يعد الدكتور حسن المنيعي، الذي رحل عن عالمنا مساء أمس الجمعة، عن عمر ناهز 79 عاما بعد صراع مع المرض، أحد أعمدة المسرح المغربي، وأبرز المتخصصين في النقد الأدبي والبحث المسرحي، الذي لقبه المسرحيون بـ"عميد النقد المسرحي" و"أستاذ الأجيال"، وقد أولى اهتماما كبيرا لقضية الأشكال الفرجوية التراثية المتأصلة في الثقافة المغربية، وقد عالج في أعماله الأدبية القضايا المسرحية المتعدة منها قضية الأشكال ما قبل المسرحية، والتأسيس والتأصيل والتطور، والنقد المسرحي. يقول "المنيعي": "إن المسرح يستمد حضوره من الواقع الاجتماعي والسياسي، وهذا ما أسس له عشاقه وصانعه من المسرحيين الهواة منهم والمحترفين الذين يرجع لهم الفضل في تأسيس ثقافة مسرحية جادة، لعب فيها النقد المسرحي حضورة الفعلي في دراسة أبعادها الفنية والفكرية". ولد "المنيعي" في السابع عشر من أغسطس 1941، بمدينة مكناس بالمغرب، ثم انتقل إلى فرنسا لمواصلة دراسته العلمية بجامعة السربون 1970، وحصل على الدكتوراه في 1983، أثرى بمؤلفاته الأدبية والبحثية الحركة المسرحية المغربية، وأصبح علامة بارزة في النقد المسرحي.يرى "المنيعي" في كتابه "المسرح الحديث.. إشراقات واختيارات" أن المسرح فن خالد، لذلك فإنه كانه يسعى دائما إلى ابتكار أدبيات وأساليب للتأكيد على التدرج الحضاري للإنسان وتحديد موقعه الكوني، وإن ارتباطه بالحركات الأدبية وقدرته على احتواء الفنون الأخرى هما اللذين جعلا منه بؤرة للتجديد المستمر عبر العصور، وفضاء للامتوقع الأدبي والفني، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار كل التطورات التي عرفها مع الحركة الرومانسية في القرن الثامن عشر، ومع ظهور المخرج في بداية القرن الماضي، ومن هنا تهدف الدراسة الواردة في هذا العمل إلى إلقاء الضوء على بعض القضايا الفكرية التي بلورت تاريخه العريض.عالج "المنيعي" في دراسته النقدية "إطلالة على تاريخ المسرح المغربي ومساره الفني" من بين ثلاثة عشر دراسة في كتابه الشهير "عن المسرح المغربي.. المسار والهوية"، بالدراسة والتحليل بعض الأشكال المسرحية ذات الطقوس الدينية والاحتفالات الجماعية أو كفرجات رسمية يحكمها الفكاهة والارتجال، ليعرج بعد ذلك إلى البدايات الأولى للمسرح المغربي، الذي يقوم على التمثيل الحقيقي، بمعناه الحديث فيركز على زيارات الفرق الشرقية التي توافدت على العديد من المدن المغربية وعن طريق الاحتكاك معها، لذلك بدأت الممارسة للمسرح في المغرب تأخذ مسارا تواصلا منفتحا ومتجددا.ذكر "المنيعي" بعض التجارب المسرحية التي تركت بصمة واضحة في تاريخ المسرح العربي وخاصة المغربي، فتوقف على تجربة محمد قاوتي ومساره الفني، ثم تجرية عبدالقادر السميحي وذلك من خلال قراءته في مسرحية "حارس المرحضة العمومية"، إلى جانب تجربة الزبير بن بوتشي، وذلك من خلال قراءته لمسرحية "طنجيتانوس" التي قدمها للمسرح قبل نشرها في كتاب.شارك "المنيعي" في العديد من المحافل المحلية والدولية، بالإضافة إلى المهرجانات المسرحية داخل المغرب وخارجها، وبفضل إنتاجه الأدبي العزير جعلته ينال العديد من الجوائز والتكريمات.
مشاركة :