الأنشطة الكشفية ستكون خير عون للمساهمة في تخريج مواطن قوي في بدنه وعقله، متمتع بالصحة البدنية والنفسية، ومحب للمغامرة والتجريب والانضباط الذاتي، لذا أقترح أن تكون الكشافة من متطلبات التخرج في المرحلة الثانوية، وأن يركز في برامجها على محاربة الأمراض بكل أشكالها البدنية والنفسية.. حين سألته عن سبب تمتعه بالصحة واللياقة البدنية والسلام الداخلي، أجاب: إنه يدين للكشافة بالشيء الكثير، يقول: التحقت بها في المرحلة الابتدائية وواصلت حتى الجامعة، ويقول في شيء من المبالغة: الدراسة كلها في كفة والكشافة في كفة أخرى، الدراسة لدينا أكثرها نظري وأحياناً تقود إلى الملل والتكرار، أما الكشافة فهي نشاط في الهواء الطلق، وتطوع وقيم ومبادئ، وتطبيق لما نتعلمه في المناهج، وما حث عليه الدين من الأخذ بأسباب القوة. قبل أيام استضافت مؤسسة عبدالرحمن السديري الثقافية الدكتور عبدالله الفهد نائب جمعية الكشافة السعودية، تحدث عن الكشافة، ومبادئها وأسباب تميزها وأهميتها لطالب المدرسة من رياض الأطفال وحتى المرحلة الجامعية، وأسباب انتشارها على مستوى العالم، وتوسعها المستمر والمدعوم من الحكومات، ولأن المحاضرة عن بعد فقد كان من ضمن الحضور عدد من المهتمين من الدول العربية، من السودان ومصر والعراق والمغرب. وأوضح الدكتور أن الكشافة حركة تربوية تركز على القيم وبناء الشخصية، وتنمية القيادة ومهارات التواصل لدى الطفل في سن مبكرة، وتنمي الصدق والأمانة، والنظافة، وعدم التبذير، والطاعة والبشاشة، وحماية البيئة والحياة الفطرية. والكشافة أقرب ما تكون للتدريب العسكري حيث تركز على الانضباط وتعزيز روح الفريق، وتتيح الفرصة للعمل التطوعي وخدمة المجتمع، وتزرع في الشاب أو الشابة روح المغامرة والاكتشاف، وتحمل المسؤولية منذ الصغر. والكشافة حركة غير عنصرية، وليست حركة دينية أو جغرافية أو قومية، أو رياضية مما يجنبها الصراعات والانقسامات، ولذلك انتشرت على أوسع نطاق ولا تزال تنتشر وتتوسع. وفي تعليمات الكشافة يحتل الوطن الأولوية في الولاء والخدمة، وكما يرددون "الوطن أولاً وثانياً وثالثاً" فلا حركة كشفية بلا وطن، ولا حياة آمنة ومستقرة بدونه. تحدث الدكتور في محاضرته عن "رسل السلام" التي انطلقت من بلد السلام المملكة العربية السعودية في العام 2011 وبتوجيه من الملك عبدالله -رحمه الله-، حاملة معها الحب والسلام، وانطلقت من مكة المكرمة لتنتشر في أكثر من 150 بلداً حول العالم، ولتجعل شعارها الطائر يحمل غصن الزيتون ويتوسطه شعار السعودية، وتركز على خمسة محاور هي: السلام، والحوار، وحلّ الخلافات سلمياً، والصحة للجميع، والبيئة والأعمال التطوعية على مستوى العالم. والكشافة مهمة في كل وقت، وهي اليوم أهم، ومن يرى سلوك بعض الشباب من عدم مبالاة بالأنظمة، وعدم التزام بالوقت وأداء العمل، أو العبث بالبيئة، وما يواجه الشباب على مستوى العالم من تحديات كثيرة فرضتها التغيرات المتسارعة في مجال التقنية والإعلام العابر للقارات، وما يواجههم من قبل تجار المخدرات وشركات التدخين وشركات إنتاج الغذاء غير الصحي، وهو ما يعني أن نواجه كل هذه التحديات في وقت مبكر من مراحل التعليم، وقبل أن يصبح الطالب أسير بعض العادات المضرة، أما التعليم النظري فمهما كان مكثفاً فإنه لا يبني الشخصية القيادية ولا يرسخ القيم، ولا يغني عن الممارسة والتطبيق على أرض الواقع، وكما يقال: "لن تتعلم السباحة من كتاب"، والكشافة تتيح ذلك من خلال أنشطتها المتعددة وتنظيمها الدقيق الذي يراعي الفوارق في السن والقدرات، حيث جعلت لكل سنّ مسمى ونشاطاً يناسبه، وليتدرج من البراعم بين سن 3 إلى 7 سنوات، ثم الأشبال من سن 7 إلى 11 سنة، ثم مرحلة الفتيان من 11 إلى 14 سنة، ثم مرحلة المتقدم من 14 إلى 17 سنة، ثم مرحلة الجوال من 17 سنة وحتى يجتاز المنهج المقرر له، وأخيراً مرحلة القيادة وهي ما بعد الجوال فأعلى. دول العالم في سباق محموم من أجل اكتساب الصدارة في مجال الاقتصاد والقوة بكل أشكالها، متسلحة بالتعليم المتميز، والمملكة داخلة في هذا السباق بقوة، والعنصر البشري هو ما نراهن عليه لكسب السباق لتحقيق الأهداف، وهذا يحتم أن نهتم بتنشئته وتدريبه وتأهيله، وأهم ميادين تدريبه هي المدارس والجامعات وقبل أن يتخرج ويصبح من الصعب تدريبه. الأنشطة الكشفية ستكون خير عون للمساهمة في تخريج مواطن قوي في بدنه وعقله، متمتع بالصحة البدنية والنفسية، ومحب للمغامرة والتجريب والانضباط الذاتي، لذا أقترح أن تكون الكشافة من متطلبات التخرج في المرحلة الثانوية، وأن يركز في برامجها على محاربة الأمراض بكل أشكالها البدنية والنفسية، وأن نطبق مبدأ الوقاية الذي جربته المملكة ونجحت فيه بامتياز حين واجهت وباء كورونا بدل الانتظار حتى يتفشى المرض.
مشاركة :