النظام الجديد للمجالس البلدية الذي أعطى صلاحيات واسعة وسمح للمرأة بالمشاركة كناخبة ومرشحة يفتح آفاقًا جديدة أمام تلك المجالس لاستعادة ثقة الناخبين وتوسيع دائرة المشاركة وإنهاء عزوف المواطنين. وهذا ما توقعه العديد من النقاد والمهتمين بالشأن الاجتماعي، مشيرين إلى أن العزوف السابق عن المشاركة في انتخابات المجالس البلدية من المواطنين، لم يكن سوى تعبير عن فقدان الثقة في تلك المجالس التي لم تحقق طموحات المواطنين وتحسين مستوى الخدمات العامة وعلاج المشكلات الجماهيرية. و»المدينة» ناقشت التوقعات تجاه الانتخابات الجديدة مع عدد من الخبراء والمختصين الذين اختلفوا في رؤاهم حول تقييم تجربة الانتخابات البلدية في المملكة. طموحات مختلفة «كنت راضيًا عن التجربة والمدخلات والمخرجات والأهداف التي كانت واضحة، لكن المشكلة هل كانت تلك الأهداف واضحة للمواطنين؟!».. بتلك الكلمات يلخص الدكتور بشيت المطرفي عضو مجلس بلدي سابق، تجربته في المجالس البلدية السابقة، موضحًا اختلاف الطموحات بين نظام المجالس البلدية وصلاحيات أعضائها، وطموحات المواطنين الذين يرون أن المجلس معني بكل الخدمات البلدية والاجتماعية وليس خدمات أمانات المدن فقط». ويضيف المطرفي: إن المواطنين يأملون أن يكون دور المجلس البلدي أكبر من السفلتة والإنارة وتخطيط المدن والعمران، ويصل إلى الخدمات الحكومية مثل الاتصالات والمياه والكهرباء والصرف الصحي، والناخب في ذهنه أن المجلس سيعمل على تنفيذ هذه المشروعات، في الوقت الذي لا يستطيع المجلس سوى تنفيذ شيء بسيط من الخدمات البلدية. وأكد عضو المجلس البلدي السابق أن النظرة الطموحة من الناخب وعدم إداركه لصلاحيات المجالس البلدية المحدودة التي تنحصر في خدمات أمانات المدن وليس لها علاقة بباقي الخدمات، أدت إلى ضعف تقييم المجالس في أعين المواطنين. وتوقع المطرفي أن يؤدي النظام الجديد للمجالس البلدية وتوسيع صلاحياتها إلى تطوير دورها، والانفراج في علاقة المهنية بين المجالس البلدية والأجهزة الحكومية. وأكد أن مشاركة المرأة كناخبة أو مرشحة سيعترضها بعض العقبات من أبرزها قلة عدد الناخبات قياسًا بأعداد الناخبين وقلة المرشحات قياسًا لأعداد المرشحين ويعود هذا لعدة ظروف منها ما هو اجتماعي، مشيرًا إلى أن حظوظ المرشحات من النساء قليلة في الانتخابات المقبلة. برامج شفافة ويرجع الدكتور خالد برقاوي عميد كلية المجتمع بجامعة أم القرى، السبب الرئيس لفقدان المواطن الثقة في المجالس البلدية السابقة وتدني مشاركته فيها إلى النتائج والصلاحيات التي لم تصل لمستوى طموح المواطنين مما ولد في دواخلهم الإحباط، والعديد من الاحصائيات والدراسات كشفت التدني في المشاركة الانتخابية قياسًا بالدورة الأولى. وأضاف الدكتور برقاوي: إن البرامج المقدمة من المرشحين للناخبين يجب أن تكون واضحة وشفافة وأن يتم الترويج الإعلامي لها لتوثيقها، وتكون ممكنة للتنفيذ على أرض الواقع. ويمثل الواقع تحديًا للفائزين ويجب عليهم تحقيق وعودهم التي قطعوها على أنفسهم إبان فترة الترشح وبهذه الطريقة سيتمكن القائمون على المجالس البلدية في وزارة الشؤون البلدية والقروية من رفع نسبة المشاركة بين المواطنين والمواطنات. تجربة جديدة «لاشك أن البدايات دائمًا تأتي متواضعة وبسيطة لأن فكر الانتخاب والترشح جديد على المجتمع ويجب أن نكون طموحين للوصول إلى نتائج جيدة»، بتلك النظرة المتفائلة يؤكد محمد الياسي الهذلي رجل الأعمال ورئيس مجموعة ميثاق الرياض العقارية أن المجالس البلدية وضعت لخدمة المواطن والوطن والرفع من شأن الخدمات المقدمة له وإيصال صوت المواطن إلى المسؤول ومشاركته في القرار للوصول للهدف الأسمى خدمة الوطن والرفع من شأنه من خلال تعزيز اللحمة الوطنية. وأوضح الهذلي بأنه يجب عدم الحكم المسبق، فالتجربة جديدة وهذه المرحلة صارت الأفضل وسوف تحقق تلك المجالس أهدافها المنشودة، فالظروف تغيرت والثقافة الشعبية تحسنت عن المرحلة السابقة والتفاؤل قائم، ويجب العمل على تحقيق عوامل النجاح، فمجالسنا البلدية تحتاج إلى منحها صلاحيات أوسع وتوفير ميزانيات كافية لتتمكن من أداء المهام الموكلة إليها حسب النظام إضافة إلى منحها الاستقلالية المالية والإدارية وإعطائها صلاحيات تحديد أولويات المشروعات والميزانيات التي تحتاجها مدنها. والتجربة تحتاج المزيد من الدراسة وعرض الإيجابيات والسلبيات وتلافي الأخطاء وهذا يعتمد على الجهة المنظمة لهذه الانتخابات، للقيام بدور المثقِف لهؤلاء الأعضاء وشرح الهدف من إجراء هذه المجالس، ولجنة الانتخابات دورها مهم ورائد، فالاختيار الصحيح لهذه اللجنة يُبنى عليه نجاح هذه الانتخابات. الدور الرقابي «كل الانتخابات البلدية السابقة، عبارة عن تجارب ولم تخرج من هذه الدائرة حتى وقتنا الحاضر» هكذا تؤكد الرؤية الناقدة للدكتور وديع أزهر رئيس لجنة التدريب بغرفة مكة التجارية والصناعية، الذي يؤكد أن تعاون البلديات في كل المناطق مع المجالس البلدية تحصيل حاصل، ومجرد اجتماع لا يرتقي إلى مستوى آمال وتطلعات المواطنين والمواطنات، وتخدير موضعي لنقص الخدمات الأساسية وإضفاء صبغة الشفافية لها، وهو ما يتنافى مع دور المجلس الرقابي على مشروعات أمانات المدن. وأكد خالد سابق التربوي والإعلامي المكي، ضرورة قيام المجالس البلدية بخدمة المواطنين وتوفير سبل الراحة لهم، مشيرًا إلى وجود العديد من الصعوبات التي تعيق تطوير التنسيق بين الأمانات والمجالس البلدية ومجالس المناطق لخدمة المواطنين، بدلًا من الاحتفالات الكثيرة التي نراها بين فترة وأخرى. المزيد من الصور :
مشاركة :