أكدت مصادر مغربية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع هادئ في معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا، وفي عموم المنطقة العازلة بالصحراء، مشيرة إلى أنه باستثناء المناوشات التي قامت بها ميليشيات جبهة البوليساريو أخيراً، بعد أن أعاد المغرب الأمور إلى طبيعتها في المعبر الحدودي، لم يسجل أي إطلاق نار في المنطقة.وكان منتدى «القوات المسلحة الملكية - المغرب» قد ذكر على شبكة «فيسبوك»، الأحد، أن عناصر القوات المسلحة الملكية ردت على استفزازات البوليساريو المتمثلة في إطلاق النيران على طول الجدار الأمني (الدفاعي) المغربي في الصحراء.وأوضح المصدر أنه «منذ السبت، 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، قامت ميليشيات البوليساريو باستفزازات عبر إطلاق النيران على طول الجدار الأمني، دون إحداث أي أضرار بشرية أو مادية بصفوف القوات المسلحة الملكية». وأضاف المنتدى أنه «تنفيذاً لأوامر بعدم التساهل مع أي استفزاز من هذا النوع، ردت العناصر الباسلة للقوات المسلحة الملكية بشكل حازم على هذه الاستفزازات، ما خلف تدمير آلية لحمل الأسلحة شرق الجدار الأمني بمنطقة المحبس». وكشف المنتدى أنه جرى رصد مجموعة من الاستفزازات بنقاط أخرى من الجدار الدفاعي «لا تكاد تكون سوى أعمال صبيانية أكثر مما هي عسكرية».ولاحظ المنتدى غياب رغبة في تصعيد حقيقي من جانب البوليساريو التي وصفها بـ«الجبانة»، وإلا لكانت وجهت فعلياً طلباً لبعثة «مينورسو» بمغادرة مراكزها في مخيمات الجبهة بالرابوني في الجزائر أو بالمنطقة العازلة، مؤكداً أن ما يجري حالياً هو «محاولة خلق فرقعات إعلامية لتهدئة الوضع في المخيمات بعد النكسة التي تلقتها الجبهة أخيراً بالكركرات».وفي غضون ذلك، لم يصدر عن بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) أي بيان بشأن وقوع معارك على مشارف الجدار الدفاعي المغربي.وعلى صعيد ذي صلة، عد الدكتور سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي متزعم الائتلاف الحكومي، مساء الأحد، تحرك المغرب في الكركرات بمثابة «تحول استراتيجي» سيمنع الجبهة الانفصالية من قطع الطريق مستقبلاً. وأبرز العثماني، في كلمة له خلال مهرجان خطابي وطني رقمي بخصوص عملية تأمين معبر الكركرات نظمتها الأمانة العامة للحزب على منصات التواصل الاجتماعي الرسمية للهيئة السياسية، أن هذا التدخل «أمر إيجابي للسكان ولحركة التجارة والاقتصاد وللعلاقات بين المغرب وعمقه الأفريقي».ولفت الأمين العام للحزب إلى أن القوات المسلحة الملكية قامت بإنشاء حزام أمني لتأمين الطريق الرابط بين المغرب وموريتانيا لمنع وصول ميليشيات الجبهة إلى الطريق المدنية، مذكراً بأن «البوليساريو» دأبت منذ سنوات على خرق اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة العازلة. وعد العثماني أن تحركات الجبهة بالكركرات كانت نتاج خوفهم من الانهزامات المتتالية للأطروحة الانفصالية، مشدداً على أن المغرب تحلى بدرجة عالية من الصبر ومن التحمل، لكن ميليشيات البوليساريو تمادت في طغيانها، وتجاوزت كل الحدود، إلا أنه بعد استنفاد كل الوسائل كان من الضروري أن تتدخل المملكة.وبعد أن استعرض الانتصارات الدبلوماسية للمغرب، وزخم التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأقاليم الجنوبية الصحراوية للمغرب، عبر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عن تثمين الحزب للموقف القوي الحازم للملك محمد السادس بشأن موضوع معبر الكركرات، مؤكداً تعبئة الحزب مع جميع القوى السياسية والمدنية للدفاع عن السيادة ووحدة تراب المغرب.ومن جهته، لفت مصطفى الخلفي، القيادي في الحزب، إلى أن العملية التي قام بها المغرب في الكركرات «لم تكن ظرفية، بل إزاء حل جذري دائم لعبث واستفزاز يائس من طرف الانفصاليين في المنطقة العازلة»، معتبراً أنها عملية تدشن لمرحلة جديدة تضاف إلى ما قامت به المملكة من عمل طيلة سنوات على الجبهات الدبلوماسية والتنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.وأبرز الخلفي أن موقف المغرب بشأن الكركرات «ليس وليد أيام، بل موقف ممتد، كان نتاج سياسة صبورة حكيمة استنفدت كل الوسائل والمساعي الممكنة»، مشيراً إلى أن المملكة المغربية لجأت إلى التدخل بحزم بعد استنفاد كل الوسائل المتاحة لإيقاف هذا العبث. وشدد الخلفي على أننا «اليوم أمام مرحلة جديدة ستنهي مسألة تصدير أزمات الانفصال داخل المخيمات إلى الكركرات»، مسجلاً أنها مرحلة تؤكد أن «الحل السلمي يظل الحل الوحيد المتبقي أمام الانفصاليين».ومن جانبها، شددت الأمينة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بمنطقة العيون - الساقية الحمراء، عزوها العراك، على أن تحركات «البوليساريو» بالكركرات كانت بهدف التشويش على النجاحات التي حققها المغرب على مختلف الأصعدة. وأضافت العراك أن هذه النجاحات لن يقاربها خصوم المملكة بارتياح، لأنها أظهرت الأزمة الخانقة التي يعيشونها، والتي لم تعد خافية على أحد، خاصة أن وسائل التواصل الرقمي الجديدة قد أظهرتها بوضوح.وأوضحت أن المغرب تعامل مع الاستفزازات التي تقوم بها «البوليساريو» بكثير من الصبر والحكمة، مشيرة إلى أن القوات المسلحة الملكية قامت بتدخل واضح الأهداف، يتمثل في ضمان انسياب الحركة المدنية بمعبر الكركرات.وتوالت ردود فعل البلدان الأفريقية المؤيدة للمغرب. فعبر رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) لساو تومي وبرانسيب، ديلفيم سانتياغو داس نيفيس، عن تضامنه مع المملكة المغربية، وتنديده بالأعمال الاستفزازية التي تقوم بها «البوليساريو» بمعبر الكركرات. كما عبرت جيبوتي عن تضامنها وتأييدها التام للإجراءات التي اتخذتها المملكة المغربية لضمان انسياب حركة السلع والبضائع والأفراد عبر منطقة الكركرات العازلة. وأعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجيبوتي، في بيان، عن استنكارها لأي ممارسات من شأنها أن تهدد حركة المرور في هذا المعبر الحيوي للتجارة بين المملكة المغربية والعمق الأفريقي.ومن جهتها، أكدت وزارة الخارجية الغابونية أن ليبرفيل تدعم الخطوات التي اتخذها المغرب لحماية المنطقة العازلة بالكركرات من أجل ضمان التنقل المنتظم للبضائع والأشخاص. كما أعربت الغابون عن قلقها العميق إزاء العمليات غير القانونية التي نفذتها البوليساريو في منطقة الكركرات منذ 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مؤكدة أن الغابون «تدعم الخطوات التي اتخذها المغرب من أجل تأمين هذه المنطقة العازلة لضمان التنقل المنتظم للبضائع والأشخاص».وبدوره، عبر اتحاد جزر القمر عن دعمه الكامل للمملكة المغربية التي اتخذت قراراً بالتدخل لإعادة حركة تنقل البضائع والأشخاص عبر المنطقة العازلة الكركرات. وذكرت وزارة الخارجية بجزر القمر، في بيان، أن اتحاد جزر القمر عبر عن دعمه الكامل للمملكة المغربية في معركتها المشروعة، وينوه بالتدخل البطولي للقوات المسلحة الملكية.وفي السياق ذاته، عبرت جمهورية أفريقيا الوسطى عن دعمها للتدابير التي اتخذها المغرب في منطقة الكركرات، لضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع عبر المعبر الحدودي. وأعربت وزارة خارجية أفريقيا الوسطى، في بيان، عن إشادتها برد الفعل السلمي للمملكة المغربية الرامي إلى ضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع في منطقة الكركرات، معبرة -باسم حكومة أفريقيا الوسطى- عن دعمها للمغرب المتشبث باتفاق وقف إطلاق النار، ولموقفه الثابت في إيجاد تسوية سياسية، بما يضمن أمن واستقرار المنطقة.
مشاركة :