جون جلين.. سيناتور ورائد فضاء

  • 11/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تم اختيار «جلين»، أحد رواد فضاء «ميركوري» الأصليين، من قبل وكالة «ناسا» في فريق مكون من سبعة أفراد لقيادة أولى مهمات الفضاء الأميركية. لا يمكن أن يكون هناك عنوان كتاب أكثر استفزازا من «آخر بطل أميركي» لدراسة شخصية من تاريخ القرن العشرين. قد لا يتساءل القارئ فقط عما تشير إليه كلمة «بطل» هنا، بل قد يحتار أيضا في سبب عدم وجود المزيد من الأبطال. «جون جلين»، ثالث أميركي يطير في الفضاء، ومحارب قديم خاض حربين، وسيناتور سابق، هو بالتأكيد اختيار جيد ومشرف لمثل هذه السيرة الذاتية. لكن «جلين» -مثل «نيل أرمسترونج» و«باز ألدرين» و«سالي رايد» - يتجاوز هذا النوع من تاريخ الفضاء وهو معروف لعامة الناس، حتى لو كان مجرد ذكرى غامضة لشخص طار إلى المدار خلال فجر سباق الفضاء. هذا هو أول كتاب رئيسي يحكي قصة «جلين» منذ وفاته في أواخر عام 2016 عن عمر يناهز 95 عاما، لذا فهذا هو الوقت المثالي لتحليل وتقييم حياته. والكاتبة «أليس جورج» لديها فرصة للتحليل بموضوعية أكثر من مذكرات «جلين» الشاملة لعام 1999. تخوض السيرة الذاتية التي كتبتها «أليس جورج» في مهنة «جلين» المزدحمة والمتغيرة باستمرار مع وعود بدراسة حياته بطريقة ملهمة، حيث تعتبره نُصباً تذكارياً لوقت أكثر صدقاً قبل عصر «ووترجيت» للسخرية الوطنية. إنها طريقة قديمة استخدمها المؤرخون لوصف «جلين» لما يقرب من نصف قرن. توضح «جورج» أن جلين كان بطولياً دون أن يكون مثالياً. فالكمال ليس واقعياً ولا بشرياً لكن «جلين» هنا يقترب بالتأكيد من كونه بطلاً، حيث قضى حياته في الخدمة العامة، وتزوج مدى الحياة من امرأة التقى بها عندما كان طفلا صغيرا مع شعور عام بمحاولة القيام دائما بعمل شيء لائق. كان واثقا دون أن يكون مغرورا، ومقاتلا فقط في لحظات السخط، وآمنا وثابتاً كصانع سياسات بمجلس الشيوخ، ويمكن الاعتماد عليه كطيار. تم اختيار «جلين»، أحد رواد فضاء «مشروع ميركوري» الأصليين، من قبل وكالة «ناسا» في 9 أبريل عام 1959 ضمن فريق مكون من سبعة أفراد لقيادة أولى مهمات الفضاء الأميركية، مثل الآخرين، فوجئ «جلين» بأن هذه المجموعة -التي تم اختيارها للتركيز على الرحلات التجريبية الهندسية والفحص الطبي -أصبحت من المشاهير الفوريين، وتم تكريمهم كأبطال وطنيين قبل سنوات من استعداد الصواريخ لتحليقهم. على عكس الستة الآخرين، شعر «جلين» بالفرصة والمسؤولية، وارتقى إلى مستوى التحدي في التحدث كممثل وطني خلال ذروة الحرب الباردة. لقد كان يعبر عن نموذج أميركي لم يهتم الطيارون الآخرون بالتعبير عنه. تؤرخ جورج من خلال العديد من التقارير الصحفية كيف كان «جلين» يمثل ناسا وأميركا أكثر بكثير مما توقعه أقرانه ورؤساؤه. قد يفسر هذا بطريقة ما السبب الذي جعل أول رحلة فضاء قام بها «جلين» تجذب الاهتمام القومي بطريقة لم تحدث مع البعثتيْن الأميركيتيْن اللتيْن سبقتاها. قليلون يتذكرون عموما الشخص الثالث الذي يفعل شيئاً ما، ومع ذلك فإن «جلين» هو الوحيد الذي يتذكره الجمهور. تتنقل «أليس جورج» بين قصاصات الأخبار وروايات لاحقة عما حدث لتوضح كيف أصبح «جون جلين»، لفترة وجيزة، الشخص الذي تتبعته أمة بأكملها في الفضاء. يوضح هذا الكتاب بإيجاز كيف أن الشخصية البشرية، على الرغم من القفزات التكنولوجية مثل سباق الفضاء، هي أكثر ما يثير إعجابنا دائما. يحتوي الكتاب على لحظات مثيرة للاهتمام. من المهم أن نرى جلين في أميركا عام 1968، وهو زمان مختلف تماماً عن الزمان الذي جعله مشهوراً، عندما كان يقوم بحملة من أجل «بوبي كينيدي» على منصة للحقوق المدنية. يبدو أن جلين قد تغير خلال الستينيات، وها نحن نرى تغير المرشح السياسي المنتظر، المرشح الذي سيرشح نفسه للرئاسة في الثمانينيات. يبدو أن وصف جورج للسناتور جلين في العقود القليلة التالية -لطيف وغير حاسم ومتحدث عام ممل -بعيد عن وصفه بـ «البطل الأخير»، الذي وعدت به. والقراء الذين يأملون أيضاً في التعرف جيدا على شخصية «جلين» وإلقاء نظرة على من كان وراء الصورة العامة من غير المرجح أن يجدوا ما ينتظرونه في هذا الكتاب. والأوقات التي نحصل فيها على لمحة أعمق عن شخصية «جلين» -مثل ما يشعر به رجل شديد التدين حيال إلقاء النابالم على الناس أثناء القتال -تمت الإشارة إليها من مذكراته. والقصص المتنازع عليها غالبا، مثل قيام الرئيس جون كينيدي المزعوم بمعاقبة جلين بإبقائه في المنزل بعد رحلة فضائية واحدة، لم يتم التعرض لها بشكل كامل، بل يتم تكرارها ببساطة. أما زوجة «جلين»، «آني»، وهي جزء أساسي من حياته متسقة لدرجة أنهما كانا يعملان كفرد واحد تقريباً، هي شخصية شبحية في هذا الكتاب لا نتعرف عليها أبدا. في عام 1997، أعلن «جلين» أنه سيتقاعد من مجلس الشيوخ في نهاية فترة ولايته في عام 1999 ووضع نصب عينيه على الفور إقناع «ناسا» بطيرانه في الفضاء مرة أخرى. لم يتم إطلاقا التشكيك في منطق «جلين» -القائل بأنه سيسمح للوكالة باختبار تأثيرات الفضاء على كبار السن، على الرغم من أن قرار «ناسا» استند إلى الدعم السياسي والإثارة العامة وطبيعة البطولة أكثر من أي نتائج طبية. وبعد استعراض حياة «جلين»، غطت الكاتبة السنوات الـ 17 الأخيرة المزدحمة بين مذكراته ووفاته على عجل فقط في خاتمة هذا الكتاب.

مشاركة :