ضمن برامجه المنبرية الافتراضية، عقد أدبي الأحساء عبر تطبيق «زووم»، مساء الثلاثاء الماضي، ندوة «الآخر في الرواية السعودية»، قدمها أستاذ السرديات المعاصرة والمسرح في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة د. حسن النعمي، وأدارها أستاذ الأدب والنقد المساعد في كلية الآداب جامعة الملك فيصل د. يونس البدر.وقال د. النعمي، إننا يجب أن نفهم هوية الآخر الذي نتحدث عنه، فلا يمكن القول إن الآخر واضح المعالم، وكل آخر مقابل الإنسان الآخر هو آخر، ومفهوم الآخر له بعد حضاري واجتماعي يبدأ من الذات، وبيّن أن في البعد الاجتماعي كل آخر مقابل للإنسان هو آخر، سواء كان ابنا أو زوجة، وبشكل أوسع، فإن الثقافات آخر، ويوجد دائما تغير في ديناميكية الآخر، والآخر نفسه قد يكون ذاتا مقابل الذات التي تصبح آخر، إذن ليس هناك ثبات، بل توجد حركة وتسارع وتصادم وهذا شي طبيعي. وأضاف إن أصل الأمر أن اختلاف حياة الناس سُنة كونية، والغاية من هذا الاختلاف هو التلاقي وليس التباعد، ولكن ما يجري في العالم على مر التاريخ هو التباعد، فكل آخر يتمترس في ذاته، ويصبح في المقابل، في عمليه ضدية، يبحث عن سبب لوجودة على حساب الآخرين، وهذا ما يقلق كثيرا على المستوى الفلسفي والمعرفي والأدبي والثقافي.وأوضح أن الفارق بين الواقع والرواية، أن الواقع كائن محقق بإمكاناته وإشكالاته وخطاباته المتضادة، بينما الفن لا ينبغي أن يكون كذلك، ويفترض أن الرواية هي التي تستخدم الواقع لا أن يستخدمها، لكنه أشار إلى أن الملاحظ في الرواية العربية والسعودية هو هيمنة الواقع على العلاقة مع الآخر، وقال: يفترض من الروائي أن يضع في اعتباره أن الواقع مادة فقط، وهذه المادة مليئة بالإشكاليات والتضادات، وكل الروائيين في العالم العربي أو في الداخل تغافلوا عن فكرة المبدأ الحضاري في العلاقة، والفن قد يبني جسورا من التلاقي والمعرفة والتبادل الحضاري، أما الواقع فلن يتغير، والتناقضات في اتساع، ودور الفن هو إعلاء قيمة الحياة وليس تكريس سلبية الواقع.وفيما يخص الرواية السعودية قال: أبدأ الرواية السعودية بصدور رواية «التوأمان» للكاتب عبدالقدوس الأنصاري عن موضوع الآخر، فقد كان موضوعا مقلقا في الرواية، وشكلا من أشكال الحداثة، وهذا أول تناقض، فهو قدم لنا رواية فيها قلق الآخر، وتزامن ظهورها مع ظهور الدولة من الشتات إلى التجمع، فسلطة الواقع خطيرة جدا، وإذا استسلمت لها تصبح أعمالك محكومة بالسلبية ومجاراة الواقع، والفن لا يجاري الواقع فهو فوق الواقع. وأضاف: هناك ثلاث روايات أخرى تشكل بداية مرحلة جديدة في التعامل مع هذا الموضوع، لكنها على المستوى الفني ليست بالمستوى الكافي، ولكن لا بأس بها، وهي رواية «آدم يا سيدي» لأمل شطة، و«السنيورة» لعصام خوقير، و«لحظة ضعف» لفؤاد صادق مفتي، وهناك اختلافات قليلة فيما بينها، ولكن إجمالا فقد وقعت في إشكالات العلاقة مع الآخر، والاختلافات تظهر أكثر في روايات «ريح الجنة» لتركي الحمد، و«ستر» لرجاء عالم، وهذه الروايات كلها تركز على الآخر، ورواية «التوأمان» تركز على مبدأ الخوف من الآخر، و«البعث» على حالة الترقب، و«ثمن التضحية» على الوعي بالذات على الآخر، وأفضل رواية تعاملت مع هذه الإشكاليات هي رواية «ستر».
مشاركة :