ثمة نفس جديد وحازم، فيما يبدو حتى الآن، لدى القارة الأوروبية، في معاملة الجمعيات والجماعات «الإخوانية» لديها، وأيضاً الشيعية المتخيمنة. بعيد جريمة فيينا على يد المتطرف الألباني - النمساوي، حدثت صدمة في النمسا، من آثارها قرار الحكومة النمساوية الذي أعلنه المستشار النمساوي، سيباستيان كورتس، الأربعاء الماضي، حاصله أن بلاده صنّفت جماعات «الإسلام السياسي» وفكر الإسلام السياسي بأنه جريمة جنائية. وأضاف كورتس أن النمسا ستلاحق الأشخاص الذين يوفرون أرضية خصبة للإرهاب، حتى لو لم يكونوا إرهابيين. هذا تطوّر نوعي خطير، وله تبعات كثيرة، رغم أن النمسا ليست من عمالقة أوروبا، لكنها في قلب القارة العجوز، وهي تواجه خطراً يلّم بالقارة جمعاء، من فرنسا إلى بريطانيا إلى ألمانيا إلى إسبانيا إلى إيطاليا لهولندا، إلى كل المجموعة الأوروبية. درج الحركيون «الإخوان» على اتخاذ الغرب مهاجراً لهم، ومركزاً لنشاطهم، تحت بيرق الديمقراطية والحرية واللجوء السياسي، وهذا دجل محض، فأي حرية ديمقراطية ليبرالية يبحث عنها أمثال أبو قتادة الفلسطيني، وأبو حمزة المصري، وياسر السري، وهاني السباعي، والمسعري، والفقيه... إلخ؟! لدى كشّافي «الإخوان» عيون، تدور يمنة ويسرة، بحثاً عن ملاذات آمنة، والتسلل لها، ولا مانع من التغلغل داخل نظامها السياسي، مثلما رأينا كيف أن الكونغرس الأميركي نفسه صار به أعضاء يخدمون الجماعة وإردوغان وقطر بحماس غامر! من الأمثلة على ذلك، في اصطياد الجيوب البعيدة في العالم الغربي، ما كشفه بحث للصحافي المصري، المهتم، حسن خليل، نشرته منصة «حفريات» المتابعة لقضايا الإسلاميين. حسب البحث الذي اتخذ من أوكرانيا مثالاً، فقد ساعدت الأوضاع الداخلية في أوكرانيا على ظهور المؤسسات التابعة لـ«الإخوان المسلمين»، ففي العام 1997 بعد 6 أعوام من الاستقلال، ظهرت أهم مؤسسة إسلامية بأوكرانيا، التي ارتبطت بآيديولوجيا «الإخوان المسلمين»، وهي اتحاد المنظمات المعروف بـ«الرائد». يضيف الباحث خليل أنه منذ العام 2018 تكررت مداهمات الأمن الأوكراني لمقرات «الرائد»؛ حيث ألقي في المداهمات الأخيرة القبض على نحو 80 شخصاً، متهمين بممارسة أعمال إرهابية في سوريا، وهم مطلوبون على قوائم الإنتربول الدولي. الأمن الأوكراني نشط في ملاحظة وملاحقة خلايا «الإخوان» لديه، ومن آخر ذلك ما جرى في مايو (أيار) الماضي، حين قامت قوات أمنية تابعة لجهاز الأمن الأوكراني «إس بي أو»، باعتقال معتز محمد ربيع، بتهمة كونه من القيادات «الإخوانية» الفارّة، تمهيداً لتسليمه إلى مصر، واتهمه المسؤولون الأوكرانيون الأمنيون بأنه يقوم بالترويج للأفكار الأصولية بين الطلاب الدارسين من المسلمين، في منطقة بولتافا. إذن، هل هي «انتفاضة» غربية «جذرية» للتعامل مع هذه المحاضن التربوية «الإخوانية» التي تسهم في صناعة التطرف وبناء القاتل الأصولي، وتجريف الثقافة المحلية... انتفاضة على الذات الغربية المخادعة والمكابرة طيلة العقود الماضية، أم هي فقط «فشة خلق» ستطير مع الرياح؟
مشاركة :