عين - عبدالله بن محمد الوابلي في ظل تداعيات الانتخابات الأمريكية (2020) خفتت طبول الحرب الأمريكية الصينية على وقع التنافس الحاد بين الفيل والحمار الذين يرمزان للحزبين المتناوبين على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية – الجمهوري والديمقراطي – وفي عبارة أدق بين الديكة – الرئيس الحالي “دونالد ترامب”، و”جوزيف بايدن” الرئيس القادم للبيت الأبيض بسرعة فاقت كل التوقعات. دعونا نعود إلى الصراع المحتدم سياسيًا واقتصاديًا بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وإن لم يصل إلى المستوى العسكري بعد. ففي ديسمبر 2001م انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية “WTO”، وقد جاء هذا الانضمام تحولًا تاريخيًا في ميزان القوى بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. تبع ذلك تحول آخر لا يقل حدة عن انضمام الصين إلى “المنظمة” وذلك عندما أصبحت الصين أكبر مقرض للولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 2013م يصل السيد “شي جين بينج” إلى هرم السلطة في الصين، وبوصوله تحول هذا التنين إلى غزالٍ رشيق في مضمار السباق الدولي. وأصبحت الصين أكثر حزمًا، وأقدر على استقطاب البلدان الصغيرة والضعيفة إلى حضيرتها، ولتصبح مجالات حيوية لنفوذها، دون النظر إلى الاعتبارات الأخلاقية كحقوق الإنسان والنزاهة والحوكمة والشفافية، فحققت الصين نفوذًا واسع النطاق في تلك البلدان. في الثمانينات من القرن الميلادي المنصرم كانت الهند في نفس مستوى الصين في مجال التنمية البشرية والاقتصادية، وفي نهاية العقد الثاني من القرن الحالي تفوقت الصين على الهند بخمسة أضعاف. في يناير 2020 ومن على منصة “قمة دافوس” أشاد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بحميمية العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وأثنى على علاقته الشخصية بالرئيس الصيني “شي جين بينج” بل أكد على أن كل منهما يحب الآخر. وفي بداية ظهور “جائحة كرورنا كوفيد 19” قال الرئيس الأمريكي إن الصين تعمل باحترافية ومهنية عالية. ولكنه بعد مدة ليست طويلة، وبعد أن هاجم الفيروس وبضراوة الولايات المتحدة الأمريكية تغير مزاج الرئيس تجاه الصين وزعيمها، متهمًا إياها بأنها هي مصدر الفيروس، فتعترض الصين – في المقابل – على تسييس “جائحة كورونا”، وترد متهمة الأمريكان بأنهم هم الذين جلبوا الفيروس إلى مقاطعة يوهان أثناء دورة الألعاب العسكرية العالمية التي أقيمت في الصين. وعلى وقع (صياح) سيارات الإسعاف التي تنقل المرضى في جميع الولايات المتحدة الأمريكية ارتفعت نبرة الاتهام من طرف الرئيس “دونالد ترامب” تجاه منظمة الصحة العالمية “WHO” موقفًا الدعم المالي عنها، ومتهمًا إياها بالتواطؤ مع الصين، بل رفع الرئيس الأمريكي وتيرة العداء تجاه الصين في كل فرصة يجدها مواتية. بالرغم من درجة الترابط الاقتصادي بين البلدين – أمريكا والصين – حيث يوجد أكثر من (70) ألف شركة أمريكية تستثمرفي الصين، ومن أبرزها شركة “جنرال موتورز” التي تبيع في الصين أكثر من مبيعاتها في أمريكا، إلا أن الرئيس “دونالد ترامب” هدد بقطع العلاقات مع الصين بالكامل، قائلًا، أننا سنوفر بموجب ذلك (500) مليار دولار سنويًا. وفي يوم تكريم العاملين في الخط الأمامي لمواجهة جائحة كورونا الذي أقيم بمناسبة يوم التمريض العالمي شبه الرئيس “دونالد ترامب” “جائحة كورونا كوفيد 19” التي اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها أسوأ من الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له أبراج التجارة العالمية في نيويورك في أحداث “11 سبتمبر 2001م، ومن الغارة الجوية المباغتة التي نفذتها “البحرية الإمبراطورية اليابانية” في 7 ديسمبر من عام 1941م على الأسطول البحري الأمريكي القابع في “قاعدة بيرل هاربر” في جزر الهاواي في المحيط الهادي.. في المجال العسكري والتكنولوجي يشتد التنافس بين أمريكا والصين أكثر وأكثر لتتأزم العلاقات بينهما وتبلغ ذروة التوتر، وفي نفس الوقت الذي يقرر فيه الأوروبيون بأنهم حلفاء استراتيجيون للولايات المتحدة الأمريكية، يؤكدون أنهم لن يسيروا خلف زعيم كـ “دونالد ترامب”. في المقابل لا تخفي روسيا الاتحادية تعاطفها مع الصين، ووقوفها إلى جانبها في المحافل الدولية. أما باقي دول العالم فهي في حالة ترقب وحذر شديدين من الصراع بين العملاقين – أمريكا والصين. العالم باسره يعيش أجواء حرب باردة بين أمريكا والصين، فهل يتجرأ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قبل نهاية ولايته في شهر يناير 2021م وهو يعيش في المرحلة التي تسمى حسب العرف والتقليد السياسي في أمريكا “فترة البطة العرجاء” بافتعال حرب عسكرية مع الصين لجرها إلى طاولة المفاوضات للتفاهم والاتفاق على قيادة العالم؟ وهو ما ترفضه الصين – لحد الآن - جملة وتفصيلا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى للبحث عن مبرر مقنع لتأجيل العمل باستحقاقات نتائج الانتخابات الأمريكية التي أضحت خسارته فيها شبه مؤكدة.
مشاركة :