ونحن نعيش مناسبة مرور ست سنوات لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - مقاليد الحكم، والتي يحتفي بها المواطنون والمقيمون على أرضي المملكة بقلوب محبة مطمئنة شغوفة بالإنجازات ممتنة لخير العطاء، في كل مجالات الحياة، ونتذكر بكل التقدير والفخر العناية الكبيرة التي يوليها حكام هذه البلاد منذ عهد المؤسس - المغفور له بإذن الله - الملك عبد العزيز آل سعود بعمارة الحرمين الشريفين وتجديدها ومتابعتها، حيث استهل مولاي الملك سلمان حكمه -رعاه الله- بزيارة لمكة المكرمة ثم المدينة المنورة لمتابعة مشروعات التوسعة في الحرمين الشريفين وصلاً لهذه المسيرة العظيمة، حيث اهتم ملوك هذه البلاد منذ التأسيس بعمارة وتوسعة الحرمين الشريفين. حيث وجَّه - حفظه الله - بالاهتمام والعناية والمتابعة الكاملة لأعمال توسعات الحرمين، وأكد في كلمة له - حفظه الله - ألقاها خلال زيارته للمدينة المنورة وبحضور العلماء والوزراء وشعبه كافة على أن أولى مهامه حراسة المقدسات الإسلامية والعناية بها، كما هو شأن قادة هذه البلاد بداية من الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وأبنائه من بعده إلى هذا العهد الذي وصلت فيه خدمة الحرمين إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل -ولله الحمد- وبشهادة الدول والحجاج والمعتمرين. وكانت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - قد صدرت بالاستفادة من المساحات التي تم الانتهاء منها من مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - لتوسعة المسجد الحرام, وذلك لما يشهده المسجد الحرام من إقبال كثيف من المعتمرين والزائرين في ظل تنفيذ أعمال المرحلة الثالثة والأخيرة من مشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف، وأضافت المساحات التي تمت الاستفادة منها لتحقيق مزيد من السهولة والانسيابية لقاصدي المسجد الحرام، حيث قامت رئاسة الحرمين الشريفين بتهيئة الأجزاء التي تم فتحها للاستفادة منها وإمدادها بالفرش والسجاد وماء زمزم والمصاحف والصوتيات والإضاءة وكذا الساحات المرتبطة بها.ودشَّن -رعاه الله- التوسعة الثالثة للمسجد الحرام بطاقة استيعابية تقدر بنحو مليوني مصلٍ، والتي تتألف من 5 مشروعات شملت مبنى التوسعة والساحات والأنفاق ومبنى الخدمات، والطريق الدائري الأول. ليؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مواصلة اهتمام ملوك هذه البلاد بالحرمين الشريفين ويضع بصمته بعد مسيرة ستة ملوك خلدت بصماتهم في عمارة الحرمين، والمتابع لمشروعات الحرمين الشريفين ودور الأسرة الملكية المكثف منذ عقود لتوسعة وتجديد عمارة الحرمين يجد أن ما يبذله الملك سلمان من عناية بالحرمين ومشاريعها يأتي كحلقة من سلسلة طويلة بدأها قادة هذه البلاد منذ عهد المؤسس - رحمه الله - الذي بدأ مشاريع التوسعة وهي التوسعة السعودية الأولى، حيث أولى الحرمين الشريفين اهتمامًا منذ تشرف بالولاية عليهما، واعتنى بهما عناية بالغة حيث أعلن البدء في ترميمات الحرمين الشريفين وبذل كل غالٍ ونفيس في سبيلهما. وكان من أبرز ما حققه المؤسس ترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملاً، وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه. وأمر - رحمه الله - بعمل مظلات قوية ثابتة على حاشية صحن المطاف، ليستظل تحتها المصلون وكذا الأمر بتأسيس أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة في عام 1346 هـ وتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يبنى بالنورة، وكان ذلك أول مرة في التاريخ يرصف فيها هذا الطريق. وسعى وما زال الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيّده الله - بكل قوة وعزم وحزم من خلال ورش العمل الكبرى الهادفة إلى توفير الخير والرفاهية للمواطن الذي يبادله الحب والولاء. وشهدت المملكة منذ مبايعته - حفظه الله - المزيد من المنجزات التنموية العملاقة بمختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة، وتشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته؛ ما يضعها في رقم جديد بين دول العالم المتقدمة. إطلاق رؤية 2030 قام الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود منذ توليه مقاليد الحكم بالعديد من الإنجازات والتي كان أهمها سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، تدشينه لرؤية 2030، وذلك لتحقيق العديد من الإنجازات للمملكة سواء على المدى القريب أو على المستوى البعيد، وذلك ضمانًا لمستقبل أفضل للمملكة العربية السعودية. وتهدف رؤية المملكة 2030 التي وضعها الملك سلمان ويقوم بالإشراف على تنفيذها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، إلى تحقيق الاستقرار المالي لموارد المملكة، وقد قال الملك سلمان بن عبد العزيز في هذا الصدد: «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك». وحققت المملكة تطورات ملموسة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث قام بإرساء العديد من الإنجازات. ففي مجال التعليم تحققت العديد من النجاحات من خلال ما يلي: * إطلاق مشروع «تنمية الإبداع والتميز والخاص بأعضاء الهيئات التدريسية. * إنشاء المراكز الخاصة بالتفوق العلمي في الجامعات السعودية. * استحداث برامج الابتعاث المختلفة والاهتمام بالطلاب المبتعثين. * تطوير الجامعات السعودية وتطوير البحث العلمي بها. * رفع جودة التعليم بالمملكة. وتعتبر المملكة قوة عالمية ومكانة فريدة في العالم بفضل سياستها الحكيمة ومواقفها الواضحة، وعلى صعيد الحرب على الإرهاب، حققت المملكة إنجازات بارزة في حربها ضد الإرهاب داخلياً وخارجياً. السياسة الخارجية على صعيد السياسة الخارجية، وضع الملك سلمان عقب توليه الحكم نصب عينيه تحقيق عدد من الأهداف والإنجازات ضمن الدوائر الأربع التي تمثل أولويات سياسة المملكة الخارجية، وهي الدائرة الخليجية ثم العربية ثم الإسلامية ثم الدولية. ونشطت السياسة الخارجية للمملكة، ضمن تلك الدوائر، لتعزيز العلاقات مع دول الخليج، ودعم العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، بما يخدم المصالح المشتركة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإسلامية والدولية. جهود المملكة لمواجهة كورونا منذ بداية انتشار الجائحة أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن السعودية مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد. وقال في خطاب متلفز، إن «السعوديين أظهروا قوة وثباتاً في مواجهة أزمة كورونا» وأضاف: «إننا نمر بمرحلة صعبة مثل العالم كله، ولكننا سنبذل الغالي والنفيس للحفاظ على صحة المواطنين». وأشاد بأداء الشعب السعودي في الأزمة: «إن ما أظهرتموه من قوة وثبات في هذه المرحلة الصعبة وتعاونكم التام مع الأجهزة المعنية يعد أحد مرتكزات نجاح جهود الدولة». ووجَّه خادم الحرمين الشريفين الشكر للأطقم الطبية التي تعمل على الحفاظ على صحة المواطنين. ولم تتوانَ المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، عن بذل الغالي والنفيس للدفاع عن البشرية من جائحة فايروس كورنا المستجد، فلم تقتصر مكافحتها للفايروس ومد يد العون لتخطي آثاره على الداخل السعودي فحسب، بل امتدت لمكافحته دوليًا، فبدأت جهودها بدعوة خادم الحرمين الشريفين لعقد قمة استثنائية لمجموعة العشرين، وجَّه كلمة خلالها أكد فيها أن دول مجموعة العشرين وشعوبها تواجه تحديات مشتركة، والتعاون الدولي أصبح ضرورة ملحة لمواجهتها، مضيفاً من هذا المنطلق أن المملكة تؤمن بفاعلية العمل متعدد الأطراف، للتوصل إلى توافق ذي منفعة متبادلة، والتصدي للتحديات، وصنع فرص للبشرية؛ لتخرج القمة باعتماد ضخ أكثر من 5 ترليونات دولار في الاقتصاد العالمي، كجزء من السياسات المالية، والتدابير الاقتصادية، وخطط الضمان المستهدفة، لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة، لتعلن المملكة -رئيس مجموعة العشرين لعام 2020- عن مساهمتها بمبلغ 500 مليون دولار لمساندة الجهود الدولية للتصدي للفايروس. المملكة واستضافة ورئاسة قمة العشرين ولما للمملكة من مكانة عالمية ترأست المملكة مجموعة العشرين، وسعت المملكة جاهدة لدق ناقوس الخطر حول التحديات المستجدة التي تهدد العالم، بدءاً من عنوان القمة «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع»، حيث وضعت المملكة المفاتيح للعديد من الحلول المتعلقة بالملفات الاقتصادية والصحية والتنموية، مؤكدة من اليوم الأول لرئاستها للقمة أهمية إظهار رؤيتها العالمية الجديدة، وقدرتها على قيادة الأجندة العالمية الطموحة بتقديم سياسات فاعلة ومستدامة للتعامل مع تلك المستجدات، وإيجاد حلول للقضايا الملحة للقرن الحادي والعشرين، وكان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع قد أكد منذ اليوم الأول لتولي المملكة لرئاسة قمة العشرين في الأول من ديسمبر 2019 على التحديات المستقبلية المستجدة أمام العالم وأهمية التوافق الدولي، مؤكداً أن المملكة تلتزم من خلال رئاستها مجموعة العشرين بمواصلة العمل الذي انطلق من أوساكا، وتعزيز التوافق العالمي، والسعي بجهد بالتعاون مع الشركاء بالمجموعة لتحقيق إنجازات ملموسة واغتنام الفرص للتصدي لتحديات المستقبل، حيث ركز سموه على تعزيز الجهود التعاونية فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والتنموية والصحية، ووضع الأطر الواضحة لبحث كيفية تحقيق نمو مستدام سليم لشعوب العالم كافة. وأثبتت رئاسة المملكة للقمة الاستثنائية الافتراضية لمجموعة العشرين حول فيروس كورونا المستجد القيادة التاريخية والحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - على الساحة الدولية من خلال الكلمة التي وجهها للعالم، حيث أكد - حفظه الله - أهمية العمل العالمي المشترك لما فيه خير الإنسانية جمعاء بغض النظر عن جنس وجنسية أو ديانة، ومواصلة المملكة في مد يد العون للمحتاجين حول العالم، خصوصاً في مثل هذه الأزمات الصحية، حيث سارعت بتقديم المساعدات الإنسانية ماليًا، بدءًا من دعم منظمة الصحة العالمية بمبلغ قدره عشرة ملايين دولار أميركي، استجابة للنداء العاجل الذي أطلقته المنظمة لجميع الدول بغية تكثيف الجهود من أجل اتخاذ إجراءات عالمية لمحاربة انتشار الفيروس، إضافة للجهود التي قدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من مساعدات صحية لليمن، شملت أدوية ومستلزمات طبية وقائية وعلاجية بقيمة 3.5 ملايين دولار لمواجهة وباء كورونا، إضافة للدعم المقدم لدولة فلسطين في مواجهة وباء كورونا كموقف يُذكر بوقوف المملكة الدائم مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وتقديم مساعدات للصين تتمثل في تأمين أجهزة ومستلزمات طبية عن طريق عدد من الشركات العالمية لمكافحة فيروس كورونا. وفي اعتراف دولي بجهود المملكة في مواجهة فيروس كورونا ثمّنت منظمة الشفافية الدولية الأدوار العملية للمملكة، فظهرت من أوائل الدول التي تعاملت بشكل إيجابي انعكس في اتخاذ إجراءات استباقية للحد من انتشار فيروس كورونا، ومسخرةً كل الإمكانات المادية والبشرية لتوفير الرعاية الصحية المتكاملة مجاناً، ووفقاً للمعايير والممارسات الدولية للمواطنين والمقيمين كافة، بمن في ذلك مخالفو أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود من المصابين أو المشتبه في إصابتهم ومن دون أي تبعات قانونية أو مالية، ورأت المنظمة أن هذه الإجراءات تؤكد قدرة المملكة على بلورة رؤية «2030»، ما يعكس أدواراً سعودية لا تتوقف عند إيجاد الحلول لمشكلات الشرق الأوسط وحسب، إنما تتجاوزها لرؤية عالمية وإنسانية.
مشاركة :