أوصل النظام السابق في اليمن.. أبناء الجنوب إلى درجة الكفر بالوحدة التي أُعلنت بين الشطرين الشمالي والجنوبي في 22/ مايو/1990م وذلك لأسباب كثيرة يرد في طليعتها: •• أولاً: إحلال قيادات شمالية من أدوات النظام في مواقع المسؤولية المختلفة عسكرية ومدنية محل القيادات الجنوبية السابقة بحجة دمج الإقليمين وبسط سلطة الدولة.. •• ثانياً: السيطرة على مصادر الثروة الموجودة في الجنوب وإدارتها بواسطة أدوات "الرئاسة اليمنية" وتوجيهها وفقاً لخطط النظام وتوجهاته دون أن يحظى الجنوب من تلك الموارد سوى على القليل مما انعكس سلباً على التنمية فيه ومستوى المعيشة لأبنائه. •• ثالثاً: تملُك رموز الدولة وكبار الشخصيات الشمالية لأراضٍ واسعة وشاسعة في الجنوب عبر منح وهبات شخصية من الرئاسة بلغت حسب بعض التقديرات (79%) من أراضي الجنوب المتاحة آنذاك. •• رابعاً: هيمنة أدوات النظام الشماليين على مفاتيح التجارة والاقتصاد في الجنوب.. سواء بتملكهم للشركات والمؤسسات أو بتولي مسؤولية إدارتها والتحكم في الدورة الاقتصادية بالجنوب. •• وقد ترتب على ذلك نزوح أعداد كبيرة من أبناء الجنوب إما إلى الشمال أو إلى خارج البلاد بحثاً عن الوظيفة ومصادر العيش.. وتزايد أعداد العاطلين بصورة مخيفة ومؤثرة في الجنوب. •• وبمعنى آخر.. •• فإن مبدأ "الشراكة" ووحدة المواطنة الذي قامت عليه الوحدة قد أسقط لسلسلة من الإجراءات المتوالية التي اتخذتها السلطة السابقة في اليمن لإضعاف الجنوب وتحويله إلى تابع وسلبه لكل الحقوق المكتسبة لأبناء الوطن الواحد.. •• وحتى حق التمثيل المتكافئ في المؤسسات والأحزاب والمكونات السياسية.. والاجتماعية.. والثقافية.. والاقتصادية سُلب منهم وأصبحوا يعيشون كغرباء في وطنهم وعلى هامش نظام يُعامل المواطنين فيه معاملة المواطن من الدرجة الثالثة.. مما أشعرهم – على الدوام – بالقهر.. في ظل غياب العدالة والمساواة ونهب ثروات الجنوب وتهميش فعالياته وإلغاء هويته تماماً.. •• وما حدث مؤخراً في اليمن.. من تحالف مشبوه بين النظام السابق وبين الحوثيين.. هو نتيجة لتلك الاختلالات الأمنية.. والفكرية.. والاجتماعية.. والاقتصادية في اليمن بشطريه.. وكذلك نتيجة للرغبة الجامحة لدى رئيس النظام السابق وأعوانه في الانتقام من اليمن وجنوبه بعد أن أسقطه الشعب وأبعده عن السلطة جراء حالة الاحتقان التي وصل إليها الناس في اليمن.. بشماله وجنوبه. •• واليوم وقد حدث ما حدث.. واستغلت إيران تلك الأوضاع المتردية ووجدت في الحوثيين وفي رئيس النظام السابق أداتين جاهزتين لتمكينها من اليمن بإحداث التغيير الثقافي الذي تريده فيه.. •• واليوم وقد حدث كل هذا فإن أبناء الجنوب وقد أدركوا حجم المؤامرات الجديدة التي تستهدفهم بصورة أساسية.. فإنهم – فيما يبدو – لن يكونوا مستعدين للقبول باستمرار وضعهم المأساوي السابق في المرحلة القادمة على النحو الذي عانوا فيه طوال (25) عاماً.. لذلك ارتفع صوتهم مطالبين بعودة الجنوب إلى وضعه السابق دولة مستقلة.. لمعالجة كل التشوهات التي أصابتهم في الماضي واسترداد هويتهم التي مزقها النظام السابق شر ممزق.. •• وبالرغم من "وجاهة" ما يطالب به أبناء الجنوب في ضوء معاناتهم الحقيقية إلا أن الصيغة التي اقترحها مؤتمر الرياض الأخير بإقامة "دولة اتحادية حديثة" في اليمن تكفل لأبنائه كل أبنائه العيش الكريم والحقوق المتساوية.. عبر دولة مؤسسات تعيد بناء اليمن الجديد على أسس قوية راسخة وحضارية.. لا غلبة فيها لأحد على أحد.. دولة تفرض سيطرتها على الكل ولا تسمح بوجود أكثر من دولة أو قوة داخل الدولة الشرعية.. إنما يمثل الحل الأفضل ليمن موحّد وقوي. •• فإذا نجح الأشقاء في اليمن مستقبلاً في تبني الصيغة ولم يفقد البلد هويته العربية الأصيلة تحت أي ظرف.. فإن اليمن يصبح - بذلك – جاهزاً للتكامل مع محيطه الألصق به في الجزيرة العربية والخليج.. ويبدأ الجميع مرحلة جديدة من العمل الموحد.. تنفيذاً لخارطة المستقبل اليمني الواعد.. بدءاً بإعادة بناء مؤسساته ومصادر القوة فيه من قوات مسلحة.. إلى اقتصاد قوي.. إلى مجتمع متصالح مع نفسه.. وإلى تنمية شاملة لا محل فيها للخوف أو القلق أو التحسبات على المكون الجديد الذي سيصبح اليمن جزءاً منه.. ومصدر قوة حقيقية فيه. *** ضمير مستتر: •• (المرحلة القادمة ستكشف حقيقة من يريدون الخير لليمن بإعادة بنائه.. أو من يعملون على فصله عن محيطه وربطه بأجندات أعداء الأمة.. والناقمين عليها).
مشاركة :