تجنّب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أمس، تقديم اعتذار آخر عن استعمار بلاده دولاً آسيوية وجرائمها في الحرب العالمية الثانية، مكتفياً بالإعراب عن «حزن عميق» وأسفٍ لـ»معاناة» سبّبتها طوكيو لـ»أبرياء». لكنه طالب بإعفاء الاجيال المقبلة في اليابان، من «الاعتذار» عن ماضٍ لا علاقة لها به. وما زال إرث الحرب يطغى على علاقات اليابان مع الصين وكوريا الجنوبية اللتين عانتا في ظل احتلال اليابان واستعمارها طيلة 35 سنة، قبل هزيمتها في 15 آب (أغسطس) 1945. وتتحدث الصين عن مقتل أكثر من 20 مليوناً من مواطنيها، نتيجة الفظائع اليابانية. وتطالب بكين وسيول آبي بالتزام «اعتذار نابع من القلب» قدّمه رئيس الوزراء السابق توميتشي موراياما عام 1995، عن المعاناة التي سببها «الحكم الاستعماري والعدوان» الياباني، معرباً عن «أسف عميق» واعتذار شديد لـ»ضرر بالغ» سبّبته بلاده في آسيا. وبات «بيان موراياما» المعيار للإعتذارات اليابانية التي تلتها، خصوصاً بعدما تعرّض آبي الذي عاد الى السلطة عام 2012، لانتقادات بسبب تقليله من أهمية الماضي الاستعماري لليابان، ومحاولته توسيع دور جيش بلاده، نائياً عن دستورها السلمي. وأثار آبي ذو التوجهات القومية، مخاوف الدول المجاورة، بسبب دعوته الى تبنّي «نهج مستقبلي طليعي» يركّز على الدور الإيجابي الذي أدته طوكيو في آسيا بعد الحرب. كما سبّب خلافات، بسبب تعريفه لكلمة «غزو»، وأغضب كثيرين بسبب تقليله من أهمية استعباد مئات الآلاف من النساء الآسيويات، في بيوت دعارة خُصصت لـ»الترفيه» عن الجيش الياباني خلال الحرب. وزار آبي عام 2013 معبد «ياسوكوني» الذي تعتبره دول الجوار رمزاً للماضي العسكري لليابان. وأشار آبي أمس الى «معاناة لا تُحتمل سبّبها الجيش الياباني»، معرباً عن «حزن عميق وتعاز خالصة» لقتلى الحرب. وتحدث عن «أضرار ومعاناة لا حصر لها، سببتها بلادنا لأبرياء»، وأضاف في الذكرى السبعين لاستسلام اليابان: «حين أتأمل الآن هذه الحقيقة الواضحة بإنصاف، أجدُ نفسي عاجزاً عن التعبير ويعتصر قلبي حزن شديد». وذكّر بأن «اليابان عبّرت مراراً عن مشاعر ندم عميقة، وقدّمت اعتذارات صادقة على أعمالها خلال الحرب»، وتابع: «كرّسنا أنفسنا دائماً من أجل سلام وازدهار المنطقة منذ انتهاء الحرب». وشدد على ان «هذه المواقف التي عبرت عنها الحكومات السابقة، ليست قابلة للإهتزاز»، وزاد: «حفرنا في قلوبنا معاناة الدول الآسيوية المجاورة». وأعرب آبي عن أمل بأن تعترف الصين بـ»المشاعر الخالصة» لليابان، وأن تتاح له فرصة للقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ. واستدرك ان «اكثر من 80 في المئة من سكان اليابان، وُلدوا بعد الحرب، وعلينا ألا نُبقي أبناءنا وأحفادنا وحتى الاجيال التالية التي لا علاقة لها بالحرب، محكومين بالاعتذار عنها». وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «ماينيشي» أمس أن 47 في المئة من اليابانيين يعتقدون بأن مشاركة بلادهم في الحرب كانت خطأ، اذ انها كانت غزواً. لكن 44 في المئة اعتبروا ان طوكيو اعتذرت بما يكفي عن الحرب، فيما رأى 31 في المئة عكس ذلك.
مشاركة :