في أكتوبر من العام الماضي، ملأت احتجاجات شعبية غاضبة ساحات العراق، منددة بضيق الحال الذي وصلت إليه البلاد ومطالبة بإسقاط حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، وإيقاف التدخل الإيراني وحصر السلاح بيد الدولة لبتر الانفلات الأمني، ما أفرغ عنها مئات القتلى وآلاف الجرحى. وأمس الجمعة، انتفضت شوارع مدينة الناصرية جنوب البلاد، تتذكر "مجزرة الزيتون"، التي ارتكبت في مثل هذا الوقت من العام الماضي في المدينة بحق المتظاهرين وراح ضحيتها العشرات. وبينما بدأت الاحتجاجات أمس، تفاجأ المتظاهرون في الناصرية بعناصر تابعة للتيار الصدري يعتدون عليهم بأسلحتهم ليسقطوا بينهم 6 قتلى وأكثر من 90 جريحاً، وذلك في استعراض للقوة السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو المقبل. كما أقدمت عناصر مقتدى الصدر على حرق خيم المحتجين وخلعها من مكانها. وبينما استمرت الاشتباكات طوال الليل، عاد المحتجون إلى الساحات اليوم السبت، وعمروا خيمهم من جديد، كما أصدرت الحركة الاحتجاجية في ساحة الحبوبي وسط الناصرية بياناً شرحت فيه ما حدث أمس الجمعة، وانتقدت سكوت القوات الأمنية أمام الصدامات، بحسب البيان. وأكدت الحركة أن عناصر الصدر اعتدت على المحتجين دون أسباب وحرقت خيمهم، واستطاعت الميليشيا السيطرة على مركز المحافظة بأسلحتها، وذلك وسط سكون تام من القوات الأمنية، بحسب تعبيرها.مطالبات باستقالة الكاظمي كما طالبت الحركة المرجعية العليا بالتدخل لحماية المتظاهرين، ومعاقبة الميليشيات، وكذلك التوصل مع الحكومة العراقية والأمم المتحدة لإيجاد مخرج للأزمة. وطالبت أيضاً حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالاستقالة، لفشلها بحفظ هيبة الدولة وحماية المتظاهرين والدفاع عن حق الاحتجاج وحرية التعبير، وفقاً للبيان.السلطات تحركت يشار إلى أن اشتباكات أمس، دفعت الحكومة إلى إقالة قائد شرطة المدينة، وفتح تحقيق في الأحداث وفرض حظر للتجول طوال الليل. وأصدر قائد الشرطة الجديد عودة سالم عبود، بياناً أعلن فيه أنه ترأس اجتماعاً أمنياً موسعاً لمناقشة أحداث الأمس. وناقش المسؤول الخطط والبرامج الأمنية وآلية تنفيذ الواجبات، مشدداً على نية القوات الأمنية ببسط الأمن وفرض القانون وحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، مؤكداً أن مهمة الأجهزة الأمنية تكمن بتحمل المسؤولية لإعادة الحياة لوضعها الطبيعي في عموم المحافظة. إلى ذلك، أعلن فرض حظر التجوال الكامل والانتشار الأمني وتكثيف عمل المفارز والدوريات الثابتة والمتنقلة وإبداء المساعدة للحالات الإنسانية. كذلك اتخذت مدن أخرى إجراءات أمنية، حيث فرضت الكوت والعمارة شمالا قيودًا جديدة على الحركة. وتمثل الناصرية معقلا رئيسيا لحركة تشرين التي انطلقت العام الماضي، مطالبة بمكافحة الفساد، ووقف المحاصصة، وإبعاد الأحزاب عن الحكومة. كما شهدت المدينة أحد أكثر الحوادث دموية منذ بدء الاحتجاجات، إذ سجلت سقوط أكثر من 30 قتيلاً في أعمال عنف رافقت التظاهرات في 28 نوفمبر من العام الماضي.
مشاركة :