إيهاب كاسب يكتب: مُمارسة الحُب الغائبة...!

  • 11/17/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في الحقيقة جميعنا يُعاني من مشاكل كبيرة في إدراك الحُب ومُمارسته أو في التعبير عنه، ربما يعود أصل المشكلة إلى أننا لا نُجيد تعريفًا صريحًا وواضحًا لهذه الكلمة الفضفاضة التي نبني تحت عرشها آلاف القصص من الخيالات، وربما لأننا لم نتربى على مُمارسته، فقد عشنا جميعًا ظروف نشأة مُتشابهة رغم اختلاف الحواف وبعض التفاصيل الصغيرة، إلا أن الأساس كان واحدًا، فنحن كمن ألقوه في اليم، ليحاول، فإن جاد؛ عاد؛ وإن لم يستطع قذفته الأمواج، إلى حيث ما وصل الآن. شتان بين الحُب والتعبير عنه و مُمارسته، فقد خُلقنا جميعًا على فطرته، نُحب ونعشق، لكن القليل منا هو من يُدرك ذلك، والقليل من يُجيد التعبير عنه، والأقل هو من يُجيد مُمارسته؛ مُمارسته كطقس حياتي، كفطرة إنسانية نبيلة، كمشاعر مُقدسة خُلقت من نور الشمس؛ لتعيش بهذا الوضوح في التعبير والمُمارسة.! السؤال؛ هل من المنطق أن نسأل ما هو الحُب؟! كيف نُدركه؟ وكيف ومتى ولمن وبأي صورة يُمكننا التعبير عنه؟! وما الفرق بين حُب الآباء للأبناء والعكس، وكذا حُب الأخوة أو الأصدقاء، عن الحُب الذي يُفترض أن يجمع العُشاق والأزواج؟! ومن يملك زمام الإجابة عن كُل هذه التساؤلات التي يتصورها بعضنا ساذجة، رغم أنها في عُمق تفاصيل حياتنا، فمن منا لا يشغل باله الحُب بكل ما تحمله الكلمة من معاني، خاصة وإن كُنا نتحدث عن مفهومة الأوسع من أن نُقصره على وصف الحالة التي تجمع بين الأزواج وإن كانت هي إحدى صور هذه المشاعر الغائبة...!مؤخرًا كُنت أتحدث مع أحد الآباء، يشتكي من جفاء مشاعر أبنائه، وقال نصًا «أنا بحبهم؛ بس مبعرفش أقول لحد فيهم اني بحبه، هُما أكيد عارفين إني بحبهم، ما هم ولادي برضوا وأنا أبوهم، سهرت وتعبت واشتغلت عشانهم، حاولت على قد ما اقدر أعيشهم حياة حلوة، بس مقدرتش، أو على الأقل ده اللي قدرت اعمله، بس فكرة اني اقول لحد فيهم اني بحبه مبعرفش أقولها، إنما أعرف اكون جنبه، أسأل عنه حتى لو اللي مفروض يحصل هو العكس؛ أقول رأيي ومفرضوش عليه، ما هو لازم يجرب حياته، ولما يعمل حاجه غلط أو يتعب هيلاقيني ضهرة وسنده، إنما كلام الحُب ده متعودتش عليه..!»؛ هي واحده من ملايين الرسائل الضائعة بلا وجهة بين الأجيال المُختلفة؛ فلا هي خرجت من حاملها ولا هي وصلت إلى صاحبها.مشاعر غابت فجرفت أرواحنا من الحياة، جعلتها أكثر تصحرًا، وبغض النظر عن وصف المشاعر المفقودة، فإننا نتحدث عن واقع يُشير إلى فراغ في العاطفة، إلى حُزن كبير يُخيم على الكثيرين، إلى خُذلان من تجارب ربما لم تكتمل أو من مشاعر ماتت داخل أحدهم قبل أن يُفصح عنها، فالبعض لا يُدرك الطريقة الأفضل للتعبير عن مشاعره إلى من يحملها لهم، هُنا نتحدث عن كُل أنواع الحُب، بين كُل الفئات، وبكل المُسميات، الشاهد هو حالة العُزلة أو الانعزال أو الاندفاع التي يعيشها البعض، والظاهر جليًا في أغلب التدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي، هُناك من لم يجد من يحنو عليه حقًا، فهل يُمكن أن نصدق بأن أبًا أو أمًا لا يحب أحدهما أبناءه أو العكس، بالتأكيد لأ؛ لكن أحدهم لا يُدرك الطريقة التي يُعبر بها للآخر عن هذا الحُب، لا يستطيع الإعتراف بمشاعره، يكتفي فقط ببعض الدلالات المُتمثلة في حمل الأسماء... فهل هذا يكفي؟!

مشاركة :