أثار مقتل العالم الإيراني محسن فكري زادة مهابادي حالة من الاضطراب بأجهزت الاستخبارات بالمنطقة بعد التهديد الإيراني بالانتقام، فقد تم تصفية فكري زادة مع بعض من رفاقه وحرسه الخاص في مدينة أبسرد شمال إيران، وهي العملية الأولى في العمق الإيراني مما يؤكد على اختراق الاجهزة الأمنية في إيران، واستهداف الشخصيات البارزة في النظام الايراني، واستعدادًا لعمليات أكثر نوعية بعد الاستياء الشعبي في إيران جراء العزلة الدولية التي تعاني منها منذ سنوات!. الدكتور فكري زادة يعتبر الأب الروحي والعقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني، وهو ذو قيمة إيرانية كبيرة في مجال الذرة مما جعله الرقم واحد في هذا المجال، ولا يقل قيمة وأهمية عن الارهابي قاسم سليماني (قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني) الذي تمت تصفيته في غارة جوية أمريكية بأحد شوارع بغداد في شهر يناير الماضي (2020)، والدكتور فكري زادة على علم بالبرنامج النووي أكثر من أي شخص آخر، واصطياده في أحد الشوارع وتصفيته يعتبر خسارة كبيرة وضربة قاسية للنظام الإيراني الذي يحاول جاهدًا الانتهاء سريعًا من تخصيب اليورانيوم خلال فترة انتقال الرئاسة الامريكية من دونالد ترامب إلى جو بايدن. والمتبع لسيرة الدكتور فكري زادة قبل تصفيته يرى أنه من أوائل الشباب الذين التحقوا بالحرس الثوري الإيراني، وقد شارك في وضع الخطط والبرامج لشراء أجزاء من أول مصنع لتخصيب اليورانيوم، وقد توقف برنامج الأسلحة النووية الإيرانية السرية بسبب الضغوطات الغربية وذلك في العام 2003م، وقد أظهرت سجلات الأمم المتحدة أن الدكتور فكري زادة هو من بين ثمانية إيرانيين خضعوا لقيود دولية على السفر والمال بموجب أحكام صادر عن الأمم المتحدة عام 2007م، وقد طلبت الأمم المتحدة من إيران من استجوابه ولكنه رفض!. ومع أنه لم تتبنَ اي جهة مسؤليتها عن عملية التصفية إلا أن النظام الإيراني وجه أصابع الاتهام مباشرة لاسرائيل وذلك على خلفية تصريحات سابقة (2018م) لرئيس الوزراء الاسرائليين بنيامين نتنياهو الذي وصف الدكتور فخري زادة بـ (رجل الظل في الجهد النووي الإيراني)، كما أن هناك تقارير صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية في يونيو الماضي تذكر بأن الموظفين السابقين في برنامج الأسلحة النووية الإيراني قد واصلوا عملهم في مشاريع ذات أنشطة تقنية مزدوجة الأسلحة لاستخدامها تحت قيادة فخري زادة. إلا أن بعض المحللين يرون أن تلك العملية التي استهدفت فخري زادة هي ضمن الحراك الرافض لمشروع المفاعل الإيراني، وأن هناك محاولات سابقة لعرقلة البرنامج النووي، والتي استهدفت منشآت نووية مثل «نطنز»، وهو الأمر الذي يؤكد على أن هناك معارضة قوية في إيران، ولربما في تعاون مع بعض الجهات الاستخباراتية تعمل لمنع النظام الإيراني من المضي قدما في برنامجها النووي!. بعد مقتل قاسم سليماني وفخري زادة وهما أجنحة إيراني أصبحت إيران في وضع لا تحسد عليه، وقد أصدرت تهديداتها لاستهداف مصالح إسرائيلية أو أميركية، وهي تهديدات لا تغني ولا تسمن من جوع، فأقصى ما سيسعى له النظام الإيراني هو اطلاق صواريخ على أحد المواقع الفارغة في العراق كما جرى في عملية الانتقام لمقتل قاسم سليماني!!. ومع ذلك أرسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات (يو إس إس نيميتز) مع بعض المدمرات والقطع البحرية لعملية الإنزال والتدخل السريع، وهي مهمة وصفها بعض المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية انها لإعادة التموضع والدفاع إذا استدعى الأمر، لذا ستكشف الأيام القادمة عن حقيقة تصفية فكري زادة وأثره في البرنامج النووي الإيراني!.
مشاركة :