لن نبالغ إذا قلنا إنه "خط سير" بدايته عنوانها "العنف الأسري"، ومحطاته التالية تتنوع وتتباين؛ ما بين إدمان، إلى هروب للشارع، وتنمر، وتأخر دراسي.. وغيرها من المشاكل المرتبطة بتلك الظاهرة التي انتبهت المملكة لخطورتها منذ وقت مبكر، فسنَّت اللوائح والأنظمة لمحاصرتها، ودشنت حملاتها التوعوية للإرشاد والتوجيه وفق منظومة حماية متكاملة. وفي السطور التالية سنلقي الضوء حول أحد أخطر تلك المحطات، وهو "الإدمان"؛ حيث يعتبر الإدمان على تناول المواد المخدرة أحد النواتج السلبية التي تكمن وراءها قضايا العنف الأسري؛ نظراً لغياب الرقابة في المنزل؛ مما دفع الكثير من الدول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية إلى معالجة هذه القضايا بحزم ووفق قوانين وأنظمة تردع وتحمي. ممارسات تدميرية: العنف والإدمان وتقول المستشارة الأسرية "منيرة السعيدان": "يُعتبر العنف الأسري من أخطر القضايا التي تواجهها المجتمعات؛ نظراً لعواقبها السلبية التي تؤثر على صحة واقتصاد الدول؛ فهي عبارة عن ممارسات تدميرية للأمم؛ نتيجة ما ينتج عنها من تشرد، وجهل، وفقر، وازدياد في حالات الطلاق، وإدمان للمخدرات". وأضافت: "هناك علاقة قوية بين القسوة في التعامل مع الأبناء، أي العنف الأسري، وإدمان المواد المخدرة؛ وذلك نتيجة عدة مسببات؛ منها: الضغط النفسي الناتج عن العنف، حيث إنهم قد لا يملكون مهارات التعامل معه، فيهربون منه بمحاولة النسيان عن طريق المواد المخدرة، وكذلك إن كان أحد المعنفين له يتعاطاها، فمن الممكن أن يتعاطاها؛ ظناً منه أن معنفة يستمد القوة أو الشجاعة منها؛ حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه، وأيضاً ضعف الرقابة وعدم مساءلة الآباء والأمهات لهم عن سلوكياتهم شجّعتهم على التعاطي والإدمان، وكذلك إساءة معاملة الوالدين لهم دفعت بهم إلى التقرّب من قرناء السوء الذين قادوهم إلى هاوية المخدرات". دوافع رئيسة وتابعت "السعيدان": "من ضمن العوامل الرئيسة التي تدفع الشخص لتناول المواد المخدرة عجزه عن التعامل مع مشاكله، فالابن الذي يصدم بانفصال أبيه عن أمه، أو الابنة التي لم تعرف معنى الأبوة؛ نتيجة لانفصال أمها عن أبيها تكون معرضة لأنواع متعددة من المشاكل النفسية، إذا لم تنتبه الأم لها قد ينتهي بها الأمر بالانزلاق لدائرة الإدمان". وواصلت: "كما أن الوالدين المنفصلين يميلان لتعويض الأبناء عن غيابهما بأن يغدقا عليهم بالأموال، مما يزيد من فرص تعرضهم لمخاطر الإدمان". مسببات أخرى وأردفت المستشارة الأسرية: "في الجانب الآخر للقضية نجد من أهم عوامل التفكك الأسري إدمان أحد الزوجين، مما يضطر الطرف الآخر للانفصال؛ حفاظاً على حياته أو حياتها، وحماية حياة الأبناء، حيث إن آثار الإدمان لا تتوقف على المدمن فقط، بل تمتد بسلبياتها لتشمل كامل الأسرة، فمنزل المدمن غالباً ما يعاني من التوتر والاضطرابات بين أفراد العائلة، ويخلو من الراحة والهدوء".حلول مقترحة واقترحت "السعيدان" ضرورة توعية الأسر بأساليب التربية السليمة في التعامل مع النشء، وتحصينهم ضد آفة المخدرات، وأنه يجب تعلم مهارات التعامل مع المشكلات، ومعرفة وسائل التواصل مع الجهات المختصة بتقديم الاستشارات الاجتماعية والنفسية، وتشجيعهم على التواصل معهم، خاصة ببداية المشكلة، والعمل على شغل أوقات الفراغ للأبناء بصورة أفضل، ومتابعة التقارير والأنشطة المدرسية، والوقوف على مشكلاتهم الخاصة، ومحاولة إيجاد حلول لها. كذلك أكدت على ضرورة العمل على تعزيز حضور الوازع الديني في نفوس الأبناء، وإثراء معارفهم بالثقافة الدينية؛ لامتلاك القدرة الذاتية على رفض أي محاولات لسحبهم إلى دائرة التعاطي، ولو من باب التجربة. كما يجب تجنب النزاعات العائلية أمامهم وتبادل الاحترام ومعرفة أقرانهم من الأصدقاء وسلوكياتهم، كما يجب نشر الوعي بين أطياف المجتمع حول العلاقة الزوجية للحدّ من حالات الانفصال.
مشاركة :