مختارات شعرية لـ 10 شعراء من آيسلندا.. كوب قهوة ساخن على جليد

  • 12/3/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بحر وقوارب وصيادون وقراصنة ومرافئ وسمك وثلج وريح وغيمٌ وأساطير من زمن الفايكينغ تميز الشعر الآيسلندي. وذلك يعود لموقع البلد في شمال الكرة الأرضية قرب القطب المتجمد، حيث الطقس بارد وضبابي وماطر ومثلج، لكن، هذا لا يمنع الشاعر من استغوار واستكشاف الجمال الذي تخبئه الطبيعة، ما دام الشاعر ابن بيئته. وتعتبر آيسلندا رائدة في الإبداع الأدبي. فثقافتها وحضارتها غنية بشخصيات عظيمة مثل الشاعر المحارب إيجيل سكالاغريمسون (904-995) بطل («الساغا» Saga) الآيسلندية أو ملحمة الفايكينغ التي تعود إلى عصر الاستيطان في المنطقة، وسنوري سترلسون (1179-1241) الذي يعد رمز الأدب النوردي، ولا زال يعتبر مرجعاً عالمياً في التراث الأدبي والميثولوجيا النوردية بشعره الذي يسمى قصائد («الإيداس» Eddas)، وأيقونة الأدب الآيسلندي هالدور لاكسنس (1902-1998) الذي حصلَ على جائزة نوبل للآداب سنة 1955، فيما يعتبر الشاعر ستين ستاينار (1908-1958) رائد الشعر الحداثي هناك. محمد قنور محمد قنور وآيسلندا بلد يتنفس الأدب، فيُحتفى بالأدب كثيراً من خلال تنظيم مهرجانات كبيرة تحتفي بالكتاب ومنح جوائز قيّمة للمبدعين على مدار العام. وهذا راجع إلى حب الكتاب والقراءة، وتقول آخر الإحصائيات إن آيسلندا جنة الأدب؛ وأي كتاب جديد يحقق نسبة مبيعات عالية. كما أن واحداً من عشرة آيسلنديين يبدعُ كتاباً. إن جولة واحدة في ريكيافيك، عاصمة هذا البلد، تكفي لمشاهدة الشعر، فنجد مقاطع على واجهة المحلات العامة وحتى على أكواب القهوة، وكتباً في التاكسي ومحطات الحافلات. ولنقل إن الشعب الآيسلندي شعب يعيش الشعر بكل أبعاده الوجدانية. وهنا مختارات شعرية لعشرة شعراء من آيسلندا. 1 - غيردير إلياسون ولد سنة 1961، أديب ومترجم، يعتبر من أكثر المنتصرين للحداثة الشعرية. نشر الكثير من كتب الشعر منذ سنة 1983. وترجم حوالي عشرين كتاباً من الإنجليزية إلى الآيسلندية. * مكانٌ ما قصياً، خلف الجبال الأربعة تجلس بومة على سياجٍ، يقظةً، تتأملُ فئران العشب الذّابلِ وسيّارة تمرُّ مسابقة أشعة الضّوء. تشدُّ البومة عينيها في غيظٍ وتفرُّ الفئران من المشهدِ إلى المرج. لقد كنتُ سائقَ السيارة. شخص آخر سحبٌ ترسو في السّماءِ حيثُ أقفُ، في نفس المكان وقفت منذُ عام، لكن تحتَ شمس. على مصطبة وحيدة أمام حشيش بري. قربَ مسلك للتّسلُّقِ والسُّمو إلى البلدةِ، شخص غريبٌ على الشاطئ زرع مظلته في الرمل- معتقداً أنها تقي من شمسٍ، لكنها بدت مرتبكة فالرّيحُ تحنيها ذهاباً وجيئةً كأنها تؤدّي لازمة موسيقية للعشب. ورجلٌ بعكازة من خيزرانٍ جاءَ متمشياً وجلسَ على المصطبة. عندها نايات العشب أدت نغمة الإرهاقِ، ها قد بدأت تُمطرُ 2 - كريستين أومارسدوتر ولدت سنة 1962، تكتب الشعر والمسرح، كما أنها فنانة على الخشبة، وتعتبر من رواد الشعر الحديث. * ثلاث شاعرات ثلاث شاعرات بحمالات صدر بيضاء جلسنَ على الأرض حول طاولة مستديرة. وكتبٌ في الأيدي. رجل يرتدي قميص قرصان دخل من الباب عنوة هارباً من عاصفة ثلجية، وجلس على طاولة النساء. خلع قميصهُ. وحالما لَمَسَ إحداهُنَّ، كن قد متنَ منذُ برهةٍ. ولم يعدنَ للحياةِ. ولو أنهن تشوّقنَ لقبلاتهِ. ثم نهضَ، واحتضنَ الّتي لُمست وحملها إلى الخارج. تيار الهواء ذاكَ كلما شرعَ الباب وصفقهُ، يقلبُ صفحات كتُب كلّ هؤلاء الثلاثة. 3 - سيون ولد سيغوريون بيرغر سيغوردسون سنة 1962، شاعر وروائي آيسلندي معروف باسم سيون. وقد تُرجم شعره إلى أكثر من ثلاثين لغة، وهو معروف بتعاونه في كتابة الأغاني مع المغنية الآيسلندية العالمية بيورك. * رجل اقتصاد آيسلندي تنتصبُ خيامٌ برتقاليةٌ محيطة بحانةٍ، وشخص يتساءلُ لو كان الذُّباب الّذي يتفقّدُ الجُعة أكثر واقعية * يحكم اقتصاد العالم طفل عملاقٌ يتمددُ بين المحيطات وحالما يصرخُ، تسقُط الوزائعُ واحدة بعد الأخرى مثل عصافير الثلوج فوق الثلوج في شتاء من ثلج بينما المصروف يقلُّ في الجيوب * هبة الرّيح التي تعبر بالميدان والتي تقصد الوحيد تُشرّعُ لوحات الخيمة فيصير جهاز السمع جلِياً ليتساءل لمرة أخرى: آه لو أن فتاة مكتب النَّقد ليست ميكانيكية الحركة نوعاً ما 4 - بيريجيتا يونسدوتير ولدت سنة 1967، مناضلة سياسية وشاعرة. سبق أن مثلت حزب القراصنة في البرلمان، بعدها اعتزلت السياسة خائبة سنة 2017، ولكنها ظلت تعبر عن رأيها من خلال الشعر. * الحرباء أنا ساحرة وهذا قدري بدون عجلة الغزل. أنا جُندية بقلب شفوق. أنا سيدة متشردة مع قوقعة على ظهري. أنا طيار بلا أجنحة. أنا قزم الفضاء على كوكب الأرض. أنا خطاءة في أفكارك. أنا «الإلهة» التي تنهض من المحيط المزبد في قذيفة أحلامك. أنا الحرباء أنصهرُ في الصورة بدون مجهود مثل قطرة ماء عذبة تمتزج بالماء المالح. 5 - غيرتور كريستني ولدت سنة 1970، وتعد أحد أكثر الكتاب نشاطاً على الساحة الأدبية الآيسلندية حالياً. وتشتهر بكتابة الشعر وكتب الأطفال والرواية والمسرح والقصص القصيرة. وقد حازت مجموعتها الشعرية «بقعة ضئيلة» على جائزة الأدب الآيسلندي لعام 2007. * ثُلمةٌ في الجليد الجليد الذي يطفو على عينيكَ صقيعٌ في قلبك يداك تلك كلاب جامحة تجرُّ مزلجة الجليد يعلونا قمرٌ يستوي في أحضان نجومٍ وهنا طريدةٌ محوطة بثلمٍ من صنع سِهامٍ ضالّة قصيدة قومية يقودني البرد إلى عرين من خوف يضع وسادة تتحرك بنعومة أسفل رأسي وشرشفٌ من ثلجٍ لتقميطي أهدّئ أذنيَ بالجليد المتكسّرِ وأمنيتي سماعهُ يتوقّف. 6 - أندري سنير ماغناسون ولد سنة 1973، يكتب الرواية والشعر والمسرح والقصص. حصل على جائزة آيسلندا للأدب في عامي 1999 و2006. يُعرف شعره بالسخرية من السياسة والصناعة والعالم الاستهلاكي. في سنة 2016، كان مرشحاً في الانتخابات الرئاسية الآيسلندية، وخسرها لصالح الرئيس الحالي يوهانسون. * شِعرٌ إضافي كان جدي سبعين في المئة ماء كان سبعين في المئة من مجاري المياه التي عبرت متدفقة في مزرعتهِ وكان ثلاثين في المئة خِرفاناً تَرعى على جبلهِ وكان السّمكة التي تسبحُ في بحيرتهِ وكان البقرة التي تجترُّ في حقلهِ لقد كان تيّار الماء، والعشب، والجبل والبُحيرة وأنا لست سبعين في المئة ماء ربما خمسة عشر في المئة مياهاً معدنية أما الباقي فجُعة وكوكا كولا أنا معكرونة إيطالية وجبن سويسري ولحم دنماركي وأرزٌّ صيني وصلصة أميركية. 7 - إيريكور أورن نوردال ولد سنة 1978، اشتهر لفترة طويلة كأهم شاعر تجريبي في الدول النوردية. كما برز مؤخراً كواحد من أبرز كتاب النثر في آيسلندا. * أنا ورقةٌ مُعنونة أنا تاريخٌ، ومكانٌ أنا تحيّةٌ رسميةٌ أنا جُملة افتتاحية. أنا جملةٌ تمهيدية. أنا جملة تثيرُ مناقشة الأعمال، الأعمال التي تثير مناقشة الأعمال، تلك التي تثيرُ مناقشة الأعمال. أنا التماسٌ من إنسان يائسٍ. أنا كمٌّ هائلٌ من الحياءِ. أنا وصفٌ لإنجازات عظيمةٍ. أنا تكرارٌ للحياءِ. أنا إحصاءٌ، وإحصاءٌ، وإحصاءٌ. أنا المزيد من التفسيرات، وشرح دقيقٌ. أنا تكرارٌ للالتماسِ وسردٌ عن البؤسِ. أنا أدفعُ أُصبعاً إلى أعماق الجروح المُنفتقةِ. أنا سمسار الإنسانية. أنا أسمسرُ في الشعور بالذّنب الذي سبَّبَتْهُ أحداثٌ في أوقات من اليأس. أنا أتفوّهُ بالكذب عمداً. أنا بدايةٌ لسردٍ. أنا شرحٌ لظروفٍ. أنا إشارة إلى سردٍ آخر. أنا صميم سردٍ. أنا رُقيُ سردٍ. أنا ذِروةُ السّرد. أنا التّتمة. أنا مثلٌ يُلخّصُ القصة بدِقّةٍ. أنا تفسيرٌ جديد للسردِ. أنا اقتراحٌ لعاقبةٍ، ولا زلت أكرّرُ الالتماس. أنا إهمالٌ لتهديدات غامضةٍ. أنا صرخة مؤلمةٌ ومثيرةٌ للشّفقةِ. أنا تسعة أعشار اليأس وعُشر الغضب. أنا عرضٌ لخدماتٍ.... أنا وصفٌ لمكانٍ وزمانٍ. أنا رقم هاتف أنا تحيةٌ رسميةٌ. أنا توقيعٌ أنا اسمٌ. 8 - إنغبيورغ هارالدسدوتير (1942-2016) كانت شاعرة ومترجمة رائدة، بمكانة محترمة بسبب كتاباتها وتجربة حياتها؛ حيث عاشت متنقلة بين آيسلندا وكوبا والاتحاد السوفييتي السابق. نشرت العديد من الأشعار، واشتهرت أيضاً بترجمة الأدب الروسي والإسباني إلى الآيسلندية. * امرأة بعدما يقالُ كل شيء بعدما تُقيّمُ مشاكل العالم وتوزنُ، ثم تُعززُ مكانتها وبعدما تلتقي العيون وتَضغطُ الأيدي على بعضها بعضاً أثناء لحظة رصانة، تأتي امرأة دائماً لمسح الطاولة وكنس الأرض وفتح النوافذ لإخراج دخان لفافة التّبغ. ولا تفشل أبداً. 9 - سيغوردور بالسون (2017-1948) كتب بالسون الشعر والرواية والمسرح، وترجم الكثير من الكتب عن الفرنسية، كما عمل منتجاً سينمائياً وأستاذاً للآداب، يعتبر فقيد الأدب والفن الآيسلندي نظراً لعطائه الأدبي والفني الغزير. * مقطوعة حالمة لقمر كامل يُغنّي عازف الجاز لطائر السند لكي يصبَّ نغماتٍ من زيت على اللهب وتحدث زوبعة بدم حار على أرضية الرقص وبينما يسطعُ القمر الكامل، يُسمع صوت البانجو وتنكشفُ حقائق ساكنة، باستعمال أداة الشّرط وتلفُّ صوبَ الأبواق المحمومة للمضارعِ وتعزَفُ موسيقى الجاز لطائر السند لكي يصبَّ نغمات من زيت على اللهب ويصدح أنين السلاسل المعدنية المتلألئة ويظل الجاز محركاً لطائر السند بإيقاعات عارية صارخة تناشدُ المدَّ القرمزي العالي للشّغفِ. 10 - كاري تولينيوس ولد سنة 1981، شاعر وروائي. نُشرت روايته الأولى سنة 2010. ونشرَ مجموعته الشعرية الأولى «سطر من جليد» في عام 2018، وتلقت الكثير من المدح. * قصيدة فكّر في فيلٍ توقف عن التفكير في فيل فكر في كوكب بلا فيّلة ولا تُفكر في فيل هذا ليس عسيراً، فلا فيّلة في معظم الكواكب فكر في جبل حيثُ يجبُ أن يكون الفيلُ لكن لا تفكر في فيلٍ فكّر في سلسلة جبال تشبهُ قطيع فيّلة لكن لا تتخيّل فيلاً فكر في سلسلة جبال على كوكب حيث لا توجد فيلة لكن لا تفكر في فيلٍ لأنّك تعيش في مدينةٍ، في وادٍ، في سلسلة جبال على كوكبٍ حيث لا يوجد فيّلة فلا تفكر في فيلٍ.

مشاركة :