واصل سوق الأسهم تراجعاته الحادة متأثراً باستمرار تراجع أسعار النفط وقلق المتعاملين من انعكاسات هذا الهبوط، الذي يحفزهم على البيع والتخلي عن الشراء. وأنهى المؤشر تداولات أمس على تراجع بنسبة 2.5 % ليصل الى 8464 نقطة تعادل 220 نقطة وهو أدنى إغلاق في ثمانية أشهر، وسط تداولات بلغت قيمتها 4.3 مليارات ريال حيث عمت التراجعات جميع الشركات القيادية. وربط مستشار اقتصادي مستقبل سوق الأسهم السعودي بمعرفة بوصلة الإنفاق الحكومي على المدى القصير والمتوسط في ضل تراجع أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة. وقال ل"الرياض" مستشار الصيرفة الإسلامية صالح الثقفي في تعليقه حول التغيرات الكبيرة في الوضع الاقتصادي للمملكة وتأثيرها على أسواق المال انه من الطبيعي ان تهتم الاوساط الاقتصادية والاجتماعية بالتحركات الجديدة لمؤسسة النقد، وخاصة اعلانين مهمين هما البدأ في الاقتراض من قبل الدولة والتغيرات في استثماراتها الخارجية وتحديدا تسييل استثمارها في سندات الخزينة الامريكية مقابل زيادة الودائع القابلة للسحب الفوري في المصارف الاجنبية. مضيفا بأن هاذين الحدثين هما الاكثر اهمية للمراقبين مع البدء في تخفيض الانفاق الداخلي الملحوظ والغاء العديد من البرامج والمشاريع المعتمدة وتقليص الانفاق في المستقبل القريب. وأوضح بهذا الخصوص انه من المعروف بصفة عامة عالميا ان أي علاج لأي ركود اقتصادي يكون بتنشيط الاقتصاد عن طريق تعظيم الانفاق الحكومي عبر برامج التنمية واشعال الحركة الاقتصادية بزيادة الانفاق الحكومي لتشجيع الاستثمار وبالتالي تشجيع الاقتصاد للخروج من أي ركود. وقال الثقفي انه من هنا يكمن الغموض الذي أخاف المستثمرين في سوق المال من ان تخفيض الانفاق المتوقع قد يزيد من فرص حدوث تراجع في الحركة الاقتصادية للمملكة وبالتالي استمرار هذا الركود. لافتا الى ان تخفيض الانفاق قد ينتج عنة انخفاض كبير في جاذبية الاستثمار في الاسواق المالية حتى مع بروز قيم عالية في كثير من الشركات المتداولة في سوق الاسهم التي نزلت اسعارها. وتابع بأن هذة القيم العالية لم تشفع لأسهم هذه الشركات بوجودها في مستويات سعرية منخفضة جدا، فالبيع مستمر خاصة مع ازدياد الضغط على اسعار النفط ومشتقاته مما ينذر بقرب مرحلة موجة هابطة قد تستمر لمدة غير قصيرة. واعتبر الثقفي أن أي انخفاض في الانفاق وهو الامر المتوقع سيزيد من هموم المستثمرين وقد يسبب هذا أيضا في الضرر بحالة سوق العمل في المملكة وينخفض عدد الموظفين حديثا نسبيا بسبب الانكماش في استحداث الوظائف الجديدة في بلد يتكون غالبيته من الشباب المقبل على سوق العمل. وقال انه من سلبيات خفض الانفاق الحكومي ايضا تصاعد الحالة الدفاعية للمستهلك السعودي، الذي سيبدأ في ترشيد انفاقه بشكل كبير مما سيؤثر على كثير من الشركات والمصارف السعودية. وحذر الثقفي من اخطار وتبعات حصول اي تراخي في الانفاق والذي سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد السعودي وقدرته على استحداث الوظائف الجديدة، كما سيؤثر على زيادة قوة الاستهلاك، بالاضاقة الى ارتفاع اسعار الفوائد المتوقع في الاشهر القادمة والتي ستؤثر بالتالي على الحركة الاستثمارية. ومع هذه التحديات قال الثقفي إنه من المهم جدا الان معرفة اين ستكون غالبية الانفاق الحكومي على المدى القصير والمتوسط قبل الاقبال على التمركز في سوق المال بالرغم من وجود الاسهم في مستويات سعرية منخفضة وتقييمات مغرية. مبينا أن ضعف إقبال المستثمر الاجنبي على الشراء هو واحد من الاشارات بان الصورة غير واضحة ان كانت الاسعار ستستمر في الهبوط ام انها تعتبر فرصة شرائية كما يعتقد البعض. واختتم الثقفي حديثة بأنه من المهم ان تتضح الرؤية في ما يخص مستقبل الانفاق الحكومي، مشيرا بهذا الخصوص بأنه حتى تبين وزارة الاقتصاد والتخطيط سياسة الدولة الانفاقية فلن يكون هناك ارتداد بتلك القوة التي نتمناها.
مشاركة :