الإنفاق السعودي الضخم على التعليم جاء ضمن رؤية امتدت لعقود، وركزت على النهوض بقطاعات التعليم والصحة والأمن، بهدف رفع جودة حياة المواطن، إذ تصل تكلفة الطالب الواحد إلى نحو 250 ألف ريال خلال سنواته الدراسية الاثنتي عشرة الأولى، وما يقارب 300 ألف ريال للدراسة الجامعية، تتكفل بها ميزانية الدولة.في 2020 بلغت المخصصات لقطاع التعليم 193 مليار ريال، تعادل 19% من إجمالي المصروفات الحكومية، ولم يقتصر إنفاق السعودية على تعليم أبنائها داخلياً، إذ قامت الدولة بابتعاث مئات الآلاف منهم للدراسة في الخارج، ووصل حجم الإنفاق على برنامج خادم الحرمين الشريفين في سنواته العشر الأولى إلى 59 مليار ريال. مؤخرا، أوضحت نشرة لوزارة التعليم أن عدد المبتعثين في 2019 يصل إلى 93 ألف طالب وطالبة.وفي تصريح لافت لوزير التجارة والاستثمار نُشر قبل 3 سنوات، قال الدكتور ماجد القصبي، إن المبلغ الذي خصصته السعودية للتعليم يشكل 5.7% من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بمخصصات أدنى وصلت إلى 5.3% في بريطانيا، و4.3% في ألمانيا، و4.2% في كوريا الجنوبية.بالتوازي مع هذا الإنفاق، لا خلاف حول حقيقة أن قطاع التعليم السعودي يشهد نقلة كبيرة منذ 15 عاماً، تزايد معها عدد الجامعات، التي تنتشر في كل مناطق المملكة، وارتفعت تصنيفاتها على المستوى العربي والعالمي، في إشارة إلى جودة مخرجاتها.على الجهة الأخرى، أظهرت أرقام الهيئة العامة للإحصاء، أن معدل البطالة في البلاد وصل إلى 15.4 في الربع الثاني من 2020، وأن 63% من العاطلين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاما، كما أن 56% من العاطلين هم من الحاصلين على درجة البكالوريوس.الإنفاق الضخم على التعليم لم يرتق، كما يبدو، لمستوى تطلعات القطاع الخاص الذي لا يزال يردد المقولة القديمة بأن مخرجات التعليم لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل، وأعلنت وزارة الموارد البشرية عن برنامج تأهيلي بالتعاون مع صندوق الموارد البشرية وعدد من بيوت الخبرة لتدريب السعوديين بهدف توطين 20 ألف وظيفة في قطاع التسويق بحلول 2021.في الحقيقة، لم أفهم، وكان من الصعب علي تفهم ربط التوطين ببرنامج جديد تطلقه الوزارة، وكأن عشرات الآلاف من الطلبة الذين درسوا في الداخل والخارج غير مؤهلين للعمل في هذا القطاع، ولو افترضنا، جدلاً، وجود مساحة للتطوير في الكفاءات، لماذا لم تكن المبادرة من وزارة التعليم، ضمن برامجها الأكاديمية.إن استمرار وزارة الموارد البشرية في تقبل أعذار القطاع الخاص حول عدم مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل بات اليوم أمراً غير مبرر، وفي حال كان لدى الوزارة فائض في مواردها، ربما يتوجب عليها إيجاد برامج تدريبية لمنسوبيها، الذين أطلقوا المبادرة الأخيرة، تركز على البرمجة اللغوية العصبية، وكيفية التعرف على المخرجات الحقيقية للتعليم الذي كان ولا يزال مصب استثمار حقيقي في الدولة.كاتب سعوديaqbukhamsin@< Previous PageNext Page >
مشاركة :