مشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا لم تخلُ علاقات التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ عقود من سلسلة من التوترات والخلافات التي كان سرعان ما يتم احتواؤها، ولكن الصدام الجاري بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشأن الاتفاق النووي الإيراني المثير للجدل وصل ذروته بشكل مقلق، ولكنه حتما لن يفضي إلى فض هذا التحالف. التوتر غير المسبوق بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية، الذي يرتكز على جبهة كسب ود يهود أميركا من جهة، وكسب الغالبية المطلوبة في الكونغرس لمنع تنفيذ الاتفاق النووي من جهة ثانية، يأتي في وقت يوصف أوباما بأنه من أكثر الرؤساء الأميركيين خنوعاً لإسرائيل، وأكثر من تحمّل إساءات زعمائها، حيث عبّر الكاتب الأميركي الشهير باتريك بوكانن عن امتعاضه من سيطرة جماعات الضغط الإسرائيلية على صناع القرار في واشنطن، قائلا إن مبنى الكونغرس عبارة عن مستعمرة إسرائيلية. جولة جديدة جولة نزال جديدة يخوضها نتانياهو مع إدارة أوباما بخطابه إلى المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة حول مساوئ الاتفاق النووي، بعد خطاب تحريضي ضد الاتفاق في مارس الماضي أمام الكونغرس عقر دار أوباما. رئيس الوزراء الإسرائيلي أبدى تصميما واضحا تجاه التدخل في السياسة الداخلية الأميركية، في ما يحمل إشارات بأن غايته تتجاوز إبطال الاتفاق النووي، لكنه نفى أن يكون سبب معارضته يكمن في العلاقات المتوترة مع أوباما، وقال: الخلافات بيننا حول إيران لم تكن شخصية أبدا. لكن التنافس على جبهة يهود أميركا بلغ ذروته عندما استضاف أوباما في البيت الأبيض ممثلين عن عشرين منظمة يهودية أميركية وناشطين يهود، لعرض موقفه من الاتفاق مع إيران، والتأكيد على أنه في حال تم شن هجوم على إيران فإن إسرائيل هي التي ستدفع الثمن، ما يهدد العلاقات بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي. وبحسب تسريبات، أبلغ أوباما الحضور أنه على استعداد للقاء نتانياهو للبحث في الاحتياجات الضرورية لأمن إسرائيل، إلا أن نتانياهو لا يزال غير مستعد لإجراء مثل هذا اللقاء. جبهة الكونغرس أما على جبهة الكونغرس، فقد التقى نتانياهو مؤخرا عددا من أعضاء الكونغرس ليشرح لهم موقفه الرافض من الاتفاق، كما تنشط لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية في ترتيب زيارات لأعضاء جمهوريين وديمقراطيين إلى إسرائيل من أجل الاستماع إلى مواقف المسؤولين الإسرائيليين من الاتفاق النووي. ورجح رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية الإسرائيلية تساحي هنغبي، المقرب من نتانياهو، معارضة الكونغرس الاتفاق الدولي مع إيران في التصويت الذي سيجري خلال الاسابيع القليلة المقبلة. رفض أميركي أوباما بدروه، انتقد موقف نتانياهو غير المسبوق، قائلا إنه لا يذكر أن زعيم دولة أجنبية تدخل يوما ما في شؤون السياسة الأميركية بطريقة نتانياهو. كما عبّرت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس عن تدهور العلاقات بالقول إن هذا السلوك من قِبل نتانياهو غير مقبول، بل ومدمر للعلاقات الاستثنائية التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. معركة حياة صحيفة هآرتس الإسرائيلية أشارت إلى أن كلاً من نتانياهو وأوباما يتعامل مع الأمر وكأنه معركة حياته، التي ينبغي فيها بذل كل جهد من أجل تحقيق النصر. وأوضحت أن نتانياهو حاول بعد توقيع الاتفاق اتباع سياسة حذرة وعدم شن حملة علنية وهجومية، لكنه يتصرف كمن تخلى عن الحذر مراهنا على توفر فرصة لإقناع ما يكفي من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب بمعارضة الاتفاق، وإبطال الفيتو الذي يمكن لأوباما استخدامه بعد التصويت في 20 سبتمبر المقبل، مسنودا من اللوبي الصهيوني الذي بدأ بشن حملة واسعة ضد الاتفاق بنحو 40 مليون دولار. كما بدأ السفير الإسرائيلي في واشنطن رون دريمر لقاءاته الماراثونية مع المشرعين الأميركيين، فضلاً عن تصريحات نتانياهو المتتالية لوسائل الإعلام الأميركية في محاولة لتأليب الرأي العام الأميركي ضد الاتفاق. ورغم الصراع الدائر بين القيادتين، أعلن في تل أبيب أن وفدا أميركيا رفيعا سيصل في سبتمبر إلى إسرائيل، للمشاركة في زيادة التعاون بين الجهات الاستخبارية في البلدين، لذا فإنه لا ينبغي التعويل على قطيعة بين الجانبين، لاسيما وأن المصالح المشتركة لا يمكن التفريط فيها، وحتى وان بدا هناك خروج نسبي للولايات المتحدة عن خط حماية إسرائيل. خلافات أكد رئيس المعارضة الاسرائيلية يتسحاق هرتزوغ وجود خلافات جوهرية بينه وبين بنيامين نتانياهو حول الملف الإيراني، موضحا أنه لا يجوز أن يدور الجدل مع واشنطن بصورة علنية. فيما انتقدت النائب في الكنسيت تسيبي ليفني، من المعسكر الصهيوني، سياسة نتانياهو قائلة إنه لا يمكن الانشغال بلي الأذرع في الكونغرس فقط دون الانشغال بانعكاسات الاتفاق، مشددة على أن إيران هي العدو وليست الولايات المتحدة.
مشاركة :