أثار المرسوم الذي أصدره رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني بتعيين «مجلس شركاء الفترة الانتقالية»، موجة عنيفة من الرفض من القوى المشاركة في المجلس والمعارضة له، على رأسهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي لمح إلى الانسحاب منه، متذرعاً بأن القرار الصادر جاء خلاف ما هو متفق عليه من حيث تكوين المجلس وصلاحياته.وقال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة فيصل محمد صالح، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن رئيس الوزراء «فوجئ بالمرسوم» الذي تم بموجبه تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، «لأنه جاء مخالفاً لما تم الاتفاق عليه، من حيث الشكل والتركيبة والتصورات المتفق عليها».وأصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، مرسوماً رئاسياً، أول من أمس، بتشكيل مجلس جديد أطلق عليه «مجلس شركاء الفترة الانتقالية»، من 29 عضواً، وحدد صلاحياته بتوجيه الفترة الانتقالية بما يخدم مصالح البلاد العليا، وللفصل في الخلافات بين الأطراف المختلفة، لكن صالح أوضح أن الأطراف اتفقت على تشكيل «مجلس تشاور سياسي»، يجمع الشركاء السياسيين لحل الأزمات التي قد تنشب، دون تدخل في السلطات السيادية والتنفيذية والتشريعية، ودون سلطة للإشراف على المرحلة الانتقالية وتوجيهها، وقال: «من حيث التركيبة كان الاتفاق على تمثيل خمسة عسكريين، لكن القرار صدر بستة عسكريين»، وأضاف: «المرسوم غير مرضٍ، لا من حيث التركيبة أو الصلاحيات، وهذا ليس ما تم الاتفاق عليه».وقال صالح إن الفكرة المتفق عليها تكوين مجلس يضم شركاء الانتقال، بإشراك شركاء السلام ليكونوا جزءاً منه، فقوى «إعلان الحرية والتغيير» والعسكريون في المجلس السيادي، كانوا يتشاورون بصفتهم موقعي «الوثيقة الدستورية»، وبالتالي يجب أن يكون شركاء السلام جزءاً من هذا التشاور.وأوضح صالح أن إعلان تشكيل المجلس بمرسوم من مجلس السيادة، جعله يبدو كأنه «بديل للمجلس التشريعي»، أو وصي على المرحلة الانتقالية، وقال: «هذا غير مقبول من أي طرف، ولا بد من إعادة تشكيل المجلس، وتصحيح مهامه، بحيث لا يكون وصياً على السلطة التنفيذية أو التشريعية غيرها».وأرجع الصالح ما سماه «الثورة ضد القرار» إلى الجهد الذي بذل في تكوينه، مقابل «التباطؤ في تشكيل المجلس التشريعي»، وأضاف: «لا بد من السعي بجدية لتكوين مجلس تشريعي بتمثيل حقيقي لكل القطاعات والمواقف المهمة»، وتابع: «إذا تم تكوين المجلس التشريعي بتركيبه جيدة، فسيضع الفترة الانتقالية في مسارها الصحيح، ويشكل ضمانة حقيقية لها».من جهته، قال مقرر المجلس المركزي لقوى «إعلان الحرية والتغيير» كمال بولاد، إنه اطلع على المرسوم الصادر عن رئيس مجلس السيادة، بشأن تشكيل مجلس الشركاء، ووعد بدراسته في اجتماع المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» الدوري، الذي يصادف «اليوم».وأوضح أن فكرة مجلس الشركاء متفق عليها، باعتبارها تطويراً لفكرة اللقاءات الثلاثية بين المجلس السيادي ومجلس الوزراء والتحالف الحاكم «الحرية والتغيير»، لحل الإشكالات التي تطرأ أثناء العمل اليومي، وأضاف: «كانت فكرة اللقاءات الثلاثية مفيدة، وعالجت كثيراً من القضايا، لكن بعد تعديل الوثيقة الدستورية، وإضافة المادة 80 للوثيقة، جاءت فكرة مجلس شركاء الانتقال».ونصت المادة 80 من الوثيقة الدستورية على إنشاء مجلس شركاء الفترة الانتقالية، تمثل فيه أطراف الاتفاق السياسي - «الحرية والتغيير» والمجلس العسكري الانتقالي السابق - وأطراف اتفاق جوبا، لحل التباينات في وجهات النظر وخدمة المصالح العليا في السودان، وله في سبيل ذلك إصدار اللوائح التي تنظم أعماله.لكن المرسوم الصادر عن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أول من أمس، أعطى المجلس سلطة «توجيه الفترة الانتقالية»، وحشد الموارد لإنجاح الفترة الانتقالية، وتنفيذ مهامها الواردة في الوثيقة الدستورية، واتفاق سلام جوبا، وإضافة «أي سلطات أخرى» لازمة لتنفيذ اختصاصاته وسلطاته.بيد أن بولاد قطع بأن المجلس المتفق على تكوينه، ليس بديلاً عن المجلس التشريعي، لأنه بلا سلطة تشريع، وليس بديلاً عن الجهاز التنفيذي لأنه لا يملك سلطة تنفيذية، وليس بديلاً عن مجلس السيادة أو المجلس المركزي لـ«قوى الحرية والتغيير»، وقال: «دور مجلس شركاء الانتقال يقتصر على التنسيق بين ركائز المرحلة الانتقالية كافة، ودوره الأساسي هو التنسيق بين كافة ركائز سلطة المرحلة الانتقالية، حتى تمضي الأمور بسلاسة، وتستكمل مهام الانتقال»، وأضاف: «نتطلع أن تلعب (قوى الحرية والتغيير) الدور المطلوب منها في توجيه سياسات الحكومة، لتحقيق مهام المرحلة الانتقالية التي رسمتها ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة».وتوقع البولاد إثارة ما أطلق عليه «لغط كثير ومخاوف»، ناتجة عن تحديات المرحلة الانتقالية، ورواسب الحساسية بين المكونين العسكري و«الحرية والتغيير»، التي تأثرت في البداية بكثير من الإشكالات قبل توقيع الوثيقة الدستورية، وأضاف: «(الحرية والتغيير) في اجتماعها اليوم ستناقش كيفيات وآليات تنفيذ مجلس شركاء السلام».
مشاركة :