صحيفة المرصد :اعتمدت قدرة وكالة الأمن الوطني على التجسس على كميات ضخمة من النشاطات عبر شبكة الإنترنت المارة عبر الولايات المتحدة، على شراكة استثنائية استمرت طيلة عقود مع شركة واحدة: إيه تي آند تي العملاقة بمجال للاتصالات عن بعد. وبينما ظل من المعروف لفترة طويلة أن الشركات الأميركية العاملة بمجال الاتصالات عن بعد ارتبطت بصلة وثيقة مع وكالة التجسس سالفة الذكر، فإن الوثائق الخاصة بوكالة الأمن الوطني التي جرى الكشف عنها حديثًا تكشف أن العلاقة مع إيه تي آند تي جرى النظر إليها باعتبارها فريدة من نوعها ومثمرة على نحو خاص. وقد وصفت إحدى الوثائق العلاقة بأنها شديدة التعاون، وأشادت باستعداد المؤسسة الشديد للمساعدة. وبحسب صحيفة الشرق الأوسطتضمن التعاون من جانب إيه تي آند تي مجموعة واسعة من النشاطات السرية، تبعًا لما ورد في الوثائق، التي يعود تاريخها بين عامي 2003 و2013. وقد وفرت إيه تي آند تي لوكالة الأمن الوطني القدرة على الاطلاع، عبر كثير من الوسائل التي جرت تغطيتها عبر قواعد قانونية مختلفة، إمكانية الاطلاع على مليارات رسائل البريد الإلكتروني مع تدفقها عبر شبكاتها الداخلية. وقد وفرت الشركة مساعدة فنية في تنفيذ أمر سري من محكمة يسمح بالتنصت على جميع اتصالات الإنترنت داخل مقر رئاسة الأمم المتحدة، أحد عملاء إيه تي آند تي. وتكشف الوثائق أن موازنة وكالة الأمن الوطني بالغة السرية لعام 2013 للشراكة مع إيه تي آند تي كانت أكثر من ضعف موازنة ثاني أكبر برنامج من هذه العينة. كما تولت الشركة تركيب معدات مراقبة داخل على الأقل من 17 مركزًا للإنترنت تتبع لها على الأراضي الأميركية، ما يزيد بكثير على الشركة المنافسة لها والمشابهة لها في الحجم، فيريزون. وكان مهندسو الشركة أول من جربوا تقنيات مراقبة جديدة ابتكرتها وكالة التجسس. وتنبه إحدى الوثائق مسؤولي وكالة الأمن الوطني إلى ضرورة التحلي بالذوق لدى زيارة منشآت إيه تي آند تي، مشيرة إلى أن هذه شراكة، وليس علاقة تعاقدية. وجرت مراجعة الوثائق، التي كشف عنها المقاول السابق لدى الوكالة إدوارد جيه. سنودين، بصورة مشتركة من قبل نيويورك تايمز وبروببليكا. وقد رفضت كل من وكالة الأمن الوطني وإيه تي آند تي وفيريزون مناقشة الوثائق. وقال المتحدث باسم إيه تي آند تي: لا نعلق على أمور تتعلق بالأمن الوطني. ومن غير الواضح ما إذا كانت البرامج الوارد ذكرها بالوثائق لا تزال عاملة على النحو ذاته حتى اليوم. يذكر أن الوثائق التي يكشف عنها سنودين منذ عامين أثارت جدالاً كبيرًا على الصعيد العالمي حول نشاطات المراقبة، وقد أعرب كثير من شركات سيليكون فالي عن غضبها إزاء ما وصفته بتدخلات وكالة الأمن الوطني، وأقرت أنظمة جديدة للتشفير لإحباط مثل هذه التدخلات. أما شركات الاتصالات عن بعد فالتزمت قدرًا أكبر من الهدوء، رغم أن فيريزون طعنت لكن من دون نجاح أمر محكمة بالكشف عن سجلات الاتصالات الهاتفية عام 2014. في الوقت ذاته، خاضت الحكومة معركة قانونية داخل أروقة المحاكم للإبقاء على سرية هوية شركائها بمجال الاتصالات عن بعد. وفي دعوى قانونية حديثة، ادعت مجموعة من عملاء إيه تي آند تي أن نشاطات التنصت التي تجريها وكالة الأمن الوطني تنتهك التعديل الرابع من الدستور الذي يوفر الحماية ضد إجراءات التفتيش غير المنطقية. هذا العام، رفض قاض فيدرالي أجزاء حيوية من الدعوى بعدما احتجت إدارة أوباما بأن المناقشة العامة لجهود التنصت عبر الاتصالات عن بعد ستكشف أسرارًا تخص الدولة، ما يضر بالأمن الوطني. جدير بالذكر أن وثائق وكالة الأمن الوطني لا تشير إلى إيه تي آند تي أو أية شركات أخرى بالاسم، وإنما تشير إلى شراكات مع مؤسسات يديرها قسم عمليات المصدر الخاص، التابع للوكالة باستخدام أسماء شفرية. يذكر أن هذا القسم يتحمل مسؤولية أكثر من 80 في المائة من المعلومات التي تجمعها وكالة الأمن الوطني، حسبما ذكرت إحدى الوثائق. ويعد فيرفيو واحدًا من أقدم برامج الوكالة، إذ بدأ عام 1985، في العام التالي لكسر جهات تنظيمية مناهضة للاحتكار ما فرضته ما بيل من احتكار على الهواتف، وتحول قسم الاتصالات طويلة المدى إلى شركة إيه تي آند تي للاتصالات. ويكشف تحليل لوثائق فيرفيو أجرته الصحيفة وبروببليكا عن مجموعة أدلة تشير إلى إيه تي آند تي باعتبارها الشريك في البرنامج. وأكد كثير من مسؤولي الاستخبارات السابقين هذه النتيجة. جدير بالذكر أن كابل مصنوع من الألياف البصرية يخص فيرفيو، تعرض للتدمير بسبب زلزال وقع عام 2011 في اليابان، جرى إصلاحه في ذات موعد إصلاح ما وصف بأنه كابل ياباني - أميركي تتولى إيه تي آند تي تشغيله. كما أن وثائق فيرفيو تستخدم ذات المصطلحات الفنية التي تستخدمها إيه تي آند تي. في عام 2012، نفذ برنامج فيرفيو أمر المحكمة الذي يقضي بمراقبة إنترنت لاين، الذي توفره إيه تي آند تي، والذي يخدم مقر رئاسة الأمم المتحدة. جدير بالذكر أن مسألة مراقبة وكالة الأمن الوطني على دبلوماسيي الأمم المتحدة سبق أن أشارت إليها صحف من قبل، لكن هذه المرة الأولى التي يشار فيها إلى أمر المحكمة ومشاركة إيه تي آند تي. في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، أخبرت الولايات المتحدة الأمم المتحدة بأنها لن تراقب اتصالاتها. كما تكشف الوثائق أن برنامجًا آخر يحمل اسمًا شفريًا ستورمبرو، شمل فيريزون وشركة إم سي آي السابقة، التي اشترتها فيريزون عام 2006. وقد أشارت وثيقة إلى اسم مسؤول اتصال تشير صفحته على موقع لينكد إن على أنه يعمل طيلة حياته مع فيريزون، وحاصل على تصريح أمني بالغ السرية. بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، اضطلعت تي آند تي وإم سي آي بدور محوري في برامج التجسس غير المرخصة التي تولت إدارة أوباما إدارتها، تبعًا لمسودة تقرير صادر عن المفتش العام لدى وكالة الأمن الوطني. ولم يحدد التقرير، الذي كشفه سنودين وسبق وأن نشرته صحيفة غارديان، هوية الشركات المتعاونة بالاسم، لكن يصف نصيبها في السوق بأرقام تتوافق مع حصتي الشركتين السوقية بالفعل، تبعًا لما ذكرته تقارير اللجنة الفيدرالية للاتصالات. وبدأت إيه تي آند تي في نقل رسائل بريد إلكتروني واتصالات هاتفية في غضون أيام بعد أن بدأ برنامج المراقبة غير المرخص في أكتوبر 2001، حسبما أشار التقرير. في المقابل، لم تبدأ الشركة الأخرى ذلك الإجراء حتى فبراير (شباط) 2002، حسبما ذكرت مسودة التقرير. في سبتمبر 2003، تبعًا لما ورد في وثائق تخص وكالة الأمن الوطني سبق الكشف عنها، كانت إيه تي آند تي الشريك الأول الذي تولى إدارة قدرة جديدة لجمع معلومات، وصفتها وكالة الأمن الوطني بأنها ترقى لمستوى الحضور المباشر على شبكة الإنترنت عالميًا. وخلال الشهور الأولى من العمليات نقل برنامج فيرفيو إلى الوكالة 400 مليار سجل لبيانات تخص الإنترنت - منها من اتصل بمن وتفاصيل أخرى، لكن من دون التطرق لنصوص الاتصالات التي جرت، كما تولت نقل أكثر من مليون رسالة بريد إلكتروني يوميًا لنظام الانتقاء بالاعتماد على كلمات مفتاحية، داخل مقر رئاسة الوكالة في فورت ميد في ماريلاند. عام 2011، بدأت إيه تي آند تي تسلم أكثر من 1.1 مليار سجل اتصالات هاتفية داخلية عبر الهواتف النقالة يوميًا إلى وكالة الأمن الوطني. ويحمل هذا الكشف أهمية خاصة لأنه بعدما كشف سنودين عن برنامج جمع سجلات الاتصالات الهاتفية للأميركيين، قال مسؤولون استخباراتيون في تصريحات صحافية إنهم يطلعون في الجزء الأكبر على سجلات للاتصالات عبر الهواتف الأرضية، وذلك لأسباب فنية.
مشاركة :