بعد سنتين من الاعتقال، قرر الناشط السوداني جابر زين أن ينبش جرح الماضي ويروي مأساة ما عاشه في سجون ميليشيات طرابلس، وذلك بعدما فر لاجئاً إلى باريس. وفي حديث له لصحيفة "ليبيراسيون" الفرنسيّة، سرد جابر ما حدث معه حين وقع ضحية لـ "الاختفاء القسري" عام 2016. فالناشط الحقوقي البالغ من العمر 34 عاماً، غدا لاجئاً سياسياً في فرنسا منذ 26 أغسطس/آب الماضي، بعدما أمضى من 25 سبتمبر 2016 إلى 2 نوفمبر 2018 في سجون الميليشيات في طرابلس. وكشف أنه قبع في زنازين مظلمة معصوب العينين، لا يعرف ما ينتظره في مكان يترك فيه السجانون الضحية على الأرض في قيئه وفضلاته. الحكاية بدأت بسبب تاريخ الناشط قبل الاعتقال المليء بالمشاركات الاحتجاجية، فقد قاد جابر مظاهرات كثيرة ضد الميليشيات، وفي 25 سبتمبر من عام 2016 غادر مقهى في حي قرقريش النابض بالحياة، في الضواحي الغربية للعاصمة حين أجبر على ركوب السيارة. ومنذ ذاك الوقت بدأ سيل الأسئلة: "أنت سوداني، أنت جاسوس! لماذا تفسد مجتمعنا؟ وغيرها الكثير. وخلال 769 يوما من اعتقاله تعرض جابر زين للعديد من الاستجوابات، فيما يؤكد التقرير أن جابر زين ليس ضحية اختطاف، بل "اختفاء قسري"، وما أصيب به مجرد ندوب لكنّ مرتكبيها لهم القانون والمؤسسات معهم. باشاغا المسؤول وبحسب التقرير، فإن قوة الدعم الخاصة الثانية، هي المسؤولة عن اختفاء جابر زين، وهي مسجلة لدى وزارة الداخلية التي يقودها اليوم فتحي باشاغا. ويقول جابر: "يريد باشاغا الظهور كوزير داخلية قوي وبالنسبة لي يظل رجل الميليشيات الكبرى"، بحسب تعبيره. كما اكتشف المعتقل هويات سجانيه بعد أيام من اختطافه عندما تُرك دون قصد بمفرده في مكتب معصوب العينين. "طردوا أمي"! بعد بحث طويل، جاءت والدة المفقود إلى مقر المجموعة لترى ابنها، لكن الجواب كان "هذا خطأ، ليس لدينا جابر ولكن جبران، اذهبي"، وخلال الأشهر الأربعة الأولى بعد الاختفاء لن تعرف أسرته أبدا ما إذا كان على قيد الحياة أم لا. وفي يناير 2017 احترق السجن، ثم اقتيد إلى آخر في تاجوراء ليعيش مدة عام وشهرين معاناة أسوأ من التعذيب، تتمثل بالجوع والحرمان، فهناك أربع قطع خبز، علبة تونة، شيء من عصير الفاكهة لمدة 4 أيام. بعدها في عام 2018 ألقت المخابرات الليبية القبض عليه إلى أن تم ترحيله إلى السودان، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، ثم توجه إلى تونس، حيث حصل على بطاقة لاجئ سياسي في أكتوبر 2019.
مشاركة :