تنتظر أنتوني بلينكن الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وزيراً للخارجية، مهمة صعبة لإصلاح العلاقات مع حلفاء تقليديين للولايات المتحدة التي تعرضت لهزة في عهد دونالد ترمب. وهو فضلاً عن كونه دبلوماسياً مخضرماً يملك شغفاً بآلة الغيتار وميولاً تدخلية. وعلى بلينكن الفرنكوفوني الذي يعمل منذ وقت طويل مستشاراً للرئيس المنتخب، أن يردم الهوة التي خلّفتها إدارة ترمب، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.وبحضور يوصف باللائق والأنيق، يبدو «توني» بلينكن البالغ من العمر 58 عاماً نقيض سلفه مايك بومبيو، الأكثر خشونة.ويقول صديقه منذ الطفولة روبرت مالي، الذي يدير مركز الأزمات الدولية: «لا يمكن للمرء أن يكون أشدّ لطفاً وتواضعاً وتكتماً منه»، مضيفاً: «لا أحد يذكر أنه رآه قط في نوبة غضب أو فاقداً أعصابه».وأعرب بلينكن الذي كان مساعداً في وزارة الخارجية في عهد باراك أوباما مراراً عن تأييده لتدخل عسكري أميركي في سوريا تحت عنوان حماية حقوق الإنسان.وحذر أكثر من مرة من أن «القوى العظمى لا تخادع» في إطار حديثه عن الملف السوري الذي قرر أوباما التدخل فيه بشكل محدود في نهاية المطاف.لكن قرار إدارة أوباما ترك شيئاً من المرارة في نفس بلينكن الذي قال في مايو (أيار) في مقابلة مع محطة «سي بي إس»: «لقد فشلنا في منع وقوع كارثة إنسانية مريعة. هذا أمر لن أنساه أبداً».يعود تمسكه بحماية حقوق الإنسان خصوصاً إلى قصة زوج والدته سامويل بيسار الذي كان من بين أصغر الناجين سناً من محرقة اليهود.واستقرّ هذا المحامي المختص بالعلاقات بين الغرب والاتحاد السوفياتي، المولود في بولندا، مع عائلته في باريس، حيث تلقى أنتوني بلينكن تعليمه في مدرسة جانين مانويل العريقة، فيما كانت الولايات المتحدة تخوض حرب فيتنام.يروي صديق طفولته روبرت مالي أن «توني، كأميركي، كان متمسكاً جداً بقيمه وهويته، لكن كونه كان يعيش في بلد غريب، كان مرغماً على رؤية العالم من هذا المنظور، في حقبة لم تكن فيها الولايات المتحدة بالضرورة تحظى بشعبية كبيرة».والد بلينكن البيولوجي مصرفي أعمال كبير، أما والدته جوديث بيسار فقد أدارت لسنوات المركز الأميركي في باريس، وهي مؤسسة ثقافية وفنية.في باريس، بدأ شغف بلينكن بالموسيقى. هناك خاض غمار الجاز ونما حبه للروك، لدرجة أنه كتب على صورته في كتاب التخرج من الثانوية جملة من أغنية لفرقة الروك البريطانية الشهيرة «بينك فلويد».رافقه هذا الشغف إلى واشنطن، حيث عزف على الغيتار في فرقة كانت تستعيد أغاني كلاسيكية لفرقة «بيتلز»، واستغل وقت فراغه خلال فترة الوباء لتأليف أغانيه الخاصة، التي لاقت نجاحاً نسبياً.ويستمع ما متوسطه 50 شخصاً في الأسبوع على منصة «سبوتيفاي» لأغنيتي «أب بلينكن»، اسمه «الفني»، اللتين تندرجان في إطار موسيقى الروك ويؤديهما بصوته.تلقى أنتوني بلينكن تعليمه في جامعة هارفرد، ما مهّد له لمسيرة مهنية في مجال المحاماة ومن ثم السياسة، وعمل في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ حين كان بايدن عضواً فيها.وأقرّ خلال مؤتمر عام 2017 أن قصة زوج أمه الذي نجا من معسكري أوشفيتز وداخاو وتمكن من الفرار، قد أثرت فيه بشكل عميق.فالرجل اختبأ بعد فراره في غابة ليومين، حيث سمع فجأة صوت دبابة تقترب قبل أن يخرج منها عسكري أميركي. وروى بلينكن: «جثا على ركبتيه وقال الكلمات الثلاث التي كان يعرفها بالإنجليزية وتعلمها من أمه: ليبارك الله أميركا»، مضيفاً: «رفعه العسكري عن الأرض وأدخله الدبابة - مجازياً كأنما أدخله الولايات المتحدة على طريق الحرية».وتابع: «هذا هو البلد الذي نشأت فيه، الولايات المتحدة التي تلعب دوراً مضيافاً جداً وفريداً ومميزاً».
مشاركة :