شيخ الأزهر يحذر من فتاوى التكفير ويحملها ظهور الجماعات الإرهابية

  • 8/18/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

حسام محمد (القاهرة) أقر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أن التساهل في فتاوى التكفير والتفسيق والتبديع، وتصيد الغرائب التي تدعم هذه الفتاوى من التراث، قد آل إلى ظهور الجماعات الإرهابية التي تمارس الجرائم من قتل واستحلال للدماء المعصومة، باسم الكفر والخروج عن المِلَّة. وقال خلال كلمة في افتتاح المؤتمر الدولي الذي تقيمه دار الإفتاء المصرية تحت عنوان «الفتوى..إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل» بمشاركة رجال ومسؤولي الفتوى والشؤون الدينية في 50 دولة حيث مثَّل الإمارات الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد كبير مفتي مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي: «إن الأمة في حاجة ماسة لضبط أمور الفتوى وتحديد شخصية المفتي المؤهل للإفتاء للناس». وقال شيخ الأزهر «إن العرف أصل شرعي في بناء التشريع الإسلامي، لكن قاعدة تغير الفتوى بتغير العرف أصبحت غائبة في المجتمعات العربية الآن»، لافتاً إلى أنه لا تزال هناك فتاوى تتداول بنيت على أعراف قد انتهت. وضرب مثالاً بفتوى تحريم اقتناء المجسمات والتماثيل، مؤكداً أنه لم يحدث أن مجمعاً فقهياً حرم اقتناء المجسمات والتحف، وأن تحريم صناعة التماثيل في صدر الإسلام كان مرتبطاً بعبادة الأصنام، فكان محتماً تحريمها من باب سد الذرائع، لكن بعد ذلك وعلى مدى 15 قرناً لم نسمع أن مسلماً عكف على صنم. وحذر شيخ الأزهر أمام المؤتمر الذي أقيم برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي من مغبة التساهل في إصدار الفتاوى وما ينجم عنه من شيوع فكر التكفير، معتبراً أن التساهل في فتاوى التكفير يؤدي إلى استحلال الدماء المعصومة، ومؤكداً أن صناعة الفتوى السليمة كفيلة بترغيب الناس في الالتزام بالشرع الحنيف والبعد عن الغلو والتشدد، وداعياً إلى الاستفادة من التراث الإسلامي السمح. وانتقد الطيب الفتاوى التي تحرم على المرأة تولي وظيفة القضاء قائلا: هل يعقل أن تظل قضية تولي المرأة للقضاء وقضايا أخرى محل خلاف عميق، في وقت صارت المرأة فيه ضابطاً وقائداً للطائرات وأُستاذاً في الجامعة ووزيراً في الحكومات، فهل لا تزال أحكام المرأة في ظل هذه الأعراف المتغيرة هي هي أحكام المرأة أيام كان العرف يقضي بأن الحصان الرزان من النساء هي ما كانت حبيسة القصور والدور والخيام؟!. آملا في أن يكون المؤتمر فاتحة خير لعهد جديد من الإفتاء ترتب فيه الأولويات وتراعى فيه الأعراف والمقاصد. من جهته، قال رئيس المؤتمر مفتي مصر الدكتور شوقي علام: إنه في ظل انتشار موجات التطرف والإرهاب نواجه الأمية الدينية من جهة وفتاوى أشباه العلماء من جهة أخرى، معرباً عن أمله في أن يكون المؤتمر حداً فاصلاً بين عصر فوضى الفتاوى التي تتسبب في زعزعة استقرار المجتمعات وتؤدي إلى انتشار التطرف وعصر الفقه الدقيق لطبيعة دور الإفتاء وما يكتنفه من ضوابط. وقال رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب في مداخلة له ألقاها نيابة عنه محافظ القاهرة جلال السعيد: إن العالم يواجه تيارات تتبنى فكراً متطرفاً يعادي الأمم والشعوب ويتذرع بفتاوى بعيدة عن شريعة الإسلام السمحة، وأكد أهمية المؤتمر في مواجهة الأفكار الشاذة والمتطرفة للقضاء على الظواهر الوافدة التي تؤثر على المنطقة والعالم بأسره والبعيدة عن الوسطية وسماحة الدين الإسلامي. محذراً من الصمت حيال تمسح الجماعات المتطرفة بالدين، خاصة أن الواقع أكد قدرتها على الوصول لكل المجتمعات واختراقها، وهو ما يستلزم تضافر جهود العلماء لتفنيد الفتاوى المشبوهة وإيجاد ميثاق شرف يحدد شخصية المفتي ويمنع غير المؤهلين للإفتاء من التصدي للفتوى. ودعا مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان إلى الاعتراف بوجود انشقاق في الدين تجاه التطرف والعنف، معتبراً أنه لا يكفي القول إن الدواعش وغيرهم خوارج جدد، خاصة وهم يستخدمون الفتاوى كأوامر يستحلون من خلالها دماء وأعراض الناس وسط انتشار الجماعات الإرهابية تارة باسم السنة وتارة باسم الشيعة. مطالباً بوقف الإساءة البالغة التي يتسبب فيها التكفيريون للدين، ووقف سيل الفتاوى المنحرفة حماية للأعراض والدماء. ويهدف المؤتمر الذي يستمر حتى اليوم الثلاثاء إلى التعرف على المشكلات في عالم الإفتاء المعاصر ومحاولة وضع حلول ناجعة لها، كما يناقش موضوعات تتناول مفهوم الإفتاء وأثره في استقرار المجتمعات وقضية الفتاوى في مواجهة التطرف والتكفير والتعصب المذهبي، والوسطية في الإفتاء والتجديد في علوم الفتوى، وآليات ضبط الفتوى. ومن المقرر أن يلقي الحداد كلمة يشرح فيها التجربة الإماراتية في الحد من ظاهرة فوضى الإفتاء وقدرة الدولة على حماية الفقه من عبث من يتخيل قدرته على الإفتاء للناس.

مشاركة :