لمحات من سيرة المغفورُ له بإذن الله تعالى صاحبُ السموِّ الملكيِّ الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء رحمه الله لكِ اللهُ يا البحرين! مَنْ فقدْتِ! وماذا فقدْتِ! وكيف ستصبرين على من فقدْتِ! بعضُ الرّجالِ لا تستطيعُ أنْ تحُدَّهُ حدودٌ، ولا أنْ تقدّرَه موازينُ، ولا أنْ تحيطَ بإنجازاتِهِ مقاييسُ!بعدَ خمسينَ عامًا من العمل الجادِّ والمخلصِ قضاها سليلُ المجدِ المغفورُ له بإذن الله تعالى صاحبُ السموِّ الملكيِّ الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، رحل عن محبوبته البحرينِ، تارِكًا وراءهُ قلوبًا تتفطّرُ، وعيونًا تذرِفُ الدموعَ، ومُدنًا وقُرًى تئِنُّ حُزنًا وألمًا لذلكَ الفقْدِ الصّعبِ القاسي!رحل فقيدُ البحرينِ والأمّةِ العربية والعالَمِ أجمعَ، بعد أن قضى أيامَه وعمرَهُ وحياتَهُ في خدمةِ بلدِهِ وأمّتهِ و دينِهِ. وكان شُغلُهُ الشّاغلُ بناءَ دولةٍ عصريّةٍ حديثةٍ قويّةٍ منيعةٍ، تمتازُ بِبُنيَةٍ تحتيّةٍ قويَّةٍ، أسهمتْ في تهيئة الأجواءِ المناسبةِ للاستثمارِ، وجذبِ المشاريعِ، وتدَفُّقِ رؤوسِ الأموالِ؛ مّا جعل مملكةَ البحرينِ لؤلؤةً جميلةً تزهو بمبانيها الشامخةِ شموخَ أهلِها، وبمناظرها الخلّابةِ التي تَسُرُّ الناظرينَ!خمسونَ عامًا، كان سموُّهُ فيها الأقربَ إلى قلوبِ شعبِه ومواطنيهِ، وشعارهُ الدّائمُ المواطن أوّلا وأخيرًا، ومصلحة المواطنِ فوقَ كلِّ اعتبارٍ، يًمُدُّ يدَهُ بالخيرِ لهم، ويتلمَّسُ احتياجاتِهم، ويسعى لتفريجِ همومِهم. ومجلسُهُ الأسبوعيُّ مفتوح للعلماءِ ورجالِ العلمِ والمعرفةِ والأعيانِ والوجَهاءِ رجالًا ونساءً، يستمعُ إليهم بقلبهِ وعقلهِ وفكرهِ، ويوجِّهُ الوزراءَ ورجالَ الدولةِ دائمًا إلى فتحِ الأبوابِ والاستماعِ للمواطنينَ، والخروجِ من المكاتبِ إلى الميدانِ؛ لتلَمُّسِ الواقع عن قُربٍ كما هو، بصورتِه الحقيقيّةِ.كما كان -رحمهُ اللهُ تعالى- يدًا ممدودةً بالعطاءِ والبذْلِ والكَرمِ، وأياديهِ البيضاءُ تطولُ كلَّ أعمالِ الخيرِ والبِرِّ، يراعي الأسرَ العفيفةَ في كلِّ أيام السنة، وخصوصًا في شهر رمضانَ المباركِ، على امتدادِ حدودِ الوطن الغالي. ولا ننسى لسموِّه -رحمه الله تعالى- حرصَهُ على متابعةِ أوضاعِ شعبهِ وأبناءِ وطنهِ، من خلالِ متابعةِ كلِّ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي، ووسائل النّشرِ والأخبارِ والإعلامِ؛ ليكونَ على اطّلاعٍ تامٍّ بكلّ ما يدورُ بين جنَباتِ الوطنِ الحبيبِ، وهذا يدلُّ على حرصِ سموِّهِ البالغِ على توفيرِ أقصى درجاتِ الرّاحةِ والاستقرارِ والأمنِ والأمانِ والرّفاهيّةِ لشعب البحرين، وبذلك اكتسبَ محبّةَ الجميعِ، وممّا زاد في محبّة الناسِ لسموِّهِ تاجُ التّواضُعِ الذي كان يتوِّجُ أخلاقه ويزينًها، مّا جعلهُ مميّزًا عن غيرهِ ممّنْ هم في مثلِ منصبِهِ الرّفيعِ.وإنْ يرحلْ سموُّ الأميرِ خليفةُ، فإنّما هو رحيلُ جسَدٍ فقط، لكنَّ روحَه الطاهرةَ ستبقى حيّةً بين حنايا القلوب البحرينية التي أحبّته بصدقٍ، وبادلتْهُ الودَّ بالودِّ، والاحترامَ بالاحترامِ.ستبقى البحرينُ تذْكُرُهُ على مدى السنينَ، وستبقى المحرّقُ والرّفاعُ والمدنُ والقرى والأريافُ تشهدُ له بالمعروفِ، وتقِّرُ له سعْيَهُ الدّؤوبَ لجلبِ الخيرِ والتّقدّمِ للبحرينِ كافّةً. ولقد قيلَ قديمًا (منْ خلّف ما مات)، فقد تركَ سموّ الأمير خليفة -رحمه الله تعالى- أبناءً وأحفادًا رافقوه أثناءَ مسيرته المشرِّفةِ؛ مسيرةِ العطاءِ والإنجازِ، فتعلّموا منه وساندوهُ، وها هُمُ اليومَ يُكمِلونَ المسيرةَ بعدَهُ خدمةً للبحرينِ ومليكِها وشعبِها، وفي مقدّمتِهِم الابنُ البارُّ سموّ الشيخ عليّ بن خليفة بن سلمان آل خليفة، نائبُ رئيس مجلسِ الوزراءِ، وسموّ الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، مستشارُ رئيسِ مجلسِ الوزراءِ، وهم بعَونِ اللهِ خيرُ خلَفٍ لخيرِ سلَفٍ. إنّ العينَ لتدمعُ، وإنَّ القلبَ ليحزنُ، ولا نقولُ إلّا ما يُرضي ربَّنا: إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون، ونُسَلِّمُ طائعيْنَ لسُنَّةِ الحياةِ، كما ورد في قولِ اللهِ تعالى «إنَّكَ مَيِّتٌ وإنّهُمْ مَيِّتونَ»، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيمِ.حفظَ اللهُ تعالى جلالةَ الملكِ حمد بن عيسى آل خليفة، ومتّعَهُ بالصحّةِ والعافيةِ، ونسألُ الله تعالى السّدادَ والعونَ لسموِّ وليِّ العهدِ، نائبِ القائدِ الأعلى، رئيسِ مجلسِ الوزراءِ على الثقةِ الملكيّةِ الغاليةِ من لدُنْ عاهلِ البلاد المُفدَّى، وحفظَ اللهُ بلدَنَا البحرينَ، ووفَقَ قيادتَنَا الرشيدةَ لكلِّ ما يُحبّهُ ويرضاهُ.لهمْ مِنّا كلّ السّمْعِ والطّاعةِ في المنشطِ والمكرهِ، والوعدَ بالالتفاف حولَ قيادتنا الرشيدةِ بما يُسهِمُ في رفعةِ بلدنا وازدهاره إنْ شاءَ الله.
مشاركة :