في وقت يزداد فيه حجم المعاناة التي تكابدها آلاف النساء اليمنيات بسبب تضييق الميليشيات الحوثية الخناق عليهن وحرمانهن من حق الحياة والعيش الكريم ومضاعفة أعبائهن الأسرية، اتهمت تقارير محلية وأخرى دولية الجماعة الانقلابية بارتكاب انتهاكات ممنهجة بحق النساء من بينها الاعتقال القسري والتعذيب.وأشارت التقارير إلى أن النساء اليمنيات ما زلن يتعرضن في ظل إجرام الحوثيين لمختلف أنواع القمع وأشكال الانتهاكات والإذلال، كما تحدثت عن وجود آلاف القصص المؤلمة التي تجسد حجم تلك المعاناة التي يعشنها في مناطق السيطرة الحوثية.وفيما تصاعدت الدعوات إلى تدخل دولي للضغط على الجماعة للإفراج عن مئات المعتقلات في السجون قدّرت تقارير حقوقية وجود 500 امرأة على الأقل في سجون الجماعة.وفي سياق هذه الدعوات، طالبت تسع منظمات يمنية بالإفراج الفوري عن جميع النساء المعتقلات بسجون ميليشيات الحوثي والكشف عن المخفيات قسراً وإطلاق سراحهن دون قيد أو شرط.وحمَّل بيان المنظمات الحقوقية الميليشيات مسؤولية ما يحدث من انتهاكات تطال النساء وأعمال عنف وصلت إلى حد الاختطاف والإخفاء والتعذيب والاغتصاب والتشهير، بل بلغت حد القتل والتسبب في الانتحار، غير خضوعهن لمحاكمات غير قانونية وغير عادلة. وطالب البيان برد الاعتبار لهن ولذويهن ووضع آلية لمعالجة الآثار النفسية والاجتماعية التي حدثت جراء تلك الانتهاكات بكل أنواعها.ودعا إلى ضرورة وقف عمليات اعتقال النساء تحت أي صيغة أو مبرر من الأطراف كافة وإيقاف إقحام النساء في الصراع والتصفيات السياسية.وشدد البيان على ضرورة إنشاء لجنة تحقيق دولية للمساءلة حول اعتقال النساء والانتهاكات التي تعرضن لها في المعتقلات، وإغلاق جميع السجون السرية، وملاحقة مرتكبي تلك الجرائم وإيقاع أقصى العقوبات عليهم.وفي سياق استمرار انتهاكات الانقلابيين بحق اليمنيات في مناطق سيطرة الجماعة، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن لجاناً مكونة من قيادات حوثية و«زينبيات» (الأمن النسائي الحوثي) يواصلن في الوقت الحالي الإشراف على نشاطات مختلفة (بينها دورات مكثفة) كانت الجماعة قد أطلقتها مطلع الشهر الجاري في أوساط النساء (أغلبهن من كبار السن) بمختلف أحياء العاصمة صنعاء المختطفة.وقالت المصادر إن تلك الأنشطة تصب في صالح تمويل حرب الجماعة وتعويض ما تخسره في المعارك، من أجل أن تسهم الأمهات في الدفع بأبنائهن وأحفادهن إلى جبهات القتال، إضافة إلى إسهامهن المالي وتجهيز الأغذية دعماً للمجهود الحربي.وتخللت أنشطة الحوثيين، طبقاً للمصادر، لقاءات وتجمعات ومجالس نسوية ترعاها وتشرف عليها «زينبيات» بغية غسل عقول كبيرات السن والتأثير عليهن واستغلالهن في توفير المال والخبز وحشد المقاتلين لجبهات القتال المنهارة.وكشفت المصادر أن الميليشيات تنشط حالياً وبصورة غير مسبوقة في تجمعات النساء بصنعاء، عبر لقاءات واجتماعات تعقدها في مختلف الأحياء والحارات للتعبئة الطائفية.وعلى الرغم من احتفال سائر بلدان العالم باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، فإن إحصاءات محلية تكشف عن وجود أكثر من 500 امرأة يمنية ما زلن يقبعن في سجون الحوثيين ويتعرضن يومياً لشتى أنواع الإذلال والتعذيب.وأشار دليل التنمية الدولي لعام 2019 إلى أن المرأة تحت حكم الحوثيين لا تزال تعاني من التهميش والإذلال، وباتت المساواة بين الجنسين في اليمن الأسوأ في العالم.إلى ذلك قال ناشطون يمنيون إن المرأة في مناطق الميليشيات لا تزال تتعرض لأشد أنواع الانتهاكات التي جرّمها القانون الدولي والإنساني، حيث تجاوزت الجماعة بجرائمها المتكررة ضد النساء في اليمن كل الخطوط الحمراء وسحقت من خلال ذلك كل القيم والأخلاق والأعراف اليمنية، حسب قولهم.وبينما طالب بيان مشترك صادر عن كلٍّ من «رابطة أمهات المختطفين» و«شبكة نساء من أجل اليمن»، مجلس الأمن الدولي بإلزام الميليشيات بإطلاق سراح النساء المختطفات والمعتقلات تعسفاً بشكل عاجل ومن دون قيد أو شرط، تشير تقديرات لمنظمات محلية إلى أن ما يتراوح بين 300 و400 امرأة محتجزات حالياً في سجون بمحافظة صنعاء وحدها، بينما أكثر من 100 امرأة محتجزات في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء). وعلقت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر بأن ثمة احتمالاً أن تكون تلك التقديرات أقل من العدد الحقيقي.وكان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، قد استنكر بشدة في وقت سابق ما تعرضت له آلاف اليمنيات من ضحايا جرائم وانتهاكات الميليشيات.وقال الإرياني في تصريحات رسمية: «نتذكر في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة أن مئات اليمنيات المغيبات لسنوات وأشهر في أقبية وخلف قضبان معتقلات ميليشيا الحوثي غير القانونية بتهم سياسية، واللواتي يتعرضن للعنف والاعتداء والاستغلال وأبشع صنوف التعذيب النفسي والجسدي».ودعا الوزير اليمني، المجتمع الدولي ومنظمات مناهضة العنف ضد المرأة لإدانة الإرهاب الحوثي، والضغط للإفراج الفوري عن كل المعتقلات، وتقديم المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات التي تمارسها الميليشيا بحق المرأة اليمنية للمحاسبة بوصفها جرائم ضد الإنسانية.وسبق أن كشف تقرير لفريق الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن بشأن اليمن عن صنوف الانتهاكات التي تتعرض لها النساء اليمنيات في المعتقلات الحوثية، كما أورد التقرير أسماء قادة في الجماعة قال إنهم مسؤولون عن تلك الانتهاكات.
مشاركة :