باريس - الوكالات: بدأت أمس في فرنسا محاكمة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد مسماة «قضية التنصّت» إلى جانب محاميه وقاض سابق كبير، وهي المرة الأولى في تاريخ فرنسا في فترة ما بعد الحرب التي يحاكم فيها رئيس على خلفية فساد. قبله، حوكم الرئيس الأسبق جاك شيراك وحكم عليه في عام 2011 بالسجن عامين بتهمة اختلاس أموال عامة عبر وظائف وهمية في بلدية باريس لكنه لم يمثل أمام القضاة بسبب وضعه الصحي. لكن ساركوزي هو أول رئيس جمهورية فرنسي يمثل أمام القضاة بتهم الفساد. وقال ساركوزي البالغ 65 عامًا إنه يتوجّه إلى المحكمة بروح «قتالية» في إطار هذه المحاكمة غير المسبوقة التي سيُحاكم فيها أيضًا محاميه تييري إرتزوغ والقاضي المتقاعد جيلبير أزيبير. ويواجه ساركوزي احتمال السجن لعشر سنوات وغرامة بقيمة مليون يورو بتهم الفساد واستغلال النفوذ. ويحاكم أيضًا الرجلان الآخران، بتهمة انتهاك السرية المهنية. ويتوقع ان تستمر المحاكمة حتى 10 ديسمبر. وهذه القضية المسماة قضية «التنصت» منبثقة في الأصل من ملف قضائي آخر يهدد ساركوزي هو الشبهات بحصوله على تمويل ليبي لحملته الرئاسية في عام 2007. وفي هذا الإطار، قرر القضاة في سبتمبر 2013 إخضاع الرئيس الأسبق للتنصت، واكتشفوا مطلع عام 2014، أنه كان يستخدم خطًّا سريًا، وباسم مستعار هو «بول بيسموث» للتواصل مع محاميه تييري إرتزوغ. وبحسب النيابة العامة، فإن بعض محادثاتهما كشفت وجود مساع للاتفاق على القيام بعمليات فساد، إذ كان ساركوزي يسعى عبر محاميه إلى تقديم مساعدة للقاضي أزيبير لتعيينه في منصب في موناكو، لم ينله في نهاية المطاف. في المقابل، قدم هذا القاضي معلومات، يفترض أن تكون سرية، حول دعوى رفعها ساركوزي أمام محكمة التمييز على هامش ملف آخر (ملف بيتانكور) وحاول التأثير على زملائه بشأن هذه القضية. وبعدما رأت المحكمة أنه لا وجه قانونيا لمحاكمته في قضية بيتانكور أواخر عام 2013، قدم ساركوزي إلى محكمة التمييز طلبًا لإلغاء مصادرة مدوناته الرئاسية، التي كان من الممكن أن تهمّ القضاء في دعاوى أخرى مرتبطة به. وفي محادثاته مع محاميه، الأساسية في القضية، يتعهد الرئيس التدخل لصالح القاضي أزيبير، قائلاً «أنا سأدعمه». بعد ذلك بفترة قصيرة، يقول ساركوزي لمحاميه إنه تراجع عن إطلاق الإجراءات لدى سلطات موناكو. ويرى المحققون أن هذا التغير المفاجئ ربما نشأ من اكتشاف الرجلين أن خطوطهما الرسمية مراقبة. وفي مرافعات شديدة اللهجة في أكتوبر 2017، شبهت النيابة العامة المالية أساليب ساركوزي بأساليب «مجرم محنك». وينفي المتهمون الثلاثة وجود أي «اتفاق للقيام بعمليات فساد».
مشاركة :