فورمولا واحد: هاميلتون من معاناة الطفولة إلى عظمة شوماخر

  • 11/15/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحوّل البريطاني لويس هاميلتون من طفل فقير لوالد أسود البشرة وأم بيضاء انفصلا عن بعضهما حين كان في الثانية من عمره، الى أحد أعظم سائقي بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بعد إحراز لقبه العالمي السابع الأحد ومعادلته رقم الأسطورة الألماني ميكايل شوماخر. حمل تتويجه في اسطنبول الرقم 94 في مسيرته - ليحصد ابن الخامسة والثلاثين لقباً عالمياً جديداً بعد 2008، 2014، 2015، 2017، 2018 و2019. انضم هاميلتون، الفاعل اجتماعياً لاسيما في ما يخص مكافحة التمييز العنصري، إلى الفريق الألماني في 2013 وضمن لقبه الخامس تواليا والسابع في مسيرته، بعدما رفع رصيده إلى 307 نقاط في الصدارة أمام زميله الفنلندي فالتيري بوتاس (197) وسائق ريد بول الهولندي ماكس فيرشتابن (170) قبل ثلاث جولات على نهاية الموسم. قال هاميلتون بعد معادلة رقم شوماخر "لا اجد الكلمات المناسبة. ما حققته تخطى جميع احلامي". ذكر البريطاني بعد تخطي رقم شوماخر بعدد السباقات المحرزة أن "مجرد التواجد مع هذا الفريق يلهمني على مواصلة الضغط والسعي لتحقيق نجاحات أكبر. لا يوجد شعور يشبه التواجد والتسابق لمصلحة مرسيدس. لم يكن بإمكاني سوى أن أحلم بتحقيق هذه الإنجازات. لم تكن لدي الكرة السحرية عندما اخترت الانضمام الى فريق مرسيدس، لكني هنا الآن، أحاول استغلال كل يوم بأفضل طريقة ممكنة. لهذا السبب يمكن للجميع ملاحظة هذه النتائج". وكان هاميلتون انتزع رقما قياسياً آخر في حوزة شوماخر هذا الموسم عندما اعتلى منصة التتويج للمرة الـ156 في مسيرته خلال سباق إسبانيا في آب/أغسطس الماضي، وقد رفعها في سباق اليوم الى 163 مرة. - فضل الوالد - كما تفوق هاميلتون على شوماخر في عدد مرات الانطلاق من المركز الأول عام 2017 حيث نجح في ذلك 97 مرة، في مقابل 68 للألماني و65 للبرازيلي الراحل إيرتون سينا. يدين هاميلتون بوصوله الى هذه المكانة لوالده أنتوني. على رغم وضعه المادي الصعب، لم يبخل في تنمية موهبته منذ الصغر، واضطر للعمل في ثلاث وظائف، لتوفير ما يكفي من المال ليتمكن لويس من المشاركة في سباقات "الكارتينغ". لم يخف فقر الطفولة الموهبة الاستثنائية التي تمتع بها هاميلتون منذ نعومة أظفاره، وجعلت منه سائقاً بالفطرة. في العام 1995، وفي سن العاشرة، استعار هاميلتون ملابس بطل سابق للفئات العمرية في سباقات الكارتينغ البريطانية، وأحرز اللقب خلفاً له. تعرف الى رئيس ماكلارين في حينه رون دينيس. طلب الفتى هاميلتون من دينيس توقيعاً تذكارياً وقال له "يوماً ما أريد أن أشارك في السباقات معك"، ليرد عليه الأخير بالقول "اتصل بي بعد تسعة أعوام وسأعقد معك صفقة". لم ينتظر دينيس تسعة أعوام. بعد ثلاثة فقط، وافق على رعاية مسيرة هاميلتون التي تدرجت في الفئات الدنيا للفورمولا، قبل أن يخوض أول سباقاته في الفئة الأولى مع الفريق البريطاني عام 2007. - عنيد، صلب، سريع - لم ينتظر هاميلتون طويلا ليفرض نفسه في رياضة لا ترحم، أكان على صعيد التنافس الشرس بين السائقين، أو حتى على صعيد المتطلبات البدنية لكل سباق. عنيد، صلب، ومتفرد بقراراته... صفات مضافة الى موهبته، ساهمت في تحقيقه "عاصفة" في موسمه الأول مع اقترابه من إحراز اللقب، لاسيما بعدما اعتلى منصة التتويج تسع مرات متتالية في سباقاته التسعة الأولى. سريع الحركة على الحلبة وخارجها. متقلب المزاج، حاد الطباع أحياناً، ومنافس لا يعرف حدوداً أو خوفاً، حتى من زميل يحمل لقب بطولة العالم مرتين: في عامه الأول مع ماكلارين، تنافس مع فرناندو ألونسو، وخرج منتصراً برحيل الإسباني عن الفريق بنهاية الموسم. كان هذا الخروج إشارة مبكرة على صعوبة أن يكون أي سائق زميلاً لهاميلتون. لم يحظ البريطاني بفرصة إحراز اللقب في موسمه الأول، إلا انه لم ينتظر طويلاً: في 2008، وبمركز خامس في السباق الأخير في البرازيل حققه بشق النفس، توج بطلاً للمرة الأولى. لم يخف توتره مع فشل سيارة ماكلارين في مجاراة الألماني سيباستيان فيتل وريد بول بين 2010 و2013، عندما هيمن السائق الأشقر على بطولة العالم. انتقل إلى مرسيدس، مبتعداً في الوقت نفسه عن سطوة دينيس في ماكلارين، وسطوة والده أنتوني كمدير لأعماله. في الفريق الألماني، بات زميلاً لصديق الطفولة: الألماني نيكو روزبرغ. بدأ هاميلتون تدريجياً باتباع نمط حياة باذخ لاسيما في الولايات المتحدة، حيث صار نجم سهرات مع الموسيقيين ونجوم الموضة. لم يلتزم بالقيود التي عادة ما يخضع لها الرياضيون، إلا أن ذلك لم يمنعه من العودة إلى المركز الأول، وإحراز اللقب لعامين متتاليين (2014 و2015)، في ما اعتبره متابعو الفورمولا واحد كسراً لهيمنة فيتل، وفرصة لإحياء التنافس في الرياضة. - "من كان يتوقع حصول ذلك؟" - كان عام 2016 عنواناً للتنافس بين هاميلتون وزميله روزبرغ، مع مواصلة مرسيدس التفوق على باقي الفرق. في السباق الأخير، حسم الألماني لقب البطولة على حساب زميله البريطاني، وحرمه فرصة مواصلة سلسلة البطولات. إلا أن روزبرغ فاجأ الجميع باعتزاله بعد أيام من إحرازه اللقب الأول في مسيرته. ومنذ 2017، بدا هاميلتون سائقاً لا يقهر مهيمناً على بطولة العالم بشكل تام حتى الموسم الحالي الذي تجاوز فيه والسائقون الآخرون الظروف الصعبة الناجمة عن تداعيات فيروس كورونا المستجد. ويقول مدير مرسيدس توتو وولف إن هاميلتون "لا يكون راضياً أبداً. لا يهدأ. لا يكون سعيداً أبداً بما هو عليه كسائق أو كإنسان. يريد أن يحقق الأفضل، أن يتطور، وهو إلى حد كبير جزء من قيادة الفريق". بعدما حقق الكثير وكان خير سفير لرياضته، ظهر اهتمام كبير لهاميلتون في القضايا الاجتماعية. في الموسم الماضي، عبّر عن مخاوف بشأن البيئة وكشف عن حالة يأس عالمية معلناً أن الكوكب: مكان "فاسد" وشعر بأنه يريد "الاستسلام". تعليقات إلى جانب الكشف عن أسلوب حياته النباتي دفعت البعض لاتهامه بالنفاق. أما هذا الموسم فناشد مزيداً من التنوّع في عالم الفورمولا واحد، على وقع تحركات "حياة السود مهمة" في الولايات المتحدة. شكلت مسيرته وسعيه لحرية التعبير مصدر نصح للسائقين الشبان "انصح أي طفل يحاول التسابق بعد الاستماع لأشخاص يقولون له إنه بحاجة لمعد ذهني للمساعدة في التحكم بعقلك.. عليك أن تنطلق بحرية وتكتشف نفسك. الأمر كلّه يتعلق بالاكتشاف. وأنت فقط من يمكنه القيام بذلك".

مشاركة :