لندن - ينشغل علماء في بريطانيا بإجراء تجارب على اختبار دم يمكنه اكتشاف أكثر من 50 نوعًا من السرطان في وقت مبكر قبل ظهور الأعراض على المرضى. أعلن الرئيس التنفيذي للخدمات الصحية البريطانية، سيمون ستيفنز، أنه سيتم تجريب اختبار "غريل" للكشف عن السرطان، على 165 ألف متطوع في منتصف عام 2021. وحذرت منظمة الصحة العالمية في تقرير من أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية في تشخيص وعلاج الأورام الخبيثة، فإن العالم سيشهد زيادة عالمية بنسبة 60% في حالات السرطان على مدى العقدين المقبلين. ويعود الازدياد في الإصابات بالسرطان لأسباب عدة بينها النمو السكاني وارتفاع معدل أعمار السكان وتفاقم آفات تشكل عوامل خطر مثل التدخين والبدانة وقلة الحركة واعتماد أنظمة غذائية غير متوازنة. توقّعت المنظمة العالمية العريقة ازدياد حالات السرطان بنسبة 81% بحلول عام 2040 في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بسبب عدم كفاية الموارد اللازمة للوقاية. وسيتم إجراء اختبار الدم الجديد على مشاركين في تجربة واسعة النطاق لتحديد تغيرات جزيئية تشير إلى وجود سرطانات يصعب تشخيصها مبكرًا بما في ذلك سرطانات الرأس والعنق والمبيض والبنكرياس وبعض سرطانات الدم. وسيشمل البرنامج التجريبي 165 ألف مشارك تتراوح أعمارهم بين 50 و79 عاماً لا تظهر عليهم أعراض السرطان، وسيخضعون لفحوصات دم سنوية لمدة ثلاث سنوات. ومن المتوقع ظهور نتائج هذه الدراسات بحلول 2023، وإذا كانت النتائج إيجابية فسيتم توسيعها لتشمل حوالي مليون مشارك في 2024 و2025. وقال رئيس هيئة الصحة الوطنية في إنكلترا، سايمون ستيفنز: "الاكتشاف المبكر، خاصة بالنسبة للحالات التي يصعب علاجها مثل سرطان المبيض والبنكرياس يساهم في إنقاذ العديد من الأرواح، لذلك يمكن أن يساهم اختبار الدم الواعد هذا في تغيير قواعد اللعبة في رعاية مرضى السرطان، حيث أنه سيساعد آلاف الأشخاص على الحصول على علاج ناجح". وثمنت وزارة الصحة البريطانية اختبار الدم الجديد الثوري والرائد من مؤسسة "غريل" للرعاية الصحية. وقال مات هانكوك، وزير الصحة البريطاني: "نحن نبني صناعة تشخيص رائدة عالميًا في المملكة المتحدة ليس فقط لفيروس كورونا ولكن للأمراض الأخرى أيضًا". وأضاف "تواصل المملكة المتحدة ريادتها في استخدام أحدث العلاجات المبتكرة لمساعدة المرضى". وصدرت في السابق دراسة حول الأسرار الجينية للسرطان في إطار مشروع أعدّ بالتعاون مع 1300 باحث من العالم. ويهدف المشروع إلى فهم طبيعة الأورام السرطانية وكيفية مكافحتها وتطوير العلاجات والأدوية المناسبة لها، واستند هذا العمل إلى التسلسل الجيني لأكثر من 2600 ورم سرطاني ينتمي إلى 38 نوعاً من السرطان. وهناك الكثير من الدروس النظرية الممكن استخلاصها من الدراسة السابقة حيث انها تتيح تكوين معرفة أفضل بتحوّلات جينية تؤدّي إلى تكاثر الخلايا السرطانية، وتنتج عنها أنواع مختلفة من السرطان أو تنوّع في الأورام السرطانية من فرد إلى آخر. واعتبر علماء أن المعرفة المتراكمة حول أصل الأورام وتطورها تؤدي إلى إيجاد أدوات جديدة تسمح بالكشف عنها وإنتاج علاجات مناسبة لها تكون أكثر فعالية. وأفادوا أن الاكتشاف الأكثر إثارة للاهتمام هو الاختلاف الممكن أن يظهر في نوع واحد من السرطان بين مريض وآخر. ويعود ذلك إلى العدد الكبير من التحوّلات الجينية المُمكنة التي قد تطرأ على الورم السرطاني، وترتبط ببعض الأحيان بنمط حياة المريض، مثل التدخين. كذلك تم التوصّل إلى دليل آخر يفيد بإمكانية تطوّر بعض أنواع السرطانات قبل سنوات من تشخصيها، ما يفتح المجال أمام تطوير علاجات مبكرة.
مشاركة :