توقع مختصون ومحللون نفطيون أن تواصل أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الجاري بدعم من الأنباء الإيجابية عن لقاحات كورونا الجديدة واعتماد أحدها بشكل طارئ من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تمهيدا لطرحه تجاريا على نطاق واسع. كما رجح المختصون أن تتلقى الأسعار دعما جيدا من نجاح اجتماعات قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها السعودية وشهدت تفاهمات دولية جيدة حول التوزيع السريع والعادل للقاحات كورونا بين دول العالم، خاصة ضمان حصص الدول النامية. وذكر المختصون أن ما يدعم فرص ارتفاع الأسعار، أنباء إيجابية عن اقتراب تحالف "أوبك+" من تمديد تخفيضات الإنتاج إلى العام المقبل خلال الاجتماع الدوري لمنظمة "أوبك" ولتحالف "أوبك+" يومي 30 تشرين الثاني (نوفمبر) وأول كانون الأول (ديسمبر) المقبلين لتقييم وضع السوق في ضوء المؤشرات الإيجابية عن جهود كبح الوباء. وأضاف المختصون أن وضع الطلب حاليا ما زال يواجه أزمة طاحنة وغير مسبوقة بعد الارتفاع السريع في عدد إصابات كورونا حول العالم والإغلاق الواسع لاقتصادات أوروبا وأمريكا، بينما يبقى الطلب الآسيوي متماسكا بشكل نسبي وسط آمال قوية بأن يقود مرحلة التعافي في بداية العام المقبل. وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" الدولية للطاقة إن "أوبك+" وحلفاءها يستعدون خلال الأيام المقبلة لاجتماع حاسم وتشير التكهنات إلى تأجيل الزيادات الإنتاجية الخاصة بالعام المقبل على الرغم من التطورات الإيجابية الأخيرة الخاصة باعتماد اللقاحات، وهو ما يزيد من فرص تحقيق مكاسب جيدة في الأسبوع الجاري. وأضاف أن "أوبك+" لديها رؤية موضوعية ودقيقة لتطورات السوق، وهي تدرك جيدا أن تعافي الطلب ليس بالمهمة السهلة، وأنها تحتاج بعض الوضع، لافتا إلى أن ضعف الطلب على النفط في الوقت الراهن مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا على الأرجح سيدفع تحالف "أوبك+" إلى تمديد تخفيضات الإنتاج الحالية البالغة 7.7 مليون برميل يوميا إلى 2021 بدلا من تخفيفها بمقدار مليوني برميل يوميا بدءا من يناير القادم، بحسب الجدول والخطة الزمنية السابقة. ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية أن تزامن أنباء اللقاحات الناجحة الجديدة مع تمسك "أوبك+" بتخفيضات الإنتاج قد يعطي دفعة جيدة للأسعار في نهاية العام الجاري، مشيرا إلى أن أغلب التوقعات الدولية ترجح احتمالية أن يتم تمديد تخفيضات "أوبك+" الحالية لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية الربع الأول من 2021 لعلاج ضعف الطلب الراهن في عديد من الاقتصادات المتقدمة، التي هي تصارع مع موجة ثانية شرسة من عدوى جائحة كورونا. ولفت إلى أن كبار دول الاستهلاك تواجه معاناة متفاقمة مع الطلب بعدما ارتفعت حالات الإصابة في الأسابيع الأخيرة في اقتصادات مهمة ومؤثرة وبخاصة الاتحاد الأوروبي واليابان، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الارتفاع الأخير في إصابات كورونا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير بنحو 9 في المائة في الطلب على البنزين في اليابان في كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) المقبلين. من ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة إن مناقشة قمة العشرين لأزمة الجائحة ولضمانات التوزيع العادل للقاح خفف من التوترات والمخاوف في السوق، ومن ثم زاد من فرص تعافي الأسعار في ظل وفرة من المعروض بعد إضافات الإنتاج الليبي الواسعة، واستمرار تعثر الطلب في ضوء الإغلاقات المتسعة والانتشار الواسع للموجة الثانية من وباء كورونا. وأضاف أنه على الرغم من الوضع المتوتر، وغياب اليقين في سوق النفط الخام إلا أن هناك علامات على أن الطلب على النفط الخام يرتفع في آسيا، التي تظل النقطة المضيئة الوحيدة في سوق النفط، حيث لا يزال الطلب منخفضا في الاقتصادات المتقدمة الرئيسة في أوروبا والولايات المتحدة، إضافة إلى عودة تجدد الأزمة في اليابان، وهي ثالث أكبر مستهلك في العالم للنفط الخام. وتشير أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية إلى أن مستوى المخزونات النفطية المرتفع، خاصة في الولايات المتحدة يبقى أحد التحديات المهمة والمحورية للسوق في هذه المرحلة الدقيقة، خاصة مع تنامي المخزونات بشكل مفاجئ في الأسبوع الماضي، ما كبح صعود الأسعار، مؤكدة أن الجميع يرغب في تفادي اقتراب مخزونات النفط الخام في مركز تخزين كوشينج في أوكلاهوما من المستويات المرتفعة، التي شوهدت في نيسان (أبريل) الماضي، عندما ساهمت سعة التخزين المحدودة وسط انخفاض الطلب في انزلاق أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى المنطقة السلبية. وذكرت أن التقارير الإحصائية الأمريكية تنبه إلى أن المخزون النفطي الحالي في كوشينج ممتلئ بنحو 81 في المائة من طاقته البالغة 76 مليون برميل– وهو جرس إنذار لتفادي سيناريو تهاوي الأسعار مجددا– خاصة أن التوقعات على المدى القريب للطلب على النفط في الولايات المتحدة ليست إيجابية في ضوء عودة بعض الدول إلى فرض قيود الخروج وحظر التجول في ظل ارتفاع حالات الإصابة بشكل حاد بفيروس كورونا. ومن جانب آخر، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط خلال تداولات الجمعة، لكن الخام الأمريكي قلص المكاسب، التي سجلها في وقت سابق الجمعة، بينما حافظ برنت على ارتفاعه، فيما أعلن مسؤولون بالحزبين الجمهوري والديمقراطي استئناف المحادثات المرتبطة بحزمة التحفيز المالي الثانية لمواجهة تداعيات كورونا. مع ذلك، كشف ستيفن منوتشن وزير الخزانة الأمريكي في قرار الجمعة عن وقف برامج تمويل ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. ومن ناحية أخرى، ارتفع مؤشر الدولار (أمام سلة من العملات الرئيسة) بحلول الساعة 17:46 بتوقيت جرينتش 0.1 في المائة، إلى 92.4 نقطة، وسجل أعلى مستوى عند 92.4 نقطة وأقل مستوى عند 92.2 نقطة. وعلى صعيد التعاملات، ارتفعت العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأمريكي تسليم كانون الأول (ديسمبر) 0.1 في المائة، إلى 41.7 دولار للبرميل، وسجلت أعلى سعر عند 42.1 دولار وأقل سعر عند 41.5 دولار. وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" تسليم كانون الثاني (يناير) 0.7 في المائة، إلى 44.5 دولار للبرميل، وسجلت أعلى سعر عند 44.7 دولار وأقل سعر عند 44.05 دولار. وقد أعلنت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية انخفاض عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة بخمسة حفارات إلى 231 حفارا هذا الأسبوع. وارتفع عدد حفارات الغاز الطبيعي بثلاثة حفارات إلى 76 حفارا، بينما تراجع إجمالي حفارات الغاز الطبيعي والنفط معا بحفارين إلى 310 حفارات.
مشاركة :