عندما تُختزل الرسالة المحمدية في «الشكل»

  • 8/15/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أتت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم جامعة مانعة لأعمال البر والخير، فما من خير إلا ونادت به، وما من شر إلا وحذرت منه، وورد في الأثر «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وإنه مما يندى له الجبين أن الأمة الإسلامية في عصرنا هذا وربما في عصور خلت لم تعرف من تعاليم هذه الرسالة إلا إعفاء اللحية، وما سوى ذلك يعد من فضول البر ونوافل المعروف.. فبعض أفراد الأمة الإسلامية إذا أراد الواحد منهم أن يتمسك بهذه الرسالة والدين الذي أتت به فما عليه بادئ ذي بدء إلا أن يعفي لحيته!! وما بعد هذا إن تأتى وإلا لا مشكلة طالما أن اللحية موجودة! كما أنه بنفس الوقت ترى الأمة أن الشخص الذي حلق لحيته فهو قد طوح بتعاليم هذه الرسالة وأنه خال من هذه التعاليم.. وكأن اللحية أصبحت العلامة الفارقة بين المتمسك بدينه وغير المتمسك، فوجودها أمارة على التمسك وحلقها أمارة على غير ذلك.. وصدق الشاعر العربي حينما أراد أن يشخص واقع أمته في حقبة من الحقب الإسلامية فذهب يقول: أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم يا أمتي/ إن الدين الإسلامي سامِ بتعاليمه باقِ بمضامينه، له أسس ومبادئ وجذور تنبت في سويداء القلوب.. فجذر الدين ليس لحية فقط بل إنه إخلاص العبادة لرب هذا الكون الذي ما من ساكنة ولا خافقة إلا هي بقبضته.. يا أمتي/ ارتقوا بمستوى هذا الدين لمقام الإله العظيم الذي يعول على إصلاح القلوب والبواطن لا على إصلاح الظواهر! وأي ضلال تصل إليه هذه الأمة حينما تختزل هذا الدين باللحى، وما سوى ذلك لا يهم! إن وجد وإلا فلا ضير.. يا أمتي/ ارتقوا إلى مستوى هذا الدين وإلا سنبقى أضحوكة للبشر.. إذا كان لم يسق من تعاليم هذا الدين إلا تلك! إن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أعفى لحيته فهو قبل ذلك لم يفجر ولم يغدر ولم يكذب ولم يحقد ولم يحسد ولم يبخل بندى يديه بل راح ينصر المظلوم ويطعم الجائع ويكرم الضيف ويقرئ السلام ويمسح دمعة اليتيم ويفك العاني ويحرر الرقاب ويرحم الضعيف ولم يتهكم على هذا ويتشفى بذاك أو يتلذذ بمصائب ذاك.. وقبل هذا وذاك هو عبد خشي رب السموات والأرض وطأطأ برأسه إذلالاً له فظاهره كباطنه وباطنه كظاهره.. إذا كان كل هذا موجودا عند نبينا صلى الله عليه وسلم فخليق بنا أن نعتبر أن لحية محمد صلى الله عليه وسلم هي من شعائر هذا الدين فيجب أن تعتز بها ونكرمها ونتأسى بها فباطنه أنبت ظاهرا يجدر أن نشير إليه.. إذا كل لحية تجردت من أوصاف محمد صلى الله عليه وسلم فهي ليست بشعيرة إسلامية.. وحتى أكون معك أيها القارئ الكريم أمينا في طرحي هذا، فليس كل أفراد الأمة الإسلامية هكذا.. بل يوجد أخيار أبناء أخيار حملوا لواء تعاليم هذا الدين فما من شاردة ولا واردة إلا وأخذوا بها.. دعني أيها القارئ الكريم أوضح فكرتي في هذا المقال وهو أن في هذا الدين شعائر عظيمة يجب أن لا تتوارى خلف إعفاء اللحية.. إن الدين الإسلامي أحياناً يُقزّم بترك مضامين متينة وشعائر نبيلة ولايُمارس منه سوى أشياءً هي أحياناً ليست من الدين في شيء.. إن جوهر الإسلام لانشهد له أرضية صلبة في العالم الإسلامي!! ومما يؤسف له أن جوهر الدين يُمارس في العالم الغربي ويخلو منه العالم الإسلامي!! إن مضامين هذا الدين قد هاجرت إلى بلاد الغرب ولم يُر منها إلا النزر اليسير في العالم الإسلامي!! أي أن الاسم لنا والمضامين لغيرنا.

مشاركة :