خبراء لـ"المدائن": انضمام فلسطين للجنائية الدولية خطوة مهمة لفضح الجرائم الإسرائيلية

  • 8/19/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

المحلل الفلسطيني صبيح الهواش: السلطة حققت إنجازاً هائلاً ومحاولات مقاضاة دولة الكيان لن تفلح الباحث المصري أحمد التلاوي: التبعات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية للحراك الفلسطيني أظهرت الوجه القبيح لإسرائيل الخبير القانوني إبراهيم الحموات: خطوة متسرعة لكنها مفيدة لردع العدو الصهيوني أستاذ القانون في جامعة النجاح الحسن أبو فارة: ملاحقة جرائم الكيان الصهيوني تحتاج إلى لجان قانونية متخصصة بعد نجاحها في الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية في إبريل الماضي باتت فلسطين في مواجهة واقع آخر يدفع بالمراقبين للتساؤل عن الخطوة المقبلة .. وماذا بعد؟. فالمحكمة التي أنشئت في العام 2002 عضويتها اختيارية ولا تستطيع فرض وصايتها أو المطالبة بمحاكمة دولة على جرائم حرب أو تجاوزات لساسة معينين فيها، دون أن تكون تلك موقعة على اتفاقية الانضمام لها، وبالطبع لم تنضم لها الولايات المتحدة ودولة الكيان الصهيوني، وبالتالي فلن تستطيع السلطة الفلسطينية رفع دعاوى ضد انتهاكات ومجازر وجرائم دولة الكيان الصهيوني باعتبارها ليست عضوًا في المحكمة وغير موقعة على اتفاقية روما. إذن، فما الحل؟، وما هي آليات التحرك الفلسطيني لضمان محاسبة تلك الدولة على جرائمها وكيف نحشد الدعم الدولي لذلك وما جدوى تلك التحركات؟، تساؤلات عدة حملتها المدائن لعدد من الخبراء السياسيين في التحقيق التالي: جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم في البداية، اعتبر الخبير الفلسطيني والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، صبيح الهواش، أن السلطة الفلسطينية وإن كانت حققت إنجازاً بنجاحها في الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، فإن ما تبقى من خطوات يعد الأصعب، لأن محاولتها مقاضاة دولة الكيان الصهيوني لن تفلح عبر المحكمة وتستلزم اللجوء لمجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار للمحاكمة وفقاً للبند السابع وهو ما ستواجهه الولايات المتحدة بحق الفيتو بطبيعة الحال. وأكد الهواش على أن توثيق جرائم الاحتلال خلال الفترة الحالية كجانب قانوني، وأن نكون على أتم الاستعداد لتقديمها للجهات الدولية في أي وقت حتى ولو بعد عشرات السنين لأن جرائم الحرب لا تسقط بالزمن. وحذر الخبير الفلسطيني من الانعكاسات السلبية على الداخل الفلسطيني من الانضمام للمحكمة، لافتاً إلى أنه على الرغم من كونه إنجازاً، إلا أن هناك العديد من الالتزامات المترتبة عليه، فالسلطة بذلك أصبحت ملتزمة بتسليم الأشخاص الفلسطينيين المتهمين كمجرمين حرب في حال قدمت ضدهم أية شكاوى، ناهيك عن أن المحكمة وقوانينها لا تعتد بكلمة مقاومة وتسميها أعمال إرهابية تؤدي للقتل، وبالتالي فربما يكون انضمامنا للمحكمة خطوة ضد المقاومة وضد النضال الشعبي لحصول على حريتنا. كذب المزاعم الإسرائيلية أما الباحث المصري المهتم بالشأن الفلسطيني، أحمد التلاوي، فيرى أنه بالرغم من كل ما تزعمه إسرائيل من أن هذه الخطوة رمزية، وأنه لا تأثير عليها طالما أن إسرائيل غير موقعة على اتفاقية روما المنشئة للمحكمة، وأن فلسطين دولة غير كاملة الأهلية، وبالتالي فلا خطر هنالك على إسرائيل وقياداتها السياسية والعسكرية من الملاحقة من جانب المحكمة جراء جرائهما في غزة وغيرها؛ إلا أن الحقيقة خلاف ذلك. وأضاف أن تأثير هذه الخطوة لا يتوقف على المحكمة؛ حيث إن التبعات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية للحراك الفلسطيني في المجتمع الدولي في هذا الاتجاه، تجاه الانضمام لمؤسسات دولية والحصول على اعتراف بدولة فلسطينية؛ عظيمة الأثر على إسرائيل. ولفت التلاوي إلى أنه من بين أهم هذه الآثار، اتساع نطاق حملة المقاطعة، والتي وصلت إلى مقاطعة الجامعات الإسرائيلية، وقرار رسمي من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى بمقاطعة منتجات المستوطنات اليهودية المقامة على أراضي الفلسطينيين. كما أن ذلك الحراك، أدى إلى تنبيه الرأي العام في الغرب، بما في ذلك دول ومجتمعات كانت تؤيد إسرائيل أوتوماتيكيًّاً باعتبارها الضحية المهددة بالفناء وسط بحر العداء من العربي؛ إلى كذب المزاعم الإسرائيلية، فتحركت آلة حقوق الإنسان في بريطانيا وألمانيا وبلجيكا، ودول أخرى، ضد قيادات الدولة العبرية، المتهمين بارتكاب جرائم حرب في غزة، وهو ما قطع جزء من يد إسرائيل الدبلوماسية، وأدى إلى تخريب خططها لتطبيع وضعها كدولة عادية في الأمم المتحدة. فمن المعروف أن إسرائيل دولة غير كاملة الأهلية في الأمم المتحدة، وذلك مشروط باعترافها بحقوق لاجئي حرب 1948م، وعودتهم، ولذلك إسرائيل ممنوعة من عضوية مجلس الأمن. فالتحرك الفلسطيني في المحكمة الجنائية الدولية له عميق الأثر ليس على ساحة المحكمة فحسب؛ وإنما على ساحات أخرى لا تقل أهمية؛ بل ربما تفوق المحكمة أهمية، وفقاً للتلاوي. خطوة نوعية لردع الاحتلال من جانبه، أكد الخبير الفلسطيني في القانون الدولي، إبراهيم الحموات، أن انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية هي خطوة نوعية في الصراع العربي الإسرائيلي، وفرصة للقيادات بفلسطين في محاولاتها لردع دولة الاحتلال عن الاستمرار في جرائمها ضد الفلسطينيين، لكنه كان يفضل أن تقوم السلطة الفلسطينية بتقديم طلبات محاكمة إسرائيل وهي دولة غير طرف أي ألا تسعى الدولة للانضمام لعضوية المحكمة رغم أهميتها في الاعتراف الضمني بوجود دولة فلسطين، وذلك وفقاً للمادة 12 من قانون المحكمة الذي يخول أي دولة غير طرف بتقديم طلبات المحاكمة بالإشراف على قضية محددة أمامها، وبالتالي كان من حق السلطة في حال كانت غير طرف، المطالبة بإشراف المحكمة على أي انتهاك أو قضية قام بها أحد جنود أو قادة الاحتلال منذ تاريخ إنشاء المحكمة في 2002 إلى الآن، لكن كونها طرف فهي لا تستطيع المطالبة بأية محاكمة إلا للجرائم التي تحدث بعد تاريخ انضمامها وفق ميثاق المحكمة. ورأى الحموات أن السلطة تسرعت في الأمر وهي لا تستطيع محاكمة دولة الكيان على أفعالها كدولة لكن كأفراد فقط، لأن المحكمة لا تختص إلا بالأفراد فقط وليس الكيانات والدول، وكان عليها التحرك وفق بنود اتفاقية جنيف لمقاضاة دولة الاحتلال على كل مجازرها. تعنت إسرائيلي وتحرك فلسطيني على العكس من الحموات، رأى أستاذ القانون في جامعة النجاح في نابلس، الدكتور الحسن أبو فارة، أن التعنت الإسرائيلي والانتهاكات المستمرة لدولة الاحتلال ضد الفلسطينيين هو ما دفع الفلسطينيين لاتخاذ تلك الخطوة. ولفت أبو فارة إلى أن مجرد انضمام فلسطين للمحكمة هو إثبات وجود عالمي وكيان مادي وعملي وفرض للأمر الواقع على الجميع، معرباً عن اعتقاده بأن النظام الأساسي للمحكمة والمعمول به وفق اتفاق روما خصوصاً بالمادة الخامسة منه، تم فيه تحديد الجرائم التي تعاقب عليها المحكمة وتلاحق بمقتضاها كل من يرتكبها سواء العدوان أو الحرب أو الإبادة الجماعية، وتحتها مجموعة من التصنيفات مثل القتل العمد واستهداف المدنيين وهكذا. ويعتقد أبو فارة أن السلطة الفلسطينية باتت تمتلك القدرة على ملاحقة قادة دولة الكيان لكن ستواجهها عدة صعوبات وإجراءات قانونية أهمها عقد دولة الكيان لعدة اتفاقات ثنائية مع دول أوروبية وغيرها لضمان عدم تسليم قياداتها المتورطين في جرائم حرب وغيره للمحكمة الجنائية الدولية. وطالب أستاذ القانون الدولي بتشكيل لجان وطنية قانونية قادرة على ان تضع أمام المحكمة وأمام المدعي العام ملفات جاهزة لتلك المخالفات الإسرائيلية على أن تشمل تلك الملفات أدلة مادية تدين دولة الاحتلال وقياداتها خصوصا الحرب الأخيرة بغزة. ومن أهم المعوقات، بحسب أبو فارة، أن ميثاق روما أعطى الحق لمجلس الأمن بإمكانية التدخل ووقف التحقيق أمام المحكمة لمدة عام كامل في حال طلب ذلك، وله أن يمدد طلب التوقيف مرات ومرات، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة ستتحرك سريعاً لإنقاذ حليفتها بالمنطقة من أي محاولة لمحاصرتها قانونيا. وعلى الرغم من هذه المعوقات، شدد أبو فارة أن القيمة الحقيقية للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، هي رمزية وإثبات للوجود أكثر من أي شيء آخر، فالفلسطينيون باتوا ليس لديهم ما يخسروه ويحملون رقابهم على أيديهم، ولذلك كان التوجه بطلب الانضمام للمحكمة هو مطلب شعبي لأن الفلسطينيون هم الوحيدون الذي يعانون جرائم الاحتلال ومجازره منذ العام 1948م وحتى الآن.

مشاركة :