قال الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام: إن الله سبحانه وتعالى قد منّ علينا بكتابه القويم، وجمل الإنسان بالبيان، وجمل البيان بالقرآن، وخصه بمعجز دل على تنزيله، ومنع من تبديله.اقرأ أيضًا.. خطيب المسجد الحرام: في الدنيا جنة من لا يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.. فيديووأوضح «الجهني» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن القرآن الكريم هو كلام العليم الخبير، يستزيد المسلم منه خزائن علمه سبحانه وتعالى، ويطرق أبواب حكمته، به ينتظم حياة المسلم، ويعالج مشكلاتها والطوارئ عليها، ويعيش مع المسلم في خصائص ذاته، ولا يهمل منها شيئا، وبين أيدينا آيات بينات من سورة الإسراء وتسمى سورة بني إسرائيل.وأضاف أنه كان من هديه –صلى الله عليه وسلم- قراءة هذه السورة قبل النوم، فعن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل وهي إحدى سور العتاق كما قال ابن مسعود رضي الله عنه بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العِتاقِ الأُولوهن من تلاد، منوهًا بأن تلكم الآيات هي سبع عشرة آية مرتبة ترتيبًا بديعًا من حكيم عليم.وأشار إلى أنه ذكر فيها خمسة عشر تشريعًا هي أصول التشريع الراجع إلى نظام المجتمع، تظهر فضائل من شريعة الإسلام وحكمته، وما علمه الله لعباده من آداب المعاملة نحو ربهم سبحانه، ومعاملة بعضهم مع بعض، والحكمة في سيرتهم وأقوالهم، ومراقبة الله في ظاهرهم وباطنهم، قال تعالى: «لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)».وتابع: « وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا».وأفاد بأن تلكم الآيات افتتحت واختتمت بنبذ الشرك والتحذير منه فهو أعظم ما نهى الله عنه عز وجل، وذلك أصل الإصلاح فإصلاح الفكر مقدم على إصلاح العمل، ثم عطف بالإحسان إلى الوالدين بجميع وجوه الإحسان القولية والفعلية في كل مراحل حياتهما، وحق ذي القربى والمسكين وابن السبيل والإحسان إليهم، والتوسط في الإنفاق وعدم التبذير، ومواجهة المحتاج بالقول الميسور عند عدم وجود ما يتصدق به، ورعاية حق الأولاد في الحياة وعدم قتلهم خشية الفقر.ونبه إلى أنه لما كان من أنواع السلوك في حياة الإنسان تلبية رغباته الجنسية كان من الحكمة سلوكا أن لا يتم ذلك عن طريق الزنا بل عن طريق ما شرع الله، وكذلك جاءت الآيات ناهية عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والنهي عن الإسراف في الانتقام، والنهي عن قرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، والأمر بالوفاء بالعهد، وبإيفاء الكيل والوزن بالقسطاس، والنهي عن أتباع ما ليس للإنسان به علم، والنهي عن الكبر والعجب والاحتيال.وبين أن أهل العلم قالوا إن هذه السور متقدمة النزول على غيرها من السور في كتاب الله تعالى، أو إنها من المفضلات، ولغة العرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا يريد تفضيل هذه السور، لما تضمن مفتتح كل منها من أمر غريب، وقع في العالم خارقا للعادة، وهو الإسراء وقصة أصحاب الكهف وقصة مريم ومعجزات الأنبياء ونحوها.ولفت إلى أن الله بين لنا في محكم كتابه ما أمرنا به، وما نهانا عنه، وما أحل لنا وما حرم علينا، فامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه، واحلوا حلاله وحرموا حرامه، وآمنوا بمتشابهه، وأعملوا بمحكمه، واعتبروا بأمثاله، هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه فاستضيئوا منه ليوم الظلمة وانتصحوا بشفائه وبيانه فإنما خلقكم للعبادة ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون .
مشاركة :