المنطقة الكردية التي تتمتع بالحكم الذاتي في العراق أغضبت بغداد كثيرا.

مشاركة :