تعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أمس بالقضاء على الفساد في بلاده، مشبها هذه الآفة "بالنمل الأبيض" الذي ينتشر ببطء ويصل إلى كل مكان، مجددا التزامه في الوقت ذاته بمكافحة الفقر. ووفقاً لـ "الفرنسية"، فقد سعى مودي خلال خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى استقلال الهند في نيودلهي، إلى تهدئة الشكوك في قيادته بعدما ألحقت اتهامات بالفساد طالت بعض مساعديه أضراراً بالإصلاحات الأساسية التي يعرقلها البرلمان. وأثارت تصريحات مودي بشأن مخاطر الفساد في ثالث أكبر اقتصاد آسيوي، وأحد أهم الاقتصادات في العالم، وأسرعها نمواً، أثارت الاهتمام بما في ذلك اعترافه بأن هذه المشكلة وصلت إلى القمة. وأكد رئيس الوزراء الهندي أن الهند ستتخلص من الفساد، وعلينا أن نبدأ من القمة، مشبهاً الفساد بالنمل الأبيض، الذي ينتشر ببطء ويصل إلى كل مكان ولكن يمكن القضاء عليه بواسطة حقنات تعطى في الوقت المناسب. وتتزامن تصريحات مودي مع ورود أسماء عدد كبير من كبار مسؤولي حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) الحاكم في عدد من القضايا، وتطال فضائح الفساد سوشما سواراج وزيرة الخارجية ورئيسي السلطة التنفيذية في ولايتي راجستان وماديا براديش. وأربكت هذه الاتهامات مودي الذي انتخب العام الماضي بناء على وعد بتطهير الحكومة بعد سلسلة فضائح إبان عهد حزب المؤتمر الذي كان حاكما قبله. وأوضح مودي في خطابه أنه ليست هناك أي اتهامات بالاختلاس موجهة الى حكومته مشيرا إلى أن قانونا جديدا حول إعلان الدخل سمح بالكشف عن مليارات الدولار المخبأة التي ستفرض عليها ضرائب الآن، مؤكداً ضرورة استئصال الفساد بشكل كامل. لكن إصلاحات اقتصادية أخرى تراوح مكانها في البرلمان بما في ذلك فرض رسوم على المبيعات ترى الحكومة أنه أساسي لتعزيز النمو. وتبلغ نسبة نمو الاقتصاد الهندي نحو 7.5 في المائة لكن البلاد بحاجة إلى إخراج مئات الملايين من الأشخاص من الفقر في ثاني بلد في العالم من حيث عدد السكان. وفي هذا الإطار، حدد رئيس الوزراء الهندي مهلة ألف يوم لمد شبكة الكهرباء إلى كل القرى في البلاد. وقال مودي إنه بعد سنوات عديدة من الاستقلال ما زالت 18 ألفا و500 قرية في الهند بلا كهرباء، داعياً الولايات في الاتحاد والأطراف المعنية إلى ربط هذه القرى بشبكة الكهرباء خلال مهلة ألف يوم. وأضاف أن حكومته تبذل جهودا شاقة ليتاح لـ 170 مليون هندي فتح حسابات مصرفية للمرة الأولى وفق برنامج تعده الحكومة، مشيراً إلى أن الفقراء يشكلون قاعدة هرم التنمية وعلينا أن نعزز تلك القاعدة، وإذا تمكنا من تقويتهم فلن يستطيع أحد وقف مسيرتنا. ولقي خطاب مودي الأول إشادة من قبل مختلف السياسيين في البلاد بعدما طرح قضايا مثل العنف والاضطرابات والنقص في المراحيض، لكن بعد 12 شهرا يبدو أن المشاكل تتفاقم ولا يبدو أن معارضيه مستعدون للمساومة. وقال مانيش تيواري وزير الإعلام السابق في حكومة حزب المؤتمر إن مودي أخفق في معالجة الاتهامات بالفساد التي طرحت في البرلمان، معتبرا أنه لا يملك "سلطة معنوية" ليأمر مساعديه بالرحيل، ولم يقل للشعب في خطابه الطويل لماذا ضاعت الدورة البرلمانية الأخيرة؟ من جهتها، كتبت صحيفة تايمز أوف إنديا أن حكومة مودي تواجه المشاكل نفسها التي واجهتها الحكومة السابقة، مشيرة إلى عجز حكومي بشأن الدفع قدما بالإصلاحات الاقتصادية التي يمكن أن تعزز النمو إلى جانب فضائح الفساد. ويرى موهان غوروسوامي المحلل في مركز السياسات البديلة في نيودلهي أن مودي حدد لنفسه مهمة مستحيلة بالدعوة إلى القضاء الكامل على الفساد، مضيفاً أن الرجل العادي لا يهمه كثيرا ما يجنيه الأشخاص في رأس الهرم من ملايين لكنه يشعر بالقلق من الرشا التي قد يأخذها منه شرطي أو مسؤول في الحكومة، وذلك لن يتوقف ولا شيء سيتغير. وكشف استطلاع للرأي أجري أخيرا لحساب شبكة التلفزيون "إيه بي بي" أن 59 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع يشعرون أن مودي لم يف بوعده بتشكيل حكومة خالية من الفاسدين.
مشاركة :