ورغم أنّ التيغراي يشكّلون 6 في المائة فقط من سكان إثيوبيا، فقد هيمنوا على مقاليد السياسة الوطنية بالبلاد لما يقرب من ثلاثة عقود وحتى اندلاع الاحتجاجات. كل ذلك تغير عندما أصبح أبيي أحمد رئيساً للوزراء في أبريل-نيسان 2018، وهو أول رئيس حكومة من عرقية أورومو، الأكبر في البلاد. وفقد التيغراي مناصب وزارية وبعض المناصب العسكرية العليا. شكا الأورومو والأمهرة، ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، بالإضافة إلى مجموعات أخرى من التهميش في ظل حكم التحالف الاستبدادي القديم. وخلال الأشهر الأخيرة، اندلعت أعمال عنف عرقية وأطلقت دعوات لمزيد من الحكم الذاتي في عدة أجزاء من البلاد.جائزة نوبل للسلام حاز أبيي جائزة نوبل للسلام في أكتوبر-تشرين الأول 2019 لدوره في إحلال السلام مع إريتريا، وإنهاء حالة الجمود المريرة التي تعود إلى حرب حدودية من 1998 إلى 2000. لكن الأمور كانت أقل هدوءا على الصعيد الداخلي. فبعد أسابيع من فوزه بجائزة نوبل، رفضت جبهة تحرير شعب تيغراي الانضمام إلى الحزب الحاكم الجديد لأبيي، متذمرة مما اعتبرته تهميشا واستهدافا غير عادل عبر تحقيقات في شأن الفساد. وعاد قادة جبهة تحرير شعب تيغراي إلى منطقتهم، ليتهمهم أبيي بمحاولة زعزعة استقرار البلاد.خلاف انتخابي قررت الحكومة المركزية تأجيل الانتخابات التي كان مقررا إجراؤها في أغسطس-آب 2020 على خلفية فيروس كورونا رغم احتجاجات المعارضة، بدون تحديد موعد جديد. وقرر إقليم تيغراي تحدي سلطات أبيي من خلال المضي في إجراء الانتخابات الخاصة به في 9 سبتمبر-أيلول. اعتبرت أديس أبابا حكومة تيغراي غير قانونية، بينما لم يعد قادة تيغراي بدورهم يعترفون بإدارة أبيي. وقررت الحكومة تقليص الأموال الفدرالية المخصصة للمنطقة، وهو ما عدّته "جبهة تحرير شعب تيغراي" بمثابة "عمل حرب".اندلاع القتال في 4 نوفمبر-تشرين الثاني، أمر أبيي برد عسكري على هجوم "خائن" مميت على معسكرات الجيش الفدرالي في تيغراي. ونفت جبهة تحرير شعب تيغراي مسؤوليتها، وقالت إن الهجوم المزعوم ذريعة لشنّ "غزو". بعد ذلك بيومين، ومع اشتداد القتال، أقال أبيي قائد الجيش الذي ينتمي كبار قادته إلى العديد من قبائل التيغراي. في 9 نوفمبر-تشرين الثاني، شنّت إثيوبيا غارات جوية على تيغراي وقال أبيي إن العملية ستنتهي "قريبًا" وإنّ خصومه سيخسرون "لا محالة".لاجئون و"جرائم حرب" أدى اشتداد القتال إلى فرار الآلاف إلى السودان المجاور، فيما طالبت الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي بإنهاء القتال. وارتفعت أعداد الفارين إلى السودان إلى نحو 40 ألفا. في 12 نوفمبر-تشرين الثاني، قالت منظمة العفو الدولية إن العديد من المدنيين قُتلوا في مذبحة يقول شهود إن قوات داعمة لحكومة تيغراي نفذّتها. لكنّ جبهة تحرير شعب تيغراي نفت تورطها. في اليوم التالي، دعت الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق في "جرائم الحرب" في المنطقة. ومساء ذلك اليوم، أطلقت جبهة تحرير شعب تيغراي "صواريخ" على مطارين قيل إن الجيش الإثيوبي يستخدمهما في ولاية أمهرة المجاورة.هجوم على إريتريا وفي 14 نوفمبر-تشرين الثاني، هدّدت جبهة تحرير شعب تيغراي بشن هجمات صاروخية على أسمرة عاصمة إريتريا المجاورة. واتهمت إريتريا بمساعدة القوات الفدرالية. وفي وقت لاحق الأحد، تعرضت المنطقة المحيطة بمطار أسمرة لعدة ضربات صاروخية، ما أثار مخاوف من اندلاع صراع إقليمي واسع. وأقر رئيس إقليم تيغراي دبرتسيون غبر ميكائيل باستهداف المطار. وقال لوكالة فرانس برس إنّ "القوات الإثيوبية تستخدم كذلك مطار أسمرة" في عمليتها العسكرية ضد منطقته، ما يجعل المطار "هدفا مشروعا" وفق تعبيره.هجوم نهائي بعد ثلاثة أسابيع من القتال الذي رفض خلاله محادثات السلام، أعلن أبيي أنّ الدبابات الحكومية تتقدم نحو ميكيلي عاصمة تيغراي. وأمر الخميس بشنّ "المرحلة الأخيرة" من الهجوم، حيث قال الجيش إنه يطوق المدينة وسكانها البالغ عددهم نصف مليون نسمة. وناشد أبيي لمدنيين "البقاء في منازلهم والابتعاد عن الأهداف العسكرية". واستهدف قصف عنيف ميكيلي في 28 نوفمبر-تشرين الثاني، قبل أن يقول أبيي إنّ العمليات العسكرية في منطقة تيغراي "اكتملت". في وقت لاحق من ذلك اليوم، تعرضت العاصمة الإريترية أسمرة مرة أخرى للقصف بصواريخ أطلقت من تيغراي.
مشاركة :