حرفة صناعة السعف.. تتناقلها الأجيال في تونس

  • 11/13/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

توفّر أشجار النخيل في تونس، رزقاً لمئات الحرفيين في بعض مناطق جنوب البلاد التي حافظت أجيالها المتعاقبة على حرفة صناعة السعف، حيث تناقلتها الأجيال لصنع منتوجات متنوّعة على غرار «القفّة والمظلّة والمروحة والطّبق والسجاد والكراسي والطاولات وأسرّة الرضع وسلال حفظ الفواكه والبيض»، وأيضاً الثريات وبعض أدوات الديكور والزينة وغيرها. ومن المناطق المعروفة بفنون صناعة السعف منطقة إقليم الجريد، وخاصة بلدات توزر ونفطة ودقاش وتمغزة وحزوة ونفزاوة التي تضمها محافظة قبلي، وبدرجة أقل محافظة قابس، وكلها جهات تتميز بكثافة وجود واحات النخيل الباسق، والتي تضم حوالي ثلاثة ملايين نخلة. تراث وفن وفي هذا السياق، قال الستيني محمود شوشان، وهو حرفي بمنطقة نفطة بالجريد: «كان سعف النخيل يستخدم سابقاً في ضفائر الحبال الخشنة التي يتم اعتمادها في مهن عدة، منها الصيد البري والبحري، حيث تتم صناعة الشباك للسمك وللطيور، فضلاً عن بعض المواد الأساسية التي يعتمدها الإنسان لحماية نفسه من حرارة الشمس، أو لاستعمالات منزلية وجمع التمور وحفظها وما شابه ذلك، أما اليوم فقد تغيرت المعطيات وتنوعت الصناعات السعفية، بما يتماشى والعصر الحديث». وشدد شوشان على أن هذه الصناعة اليدوية مهمة للغاية وتعتبر تراثاً وفناً ومورد رزق، غير أن الآليات الحديثة قلصت من عمل الحرفيين التقليديين، وخاصة القدامى منهم، وجعلتهم في مفترق صعب يستوجب، بحسب رأيه، تدخل السلطات الرسمية لإنقاذ القطاع. مورد رزق أما الشاب برهان سعيد، وهو حرفي متخصص في صناعة السعف بمنطقة سوق الأحد، فأكد قائلاً: «تعلمت هذه الحرفة من والدي، وكل أفراد الأسرة من الأم إلى الأشقاء والشقيقات، يمارسون هذه المهنة التي تعتبر مورد رزقنا الوحيد»، مشيراً إلى أن العملية تبدأ بالحصول على السعف الأخضر من جريد النخيل، والذي يفضل أصحاب الواحات منحه لهم بدلاً من حرقه، باعتبار أن الفلاحين يتخلون عن بقايا السعف بعد جمع المحاصيل والتخلّص منها، حتى لا تتسبب في تكاثر الديدان والعناكب وبعض الحشرات الأخرى التي تتوفر في الواحات. وأضاف برهان أن السعف الأخضر يتم وضعه تحت أشعة الشمس، حتى يصبح يابساً، قبل أن يبلل بالماء ويضفر في شكل أحزمة، عادة ما يتراوح طول الضفيرة منها بين 6 و7 أمتار، ثم تنطلق بعدها عملية المهارة اليدوية المنتجة، سواء للقفة أو المظلة أو السجاد أو المروحة، وغيرها من المنتوجات المتنوعة والتي تجد الراغبين فيها، بعد أن كان السياح المتوافدون على المنطقة يقبلون عليها بكثافة قبل زمن «كورونا». ابتكار وتنوع ومن جهته، قال عبدالصمد المستوري من منطقة دقاش، وهو شاب عشريني: «هذه الحرفة تغيرت كثيراً، بعد اقتناع عدد من الحرفيين الشبان بأن تطور العصر يدعونا إلى الابتكار والتنوع والتميز في تقديم المنتوج السعفي للمقبلين عليه، وإلا فإن هذه الحرفة ستندثر إذا استمرت على خطاها القديمة في ظل تطور الصناعات في العالم. كما لا يمكن أيضاً التخلي عن الأصالة والجانب التراثي فيها عند صناعة التحف الفنية وأدوات الديكور العصري والتزويق، والتي تجد المقبلين عليها بكثافة من جهة، وتبقى كتراث قادرة على الصمود لسنوات عدّة من جهة أخرى». ويضيف أن سعف النخيل هو عبارة عن أوراق شجرة النخيل المركّبة، وهي ريشيّة الشكل، وطولها يتراوح ما بين ثلاثة وستة أمتار، وتنتج النخلة ما بين العشرة والعشرين سعفة في السنة، وتمتاز بمرونتها وقوّتها ومتانتها.

مشاركة :