توضيح للدكتورة منال الكوثر

  • 8/19/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هذا كان حال الشعب السوري المنكوب المنكود؛ لذا فأعظم معجزة هي كسر هذه القيود الثقيلة والأغلال التي طوق بها نصف قرن في سجن البعث الأسدي المسخوط أشكر الدكتورة (منال الكوثر) على تعليقها على ماكتبت حول بشار البراميلي؛ فقالت -حفظها الله- إنه ليس أمام الشعب السوري إلا المعجزة كي يتخلص من براميل بشار الأسد؟ وكتبت بلطف تقول، مثلنا مثل الحشرة التي وقعت في شباك العنكبوت، كلما تحركت تريد خلاصا ازدادت التصاقا، وهو يذكر أيضا بـ (الرمال المتحركة) التي وقع فيها يوما (ليوبولد فايس) الذي زار المملكة يوم نشأتها، وكان يهوديا فاعتنق الإسلام وكتب كتابه الرائع (الطريق إلى مكة)، وكيف عاش فيها أسعد اللحظات، هذا قبل قدوم البترول، فقد كان البترول في قسم منه فتنة وحزنا؟ وأنا أقول بدوري للدكتورة الفاضلة الكوثر، إنه ليس ثمة معجزات بل قوانين، منها ماعرفنا مثل تمدد المعادن بالحرارة، وموت الإنسان بتدمير بروتينات الدماغ بالبرودة والحرارة، كما سمعنا عن موت 110 أشخاص في مصر في موجة حر عام 2015م، ومنها ماجهلناه من قوانين تسيير المجتمعات، وتغيير الإنسان فيصبح فعالا بعد أن كان كلاً على مولاه، أينما يوجهه لايأت بخير، هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم؟ وحين كان يطلب جماعة قريش من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بآية؟ كان الجواب إنما أنت منذر ولكل قوم هاد، أو قل: إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب، ثم يمضي القرآن في شرح عجائب الوجود المحيطة بنا، إنها كلها آيات لمن فتح عينيه أو ألقى السمع وهو شهيد. البارحة وأنا نائم في مدينة الجديدة المغربية، حيث الجو يذكر بالجنة لا فيه شمس ولا زمهرير، في درجة حرارة لاتزيد عن عشرين؟ أيقظني من النوم صرصار الليل! حاولت أن أبعده برش غازات شتى دون فائدة؟ قلت له مخاطبا أنت جدير بأن تنال شهادة في الحذر والتربص. كان يوقف صوته بمجرد أن أنهض من فراشي، ثم يسكت حتى أمل وأعجز وأتركه؛ فيبدأ لحنه الليلي بمتعة وغرام، كيف لا وهو يسبح الله؟ كل قد علم صلاته وتسبيحه. نحن في الواقع عميان صم بكم كما يكرر القرآن هذا المعنى في عديد من الآيات، فالكون حولنا روعة من الروعات، تتناثر فيه المعجزات لمن رأى، فكثير من الآيات نمر عليها ونحن عنها معرضون. والشعب السوري أختي الفاضلة الدكتورة منال الكوثر معجزة ما فعل. أنت لاتتصورين أن الإنسان السوري بلغ به الخوف، أنه إذا اجتمع ثلاثة في تورنتو في كندا بدأوا يتهامسون، وإذا جاء ذكر الرفيق القائد الأبدي خشعوا من الذل. أنصحك بقراءة كتاب (القوقعة) للمسيحي خليفة الذي ألقي القبض عليه في مطار دمشق، وهو قادم من باريس فمكث في السجن 13 سنة و 3 أشهر و 13 يوما! بسبب أنه سخر من الرفيق القائد الأبدي، ولا أبدية إلا لله الكبير المتعال. لقد وصف رحلته بما أمرضني أياما وأنا أقرأها، وكتبت عنها في مقالة مطولة نشرت في موقع إيلاف الإلكتروني لمن شاء قراءتها بالكامل؛ فهذا كان حال الشعب السوري المنكوب المنكود؛ لذا فأعظم معجزة هي كسر هذه القيود الثقيلة والأغلال التي طوق بها نصف قرن في سجن البعث الأسدي المسخوط. كانت أخبار الفظاعات والمقاصل تنقل للفيلسوف الألماني (إيمانويل كانط) عن رؤوس تتطاير، وطبقة نبيلة تسحق بالكامل. كان يردد: يوم استبداد واحد أفظع من كل هذه الفظاعات. السبب أن الاستبداد هو سرطان. تصوري دكتورة منال أن الفرنسيين الذين يمثلهم منافقو دمشق هذه الأيام بمسلسل الحارة، أو المنافق الأكبر دريد اللحام الذي مثل يوما مسرحية غربة، كيف كشف اللثام عن حقيقته مع الثورة السورية (الكاشفة الفاضحة) فذهب إلى يوم الجيش يحيي الجيش الإنكشاري الطائفي البغيض، الذي كشف القناع عن وجهه، أنه لقتل الأطفال وتجويعهم في الغوطة، وقتل 1426 إنسانا بالكيماوي يوم 21 أغسطس 2013 م منهم 426 طفلا، وهو مالم يفعله النازيون والفاشيون. أذكرك بكلمات (العجي) الذي ركبوه على كرسي الحكم بعشرين دقيقة من التصفيق، لينهض قرد في مجلس القرود (عفوا مجلس الشعب) فيقول أنت تصلح أن تحكم الإنسانية؟! إنها صور بئيسة لحياة مقرفة مملة في سوريا، التي سلبوا منها كل حياة، فعاشت على الفقر والذل والبؤس والوسخ والفوضى والتخلف والقوادة والتسيب والرشوة والفساد والنخر والموت اليومي. إنهم قتلوا أعظم مافي سوريا: قتلوا الإنسان. فهرب منها كل عقل وعاقل، وسلموها للصفويين الطائفيين الحاقدين المتوقفين في مربع الزمن، قبل ألف عام ويزيد، في معارك وأحقاد ونزاعات لسنا مسؤولين عنها، تتحرك كل عام بقرع الصدور بالقبضات وضرب الرؤوس بالزناجير والسلاسل والسواطير ليسيل الدم، وتتحرك غرائز الحقد والكراهية، وتتمكن المؤسسة الدينية من مسك عقول وجيوب المغفلين، مذكرة بنزاعات لسنا مسؤولين عنها، وإن كان ثمة فائدة منها؛ فهي أن نضحك على عقول أولئك وأولئك. وكيف أفلسوا أخلاقيا وعقليا؛ فتوقف الزمن عندنا، وفك الغربيون السحر؛ فأنتجوا مع الطيارة والكمبيوتر الديموقراطية وحرية الصحافة والبرلمانات الحية، وبقينا نحن نتجرع السموم الثقافية، ونرقص الأفاعي في ساحة الفنا في مراكش، أو نضرب السفود في الصدور والفك والخدود في العراق، بدعوى المعجزة والأساطير؛ فهذه هي قصة المعجزة التي تبحثين عنها، وهي ليست بمعجزة، ومعها قصة الخلاص من بشار البراميلي وأسياده في عبدان وطهران.

مشاركة :