حث الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم (الأربعاء) المجتمع الدولي بأسره على عدم التخلي عن بلده وسط أزماته الحالية المتعددة والمتشابكة. جاء ذلك في كلمة القاها عون في "المؤتمر الدولي الثاني لمساعدة ودعم بيروت والشعب اللبناني" الذي انعقد عبر الفيديو مساء اليوم في باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمشاركة نحو 30 رئيس دولة وحكومة ووزيرا ومدراء منظمات دولية ومنظمات غير حكومية. ولفت عون إلى أن المآسي الكثيرة التي يواجهها اللبنانيون جراء هذه الأزمات المتراكمة والمتصاعدة وإلى الصعوبات الاقتصادية وتفشي مرض (كوفيد-19) ومأساة انفجار مرفأ بيروت. وشدد على "متابعة مسيرة تحرير الدولة اللبنانية من منظومة الفساد السياسي والاقتصادي والإداري التي أضحت رهينة لها، بغطاء من ضمانات مذهبية وطائفية واجتماعية". وقال إنه من دون التدقيق المالي الجنائي الذي أقره البرلمان والحكومة في حسابات مصرف لبنان المركزي والمؤسسات العامة "لن تكون هناك أي اتفاقية مع أي دولة راغبة في مساعدة لبنان، ولا حتى مع صندوق النقد الدولي". وأضاف أن التدقيق سيبين جميع المسؤولين عن انهيار نظامنا الاقتصادي، كما سيفتح الطريق أمام الإصلاحات الضرورية لإعادة بناء الدولة اللبنانية. واعتبر أن "المجتمع الدولي بإمكانه تقديم مساعدة أساسية للبنان ...لجهة محاربة سرقة الأموال العامة، وتعقب التحويلات غير الشرعية لرؤوس الأموال إلى الخارج". ورأى أن "مساعدة المجتمع الدولي أساسية مهما كانت طرقها أو آلياتها أو أدواتها وأياً كانت القنوات التي سيتم اعتمادها، طالما هي بإشراف الأمم المتحدة". وجدد دعوة المجتمع الدولي "لأن يحسم قضية عودة النازحين السوريين إلى أراضيهم لأن بلدنا المستنزف لا يملك البنى التحتية ولا السبل المناسبة التي تخوله الاستمرار في استقبالهم أو حتى تقديم أي دعم لهم". واعتبر أنه "رغم من العوائق التي تواجهها المبادرة الفرنسية، لا بد لها من النجاح، لأن الأزمات التي يمر بها البلد قد وصلت إلى أقصى حد". وقال "إن أولويتنا اليوم هي تشكيل حكومة من خلال اعتماد معايير واحدة تطبق على جميع القوى السياسية". وأشار إلى أن "المطلوب من الحكومة العتيدة أن تطلق في الوقت عينه ورشة الإصلاحات البنيوية الملحة، وإعادة إعمار بيروت، وتطوير خطة التعافي المالي والاقتصادي ووضع أطرها التنفيذية". وكان عون كلف سعد الحريري في 22 أكتوبر الماضي بتشكيل حكومة جديدة، حيث تعهد بأنه سيشكل سريعا حكومة اختصاصيين "لكي نقوم بالعمل السريع بحسب الورقة الإصلاحية الفرنسية" التي تهدف لفتح الباب أمام المساعدات الأجنبية لمواجهة الأزمات والانهيار الذي يتعرض له لبنان. لكن الحريري لم يتمكن حتى الأن من تشكيل الحكومة في ظل الخلافات القوية بين القوى السياسية على توزيع الحقائب السيادية، إضافة إلى خلافات تتعلق بالتمثيل الوزاري المسيحي. وكشف عون أن لبنان يفاوض حاليا البنك الدولي على قرض بقيمة 246 مليون دولار لمشروع "شبكة الأمان الاجتماعي- أزمة الطوارئ في لبنان والاستجابة إلى (كوفيد-19) على أن تنتهي المفاوضات هذا الأسبوع. وشدد على أن المساعدة الدولية أساسية وضرورية للبنان الذي ما زال يعاني ويدفع الأثمان الباهظة جراء نزوح أعداد ضخمة من السوريين الوافدين إليه" معتبرا أنه "من الملح اليوم أن يحسم المجتمع الدولي قضية عودتهم إلى أراضيهم لأن بلدنا المستنزف لا يملك البنى التحتية ولا السبل المناسبة التي تخوله الاستمرار في استقبالهم أو حتى تقديم أي دعم لهم". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون افتتح المؤتمر الذي عقد برئاسته وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "دعمنا للشعب اللبناني موجود وسيبقى، ولكنه لن يحل محل عمل السلطات اللبنانية". وأشار إلى أنه من "المقرر تأسيس صندوق يديره "البنك الدولي"، للمساعدة على تقديم المساعدات الإنسانية للبنان". وركز أنه "من واجبنا دعم لبنان لتلبية احتياجاته بعد انفجار مرفأ بيروت، ولابد من تعزيز الاستجابة الدولية لهذا الغرض". ولفت إلى أن "20 بالمئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، والمؤتمر سيساعد لبنان للوقوف بعد انفجار مرفأ بيروت، ولكن هذا لا يعني إعفاء الدولة اللبنانية من قيامها بالإصلاحات المطلوبة منها". ودعا ماكرون إلى "الإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية، وتنفيذ خارطة طريق الإصلاحات، وإلا فلن تقدم مساعدات دولية" وأعلن أنه "سيزور لبنان قريبا". وقال "لن نتخلى عن التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت وعن ضرورة القيام بالإصلاحات". بدوره شدد غوتيريش في كلمته على "أهمية تلبية حاجات اللبنانيين، خصوصا من هم الأكثر حاجة إلى المساعدة". وقال إنه ستتم المساعدة في إعادة الإعمار في بيروت بمساندة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما من الدول والمنظمات". وأضاف "علينا أن ندعو بصوت واحد القيادات في لبنان إلى وضع الخلافات والمصالح السياسية جانبا وتلبية حاجات المواطنين"، مؤكدا أن "الأمم المتحدة ستواصل دعم لبنان وشعبه في المسيرة الطويلة لاستعادة العافية والاستقرار". وكان المؤتمر الاول لمساعدة ودعم بيروت والشعب اللبناني قد عقد بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت في 9 أغسطس الماضي لمواجهة تداعيات انفجار المرفأ وأقر مساعدات إغاثية عاجلة للمتضررين. يذكر أن لبنان كان تعثر في سداد ديونه السيادية فيما قيدت المصارف سحوبات الودائع وانهارت العملة الوطنية فيما فاقم الوضع في لبنان تداعيات تفشي (كوفيد-19) وانفجار مرفأ بيروت بسبب 2750 طنا من مادة "نترات الأمونيوم" المخزنة من دون وقاية مما أوقع نحو 200 ضحية و 6 آلاف و500 جريح إضافة إلى تشريد نحو 300 ألف شخص وأضرار مادية ضخمة قدرت بنحو 15 مليار دولار أمريكي .
مشاركة :