نازحة إثيوبية من تيجراي تروي قصة الموت البطيء بين اللاجئين

  • 11/21/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتصاعد الأزمة الإنسانية في إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا بعد العمليات العسكرية التي شنها الجيش الحكومي ضد الإقليم، حيث تتزايد أعداد النازحين واللاجئين الفارين من تصاعد عمليات القتال. وبينما تشن الحكومة الإثيوبية حربًا في الإقليم وتسعى إلى اعتقال قادته، الذين يعتبرون الحكومة الفيدرالية غير شرعية بعد خلاف على السلطة، فإن القتال الذي يمكن أن يزعزع استقرار منطقة القرن الأفريقي يخفى عن أنظار الخارج، فالاتصالات مقطوعة والطرق مسدودة والمطارات مغلقة. وتتعدد قصص المعاناة للاجئين الفارين إلى الحدود السودانية أو النازحين للداخل الإثيوبي، ومن بين تلك القصص ما روته امرأة لوكالة “وكالة أسوشيتد برس” لتوثق معاناة شعبها وتروي تفاصيل نادرة تعكس حالة الغضب واليأس والجوع المتزايج، في ظل رفض الطرفان الإمتثال للدعوات الدولية للحوار أو حتى إنشاء ممر إنساني لتقديم المساعدات. وتوري تلك السيدة الإثيوبية أن إطلاق النار الذي اندلع حول بلدتها في إقليم تيجراي روعها فقررت الفرار، لتنضم إلى طابور طويل في مكتب الحكومة المحلية للأعمال الورقية اللازمة للسفر، لكن عندما وصلت إلى المسؤول، أخبرها أنها ضيعت وقتها، وقال: “هذا للأشخاص الذين يتطوعون للقتال”. وباعتبارها واحدة من بضع مئات من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم هذا الأسبوع من تيجراي، قدمت المرأة تفاصيل عن معاناة مخفية عن العالم بفعل قطع الاتصالات، في الوقت الذي تقول فيه الأمم المتحدة إن المواد الغذائية والضروريات الأخرى ستنفد قريباً، مما يعرض الملايين للخطر.   فمع حظر الإمدادات على حدود تيجراي واستخدام عمال الإغاثة لعدد متناقص من هواتف الأقمار الصناعية للوصول إلى العالم، يصعب سماع روايات من الذين يعانون على الأرض. وقُتل ما لا يقل عن عدة مئات من الأشخاص، وأدانت الأمم المتحدة الهجمات المستهدفة ضد المدنيين على أساس العرق أو الدين. أعطت المرأة، وهي خبيرة إثيوبية في المساعدات وطالبت عدم الكشف عن هويتها حرصًا على نفسها وذويها، واحدة من أكثر الروايات تفصيلاً حتى الآن عن السكان البالغ عددهم حوالي 6 ملايين نسمة ويعانون من نقص الغذاء والوقود والنقود وحتى الماء والكهرباء مع اقتراب الجيش الإثيوبي من عاصمة تيجراي كل يوم. قالت: “أقولها لكم، سيبدأ الناس في الموت ببطء”.   وبرغم أنه لا يمكن التحقق من كل روايتها، إلا أن وصف عبورها عبر عاصمة تيجراي إلى العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، يتناسب مع روايات أخرى لعمال إغاثة ودبلوماسيين وأكثر من 30 ألف لاجئ فروا إلى السودان بعد أن بدأ القتال في 4 نوفمبر. فمع إغلاق الحدود والطرق والمطارات بسرعة بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أن قوات تيجراي هاجمت قاعدة عسكرية، شعرت المرأة بالتمزق، فعائلتها في أديس أبابا وأرادت أن تكون معهم.   وبرغم أن البنوك كانت مغلقة، إلا أن ذويها أعطوها ما يكفي من المال للسفر إلى عاصمة الإقليم، وأثناء قيادتها للسيارة، كان عليها أن تتفادى حواجز مؤقتة من الحجارة كدسها الشبان المحليون. وتستمر معاناة النازحين واللاجئين من الإقليم وسط تعالي تحذيرات الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة، وسط تجاهل الدعوات الدولية من طرفي الصراع. وفي ميكيلي، التقت بأصدقائها في الجامعة، وصدمت مما رأت، وقالت: “كان الذعر سائدا، كان الطلاب ينامون خارج الجامعة لأنهم أتوا من كل مكان، كان هناك القليل لإطعامهم، وكانت الإمدادات في الأسواق آخذة في النفاد”.وأثناء وجودها في ميكيلي، سمعت ثلاث عمليات “قصف” على المدينة، وأكدت الحكومة الإثيوبية شن غارات جوية على جميع أنحاء المدينة.وعندما قال رئيس الوزراء أبي أحمد في تصريحات متلفزة للمدنيين في تيجراي ألا يتجمعوا من أجل سلامتهم، قالت: “كان هناك ذعر كبير، وتساءل الناس هل سيقصفنا كلنا؟ حيث ساد غضب كبير، الناس يضغطون ويقولون: نريد القتال”.وعندما زارت أحد أفراد أسرتها في مستشفى جامعي، قال طبيب إنه ليس لديهم دواء ولا أنسولين، كانوا يأملون في أن تمنحهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعضًا منها.سعيًا للسفر إلى أديس أبابا، وجدت الوقود في السوق السوداء ولكن تم تحذيرها من أن سيارتها قد تكون هدفًا.لكن الأمم المتحدة وجماعات إغاثة أخرى تمكنت من ترتيب قافلة لإجلاء الموظفين غير الأساسيين إلى العاصمة الإثيوبية، ووجدت مكانًا في إحدى الحافلات. وقالت: “أعتقد أنني كنت محظوظة للغاية”.لكن عندما رحلت الحافلات من العاصمة، شعرت بالخوف. شقت قافلة مؤلفة من حوالي 20 مركبة طريقها خلال الليل إلى عاصمة إقليم عفار القاحل شرق تيجراي، ثم عبرت إقليم أمهرة المضطرب، متحركة ببطء من نقطة تفتيش إلى أخرى.وقالت عن الرحلة التي كان من الممكن أن تستغرق يومًا بالطريق المباشر إنها “استغرقت أربعة أيام في المجموع”.أضافت “كنت خائفة حقًا”، وأشارت إلى أن القوات الخاصة في تيجراي كانت تراقب القافلة في البداية، وقرب النهاية، رافقتها الشرطة الفيدرالية، وقالت إنهم كانوا “منضبطين للغاية”.وبعد وصولها إلى أديس أبابا في وقت سابق من هذا الأسبوع، ضمت صوتها إلى الدعوات المتزايدة للحوار بين الحكومتين، اللتين تعتبران بعضهما البعض الآن غير شرعيتين بعد أن تم تهميش حزب تيجراي الإقليمي الذي كان مهيمنًا في السابق تحت حكم أبي أحمد وقيادته الإصلاحية خلال العامين الماضيين.وروت: “أعتقد أنه ينبغي عليهم التفاوض، نحن بحاجة حقًا إلى ممر حتى يدخل الطعام والأدوية، وماذا عن الناس؟”وطلبت السفارة الأمريكية هذا الأسبوع من المواطنين الباقين في تيجراي أن يحتموا في أماكنهم إذا لم يتمكنوا من الخروج بأمان. ومثل العائلات القلقة الأخرى في إثيوبيا والشتات، لا تستطيع المرأة الوصول إلى أقربائها الذين تركتهم وراءها، وأضافت أن العديد من الأجانب ما زالوا محاصرين في تيجراي.وسردت: “لا أحد يعرف من على قيد الحياة ومن مات، هذه كارثة بالنسبة لي.”وأشارت إلى أنها تمكنت الخميس الماضي من التحدث مع صديقة جامعية في ميكيلي، كانت الجامعة قد تعرضت لغارة جوية، وأصيب أكثر من 20 طالبا.وقالت: “كانت تبكي، إنها امرأة قوية، وأنا أعلم ذلك، كان صوتها يرتجف”.

مشاركة :