كشف البنك المركزي السعودي «ساما» ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، في بيانٍ مشترك، عن نتائجَ مشروع «عابر»، الذي يعد مبادرة مبتكرة من أوائل التجارب عالميًا على مستوى البنوك المركزية في هذا المجال. وأكد البنكان، أن النتائج النهائية للمشروع أتت متوافقة مع نتائج التجارب المماثلة لعدد من البنوك المركزية في إثبات أن تقنية السجلات الموزعة ستسهم في تزويد البنوك المركزية بالقدرات اللازمة لتطوير أنظمة الدفع على المستويين المحلي وعبر الحدود.وأعرب الجانبان عن أملهما أن يمثل المشروع قاعدة لمزيد من الدراسات والتطبيقات بالمشاركة مع البنوك المركزية والمنظمات الدولية ذات العلاقة التي تركز بشكل خاص على دراسة الانعكاسات التي قد تترتب على أدوات السياسة النقدية واستقرار القطاع المالي، وتأثير الاحتمالات الفنية المختلفة على الأُطر التنظيمية، والقطاع بشكل عام. وتهدف مبادرة «مشروع عابر» إلى إثبات مبدأ وفهم ودراسة أبعاد إصدار عملة رقمية للبنوك المركزية واستخدام تقنية السجلات الموزعة عن كثب من خلال التطبيق الفعلي، والتعامل مع هذه التقنيات بشكل مباشر من أجل تنفيذ التحويلات المالية بين البنوك في البلدين بشكل يضمن تقليص مدة إنجازها وتخفيض تكلفتها، عن طريق إصدار عملة رقمية للبنكين المركزيين مغطاة بالكامل صادرة بشكل مشترك بين «ساما» ومصرف الإمارات المركزي.وستستخدم العملة فقط من قبل البنكين المركزيين والبنوك المشاركة في المبادرة كوحدة تسوية لعمليات البنوك التجارية في كلا البلدين؛ سواء كانت عمليات محلية أو عمليات بين حدود البلدين، وجرى على مدار عام كامل تصميم حلول الاستخدام، وتنفيذها، وإدارتها، وتم توثيق الحلول، والنتائج، والدروس الرئيسية المستفادة في تقرير مشروع «عابر»، الهادف إلى أن تسهم مخرجات المشروع بشكل كبير في المحتوى المعرفي في هذا المجال، وإرساء أسس العمل المستقبلي المُخطط لاستكشافه في السنوات المقبلة.وأكد اقتصاديون أن مشروع «عابر» بداية للتوجه إلى العملات الرقمية، التي تحسن الخدمات وتقلص تكلفة التحويلات المالية وطباعة الأموال بالطريقة التقليدية، وتنظيم المعاملات المالية والتجارية بين السعودية والإمارات، مشيرين إلى أن العملة الرقمية تسهم في تحقيق التوازن المالي والتنمية المستدامة في تنوع المصادر وتعزيز تسوية العمليات التجارية بين البلدين وسهولة الدفع التجاري وتنمية الإيرادات وزيادة التبادل التجاري.قال الخبير الاقتصادي د. إياس آل بارود: إن مشروع عابر هو بداية التوجه للعملات الرقمية التي تهدف لتحسين الخدمات وتقليل التكاليف على التحويلات وطباعة الأموال بالطريقة التقليدية، مشيرا إلى أن من أهم أسباب إنشاء المشروع بين المملكة والإمارات تجربة هذه التقنيات والتعرف عليها وكيفية الاستفادة منها.وأضاف: إن الاتفاق على إطلاق المشروع بشكل مشترك بدلا من تنفيذ هذا المشروع بشكل مستقر لكل دولة على حدة، مع العلم كل دولة لها نظام مركزي لمعالجة الحوالات والتعاملات المالية تطور مع مرور الزمن، وأثبت جدواه فيما يوجد بعض جوانب أعمال الحوالات الدولية يحتاج إلى التطوير واستخدام العملات الرقمية يمكن أن يساهم في هذا التطور.وأشار إلى أن المشروع مجدٍ بين البلدين اقتصاديا لكثرة التعاملات والحوالات بين البلدين والمستثمرين، ويعد تجربة ثرية لتكوين نواة لثروة رقمية وتنظيم المعاملات المالية وتقليل الوقت المستغرق للمعاملات المالية.من جانبه أكد المستشار الاقتصادي خالد الدوسري أن مشروع عابر يتميز بمنافع متنوعة مدعومة من قبل السلطات الحكومية بالبلدين، إذ توفر الوقت بتحويل الأموال من دولة إلى أخرى وإخراج البنوك من هذه المعادلة مما يوفر على المستفيد اختفاء تكلفة التعاملات المالية.وأضاف: إن العملة الرقمية «عابر» تقلص السيولة المتداولة بالأسواق خارج القطاع المصرفي، مشيرا إلى أن هذه العملة بحاجة إلى إصدار قوانين تشريعية وتنظيمية مع إزالة أي عواقب تواجهها في المستقبل.ودعا إلى حماية تلك العملة من القرصنة التي تعد تحديا، مشيرا إلى أنها ستكون عرضة لتقلبات الأسواق سواء كانت مرتبطة بصرف العملة المحلية أو الدولار الأمريكي.. وأضاف: إن إصدار العملة الرقمية سيسهم في تطوير المعاملات المالية وتحسين مستوى جودة الخدمات وتوفير الوقت.وأكد المحلل الاقتصادي بندر الشميلان أن استخدام العملات الرقمية المدعومة من البنوك المركزية كعملات قانونية يخفض تكاليف تداول النقود الورقية التقليدية مع تحفيز الطلب الكلي، لافتا إلى أن الدراسات تشير إلى أن العملات الرقمية من البنوك المركزية يسمح بتداولها على نطاق واسع للمؤسسات والأفراد، فيما ينتج عنها تقلبات وخروج الأموال المحتفظ بها بصورة ودائع من البنوك التجارية إذ يفضل أصحابها الاحتفاظ بأموالهم في صورة العملة الرقمية للبنك المركزي كونها في كل الأحوال ستكون أقل خطورة لا سيما في حالة الأزمات، وهو ما قد يضر بعملية طباعة النقود التقليدية ويؤثر على إدارة السياسة النقدية.وتابع: «يترتب على العملة الرقمية المعتمدة من البنوك المركزية استقرار القطاع المالي، إذ تسعى رؤية 2030 إلى تحقيق التوازن المالي في تحقيق التنمية المستدامة في تنوع المصادر وتعزيز تسوية العمليات التجارية بين البلدين، ويعزز أيضا سهولة الدفع التجاري بين البلدين في إمكانية تنمية الإيرادات وزيادة التبادل التجاري».وأشار إلى أن العالم يتقدم نحو العملة الرقمية خاصة أنها تجربة فريدة من نوعها، وسوف يكون لها مردود اقتصادي بين البلدين بما يعزز العمل سويا في التنمية المستدامة وتحقيق الرؤية المشتركة بينهما.
مشاركة :