كنسيم يخترق موجات الحرّ ليلسع بشرتنا بعذوبة، كانت نغمات فرقة الروك البديل «ALT - J» البريطانية تتسلّل الى مسامعنا لتدخل الى أعماق القلب، مساء أول من أمس، خلال الحفلة الختامية لمهرجانات جبيل الدولية. وكان ختامها مسكاً، مع تلك الفرقة الشبابية التي يحجز عشاقها بطاقات الدخول الى حفلاتها قبل شهور من الموعد المحدّد، وقد لا يحالفهم الحظ في الغالب. فتلك الفرقة الرباعية تسجل منذ 2011 جماهيرية واسعة تزداد يوماً بعد يوم، في الساحة العالمية، بفضل أسلوبها المبتكر في تأليف الموسيقى وتأدية الأغاني التي تجمع بين الروك والفولك والالكتروني. فهي تلعب نوعاً جديداً وفريداً من الموسيقى، غير مألوف للأذن. فعندما تسمع أغانيها تحتار، لأنها لا تنتمي الى الروك الصاخب الذي اعتدت سماعه، ولا هي بوب تقليدي ولا حتى فولك أو ترانس. إنها خلطة سحرية ساحرة، رومانسية هادئة، يزيدها ألقاً ذاك الهدوء الراقي لأعضائها الاربعة على المسرح، وصوت مغنيها الأساسي جو نيومان الذي يجمع التضاد في طبقاته. فهو صوت غامض، ليّن حاد، تخاله صوت فتاة تارة وصوت رجل جهوري تارة أخرى، لكنه في كل الأحوال يحمل احساساً مرهفاً. واللافت في أداء الفرقة التي تعرّف أعضاؤها (جو نيومان، غويل ساينزبوري، غاس أونغر هاميلتون، وطوم غرين) على بعضهم في جامعة ليدز في المملكة المتحدة عام 2007، أنه لا يشبه أداء موسيقيي الروك. هو أداء أقرب الى موسيقيي الكلاسيك، فلا صخب على الخشبة، ولا توتر او تكلّف. لا صراخ ولا قفز. هناك موسيقى مشغولة بعناية، تدخل القلب والروح، برومانسية حالمة. فينبثق النوع الموسيقي الذي يعزفونه من المكان الذي وجدت فيه الفرقة عندما كانوا طلاباً، حيث كانوا يعيشون في مساكن للطلاب وعليهم المحافظة على الهدوء. وبما أن عليهم إبقاء صوتهم وأصوات آلاتهم منخفضة، لم يكن في امكانهم استعمال الغيتار الجهير ولا الطبول الجهيرة. فوجدوا الحل بالموسيقى الهادئة. كانت الفرقة تسمى في الاساس «DALJIT DHALIWAL»k تيمناً بمقدم برامج تلفزيوني بريطاني ومن بعدها اتخذت اسم «FILMS». وفي العام 2010 تخرّج اعضاء الفرقة من الجامعة وانتقلوا الى كامبريدج حيث عملوا على موسيقاهم وبدأوا حصاد جماهير في الحانات وعلى مسارح الجامعة. وقد أمضى الاصدقاء الاربعة السنتين الأولى والثانية بالعزف في اماكن مختلفة في المدينة وهم يحسنون نوعاً محدداً وفريداً من نوعه من موسيقى البوب البديلة يشدد على ألحان الفولك المؤثرة والموالفات الصاعقة واختزالات ذكية من الهيب هوب وتوافقات صوتية متراصة. وتخلوا عن الاسماء التي استعملوها من قبل لتجنب أي التباس، واتخذوا من «ALT - J» الاسم الذي لمع سريعاً في دنيا المهرجانات وحصد جوائز عدة واحتل البوماه المراتب الأولى. أما رمز الفرقة فهو حرف «دلتا» الذي يستعمل عادة في دروس العلوم للدلالة على التغيير أو الاختلاف، مما اعطاهم طابعاً فريداً يمّيز النوع الموسيقي الذي يعزفونه في قبو منزل في مقاطعة كامبريدجشير الإنكليزية. ومنذ أغانيها المنفردة الأولى مثل «Matilda» «Breezeblocks» «Tessellate» «Something Good» «Fitzpleasure»، سطع نجم الفرقة وظهرت موهبة استثنائية في دنيا الفرق المستقلة. وفي العام 2012 صدر ألبومها المسجل الرسمي الأول بعنوان «AWESOME WAVE « الذي نالت عنه جائزة «ميركوري» للموسيقى في السنة ذاتها، قبل أن يحتل مرتبة افضل البوم لعام 2013 في احتفال Ivor Novello. وقد سمح لهم هذا النجاح بالمشاركة في مهرجانات مشهورة مثل غلاستونبوري وكوتشيلا وبونارو ولولابالوزو، وغيرها من المهرجانات العالمية. وفي حين كانوا يحتفلون بنجاحهم ويعملون على إصدار البوم جديد، أعلن عازف الغيتار غويل ساينزبوري أنه سيغادر الفرقة التي صرحت أنها ستستمر وبأن علاقة الصداقة مع غويل ستبقى قائمة. وكبديل لساينزبوري، التحق بالفرقة كاميرون نايت الذي يلعب دور عضو مساند خلال العروض المباشرة لفرقة «آلت - دجاي». وفي 2014 صدر الألبوم الثاني بعنوان «THIS IS ALL YOURS» الذي أثبت جدارة الفرقة وفرادتها، وشاركت فيه المغنية الشهيرة مايلي سايرس المعجبة بالفرقة وبأعمالها. وحسناً فعلت إدارة مهرجانات جبيل باستضافة فرقة تخطو خطوات تصاعدية نحو العالمية، وليست في خريف عمرها كالفرق والمغنين الذين تستضيفهم بعض المهرجانات في لبنان. لذا كانت السهرة الختامية من العمر، وشبابية بامتياز.
مشاركة :