6 أبحاث حول تفاوت المقاربات النحوية واللغوية

  • 11/12/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت الجلسة السابعة من جلسات المؤتمر الدولي الثالث للغة العربية برئاسة الأستاذ الدكتور محمد الهدلق ستة أبحاث، تحدثت عن تفاوت المقاربات النحوية واللغوية من منظور معرفي، وقد بدأ الجلسة الدكتور عيد بلبع بمراجعات لمبحث التحليل النقدي في القرآن في دراسة جوناثان كارتريز، وانطلق من حقيقة أنَّ التحليل النقدي للخطاب يتطلبُ العلم بالسياق الثقافي والمعرفي العربي؛ لتجنب إغفال قضايا مهمة ينتج عن خفائها رؤى تحتاج إلى مراجعة، وذكر الباحث من هذه الرؤى: حصر القرآن في قضايا الذوق والجمال والأدب، التي تهدف إلى تحقيق غاية إمتاعيه، كما أشار إلى أنّ الترجمة التي اعتمدتها الدراسة غاب عنها تحليل المستوى التركيبي والتداولي، وخلص الباحث إلى صعوبة قيام دراسة بهذه الدقة على ترجمة المعاني المجردة لخصوصية لغة القرآن، وشدَّد على ضرورة توجه الباحثين العرب إلى قراءات نافذة فاحصة للمفاهيم الغربية. كما تلاه الدكتور البشير التهالي الذي تقدم ببحث عنوانه (كتاب سيبويه بين المقتضى المعرفي والمقتضى الكوديكولوجي في الدراسات الغربية- مقاربة لأعمال الباحثة الفرنسية جنفييف هامبير، وضَّح فيه أنَّ عمل الباحثة الفرنسية جنفييف ذو صبغة حاسمة في تشكيل الوعي بحاجة كتاب سيبويه إلى تلقٍ جديد، يتخذ الكوديكولوجيا مدخلًا أساسيًا لإعادة بناء النسخة المثلى للكتاب، وأشار إلى أنَّها وقفت على أكثر من سبعين نسخة مخطوطة من الكتاب، وأخضعتها لتصنيف تاريخي بين العلائق الجامعة بين هذه النسخ، والروايات التي حمل بها الكتاب في البيئات العربية الإسلامية المختلفة، وبيَّن أنَّ مسعاها كان قائمًا على تتبع الخطوط الممكنة للوصول إلى النسخة التي تستجمع النصَّ الأول لكتاب سيبويه، وانتهت إلى أنَّ كتاب سيبويه كما هو محقق الآن على يد عبدالسلام هارون فضلًا عن الطبعة الغربية، لا يمثل كتاب سيبويه كما يحتمل أن يكون عليه، الأمر الذي يتطلب النظر إلى إعادة تحقيق الكتاب مع الأخذ بالاعتبار المدخل الكوديكولوجي المومأ إليه. ثُم انتقل الحديث إلى الدكتورة عائشة هزاع حيثُ تحدَثت عن تناظر العلة النحوية عند سيبويه، في ضوء مقالة المستشرق مايكل كارتر (عشرون درهمًا في كتاب سيبويه) التي بيَّنت فيها طريقة معالجة سيبويه لمسائل نحوية وتعابير عديدة، في ضوء عبارة عشرون درهمًا مستنتجًا وجود اتساع تناظري في العلة النحوية بين هذه العبارة والتعابير النحوية، إذ جعلها دليلًا مهمًا على بضعة مبادئ نحوية تتعلق بوظيفة التنوين، وقد خلُص إلى أنَّ سيبويه كان مفكرًا نظاميًا ومرتبطًا منطقيًا أكثرَ بكثيرٍ مما أقرّ به ناقدوه، واستشهد بموضوع (عشرون درهمًا) قائلًا بجودته، فهو يُناقش كنظرية إقليمية (هندسية) ثم يطبق على نطاقٍ واسعٍ من المسائل النحوية، وختمت الباحثة بقولها: إنَّ المستشرق كارتر أكَّد بأنَّ أسلوب سيبويه يتَّسم بالتفكير التأملي، جاعلًا من هذه المقالة أنموذجًا على منهج سيبويه في معالجة مسائل النحو. بعدها أُعطيت الكلمة لـلأستاذ الدكتور كيان حازم، حيث تحدَّث عن علم الدلالة العربي في منظور المستشرق الهولندي كيس فرستيخ، وقد أسهم في دراسته في تجلية منظور المستشرق الهولندي فرستيخ لعلم الدِّلالة العربي، والكشف عن أدواته وآلياته التي أعانته على ذلك، بتتبع جميع كتاباته التي لها صلة بذلك، والتي لم يُترجم منها إلَّا أقلَّ القليل، وانتهى الباحثُ إلى أنَّ فرستيخ حاز رؤيةً مُتكاملةً لِما زخر به الموروث العربي من مباحث دلالية، لا يعوزها سوى إطار نظري تنتظمُ فيه؛ لتشكل علمَ دلالةٍ عربيًا له خصائص وطرائق تحليل تميزهُ من سائر نظائره في الموروثات الأخرى، وبيَّن أنَّ مقاربة فرستيخ اتخذت لعلم الدِّلالة العربي (المعنى) منطلقًا لها، كاشفًا عن أصالة مقاربة فرستيخ لمباحث علم الدِّلالة في الموروث العربي، بما يرشحه ليكون أنضجَ المستشرقين رؤيةً وأشملهم منظورًا في هذا المجال. وانتقل الحديث إلى أ.د ناصر الرشيد الذي تحدث عن منجز العلامة عبدالعزيز الميمني اللُّغوي والأدبي، الذي بدأ حديثه باستعراض النهضة العلمية والتعليمية في القارة الهندية، مبينًا سبب حديثه عن الأستاذ العلامة عبدالعزيز الميمني الراجكوتي، معرفًا به وبتأهيله العلمي، وبما حباه الله من تميز وتفرد، كما تحدث عن منجزه العلمي في خدمة اللُّغة العربية وذكر بأنَّ أكبر منجز تميز به كان في التحقيق والفهرست، والتعريف بالمخطوطات العربية، ونفي التصحيف عنها، ورفع اللبس عن تدليس النسَّاخ، كما تحدَّث عن محاولته الجاهدة في اكتشاف منهجه العلمي في تحقيق النصوص، مجيبًا عن تساؤل مهم: هل تفرد هذا العلامة بمدرسة مستقلة في التحقيق أم أنَّه قلَّد غيره من علماء التحقيق من العرب ومن المستشرقين؟ بعدها اختُتمت الجلسة بـالدكتور يحيى اللتيني، حيث استعرض فيها قراءة جونثان أوينز للنحو العربي، ومحاولته تقديم تلك المعرفة لطالب الدِّراسات اللِّسانية بطريقة ستجيب للمعارف اللِّسانية؛ إذ حاول تحرير مصطلحات النحو العربي بمفاهيم جديدة وأمثلة تتناسب وذلك الطالب، مثل استعماله مصطلحات التوليد بدلًا من الإلحاق الصرفي، ومصطلح الاستبدال، ومصطلح التوزيعية وغيرها، كما كشف البحث عن مظاهر المطابقة بين معالجات النحو العربي لكلام العرب، والمعالجة اللِّسانية الغربية الحديثة، وذكر المواطن التي جاء عليها جونثان أوينز، وتحكيم تلك المقاربات من حيث فهم المعالجة العربية أو صلاحية المقاربة الغربية لها. الجلسة الثامنة: تلقي المنجز العربي في الدراسات الأجنبية بدأت الجلسة الثامنة برئاسة الأستاذة الدكتورة نورة الشملان ، وقد بدأ الجلسة الأستاذ الدكتور حبيب بو زوادة بإلقاء ورقته التي تحدث فيها عن تلقي الأدب العربي القديم في الاستشراق الروسي، وسلط الضوء على إغناطيوس كراتشكوفسكي لمقاربة إشكالية تلقي الأدب العربي من وجهة نظر استشراقية، وذكر بأنَّ هذا العالم استطاع أن يرتقي بالمدرسة الروسية إلى مصاف المدارس الاستشراقية الكبرى في العالم من خلال مؤلفاته الغزيرة، التي جاء معظمها في التعريف بالحضارة العربية الإسلامية، وأشار إلى أنَّ دراسات كراتشكوفسكي جاءت بالعمق والموضوعية والإنصاف، وذلك ما أهله ليكون عضواً مراسلا بالمجمع العلمي العربي بدمشق. وتلاه الأستاذ حسين تروش فتحدث عن منجزات الأكاديمي أندريه ميكيل وجهوده الأدبية العربية باعتباره يمثل مرحلة الاستشراق، وذكر بأنَّ دراسات أندريه ميكيل هي بحوث معاصرة ترتبط بالمجال الأكاديمي البحت، الذي لا يمكن ربطه بأي شكل من أشكال التأثير الثقافي الغربي على العالم العربي، وتمثل الانبهار الغربي المستمر بالتراث العربي العريق، وأشار إلى أنَّ ما يميز أبحاث أندريه ميكيل أنها تنوعت بين ترجمة أهم كتب الأدب العربي القديم السردية (ألف ليلة وليلة)، والقصصية (كليلة ودمنه)، والشعرية (ديوان مجنون ليلى)، وبين نقد الأدب العربي القديم وبين الدراسات الجغرافية والتاريخية، المستنبطة من القرآن الكريم والأدب العربي القديم. ثم انتقلت الكلمة للدكتور محمد منوّر الذي تناول تلقي المستشرقين الجدد للشعر العربي القديم، من خلال الآراء التي طرحتها المستعربة أكيكو موتويوشي سومي حول تلقيها وصف الفرس، وطرده فريسته في قصيدتي الشاعرين الجاهليين امرئ القيس وعلقمة الفحل في كتابها (الوصف في الشعر العربي الكلاسيكي، الوصف الإكفراسيسي ونظرية تداخل الفنون)، ثم تحدث عن محاولة المستشرقين الجدد، -ومنهم أكيكو سومي- الذين أعطوا قارئ القصيدة العربية القديمة صورة إيجابية عنها وتقف به على طاقتها الإبداعية والجمالية، الكامنة خلف لغتها وصورها الفنية، وما فيها من مجاز وكناية ورمز وتورية، تتجاوز تلك النظرة النمطية القاصرة التي تعامل بها قدامي المستشرقين مع نصوص الشعر العربي القديم. جاءت بعدها دراسة الدكتور محمد وسيم خان، عن البلاغة العربية في الدراسات الأرديّة، فتناولت الدراسة عددًا من البحوث والمقالات الأُردية، التي دارت حول موضوعات مختلفة في البلاغة العربية، والتي تقوم بدراستها ونقدها، وبيان ما فيها من إيجابيات وسلبيات، حيث بين الدكتور محمد وسيم خان في ثنايا بحثه اتجاهات المؤلفات البلاغية في اللغة الأردية، وبيّن أن قسمًا ألف في المباحث البلاغية العربية في اللغة الأردية، وقسمًا تناول المباحث البلاغية لأهل اللغة الأردية، وتناول جلّ المباحث البلاغية في اللغة العربية، وقد بيَّن الدكتور في بحثه أنَّ قراءة كتب البلاغة الأردية مشابهًا تماماً لكتب البلاغة العربية، وأدى ذلك إلى تأثر بعض الباحثين في الظاهرة البلاغية الأردية، وقد توصل الباحث إلى عدة نتائج وتوصيات من أهمها: عناية علماء شبه القارة الهندية بالبلاغة العربية عناية مشهودة، كما أنّ جهودهم فيها شاملة تتمثل في التأليف والشرح والترجمة، والبحوث والدراسات التي أقاموها حولها. ثم جاء البحث التالي للدكتور نضال الشمالي إذ اتخذت ورقته الموسومة بـ(سؤال الرواية العربية ونمط القراءة في نقد «روجر آلن») من المدونة النقدية للناقد الأمريكي روجر آلن بحثياً لاستدراك إشكالية الدراسة، إذ شكّل كتابه (الرواية العربية: مقدمة تاريخية ونقدية) ومقالاته النقدية الممتدة في هذا الموضوع ظاهرة تسترعي الانتباه، وتجعله في طليعة المستعربين الذين أسهموا في قراءة الرواية العربية قراءة بانورامية تزامنية، وذلك عبر تحديد المفاهيم، ورصد التحولات الاجتماعية، والتطبيق المنهجي، من ذلك المنطلق سعت دراسة الدكتور نضال إلى تحديد ملامح المنجز الغربي في قراءة الرواية العربية، و-في إطارها الخاص- إلى تحديد منهجي (نقد النقد) لنمط قراءة الرواية العربية التي صدر عنها روجر آلن في مصنفاته المتعددة، التي تفترضها الدراسة في: منهجية المقارنة، ومنهجية الموازنة، ونقد النقد، والتزمين. وختمت أعمال المؤتمر بورقة للدكتور محمد ظافر الحازمي بعنوان (مصطلحات أدوات الثقافة المادية العربية في أعمال البروفيسور آجيوس)، إذ اهتم الدكتور بتقديم صورة شاملة حول أعمال البروفيسور ديونيسيوس آجيوس في دراسة مصطلحات أدوات الثقافة المادية العربية، ويرى الكاتب أنه بالرغم من أن هذه الأعمال متحدة في موضوعها وهو دراسة مصطلحات هذه الأدوات، إلَّا أنَّ آجيوس لم يلتزم منهجًا موحدًا في كل الأعمال، حيث ركز على المعاجم تارة وركز على الثقافة والتاريخ تارة أخرى، كما أنه قام بالتنويع بين مصادر جمع المادة، فتارة جمع المصطلحات المدروسة من الكتب، وهذا ما طبقه في دراسة مصطلحات السفن الكلاسيكية، ودراسة أخرى عن مصطلحات اللباس والطعام، حيث اعتمد فيها على أربعة أعمال أدبية، وتارة جَمَعَ المصطلحات من كلام أصحاب الصنعة وهذا ما طبقه في دراسته حول المصطلحات البحرية في الخليج العربي والبحر الأحمر.

مشاركة :