في الجزء الرابع من موسوعته "مصر القديمة" يسرد العالم الأثري سليم حسن قصة الفرعون العظيم "سقنن رع" قائد النضال الفعلي لطرد الهكسوس من مصر، والذي خلفه من بعده ابنه "أحمس" الذي تميز بانتصاره الكبير.يشير مؤلف الموسوعة أن الفرعون العظيم تعرض لمغامرة خطيرة ووقع فريسة هجمة غادرة، حيث تسلل له الأعداء في الليل بينما كان هو نائمًا، تسلَّلوا من خلفه وطعنوه بخنجر تحت أذنه اليسرى، فغاص الخنجر في عنقه، ولقد كانت الضربة مفاجئة فلم يَقْوَ على رفع يده ليدرأ عن نفسه ضرباتهم التي انهالت من «البلط» والسيوف والعصي على وجهه فهشمته وهو ملقًى طريحًا.وتدل شواهد الأحوال على أن تجهيز الجثة للدفن كان على عجل، وأن عملية التحنيط كانت بسرعةٍ فائقةٍ، فجاءت غايةً في الاختصار، ولم تعمل أية محاولة لوضع الجسم في وضعه المستقيم الطبعي؛ إذ قد تُرِك منكمشًا كما كان طريحًا وهو في حالة النزع.ويواصل سليم حسن وصفه لوضع مومياء "سقنن رع" فيقول: كان الرأس مُلقًى إلى الخلف، ومنثنيًا نحو اليسار، ولسانه بارز من فمه يضغط عليه بأسنانه توجُّعًا وألمًا، ولم يمسح سائل مخه الذي كان يجري على جبينه بسبب الجروح التي أصابت رأسه، وكانت ساقاه منبسطتين بعض الشيء، ويداه وذراعاه منكمشتين كما كانتا عندما لفظ روحه، وقد أُزِيلت أحشاؤه من فتحةٍ عُمِلت في بطنه، وقد حُفِظ الجسم بوضع نشارة معطرة عليه وحسب.ويستعرض "حسن" أراء علماء المصريات حول مكان وقوع الجريمة فيوضح: ظنَّ «مسبرو» وتبعه في ظنه «إليوت سمث» أنه قد قُتِل بعيدًا عن «طيبة»، والمحتمل أنه مات في ساحة القتال، وأن تحنيطه في مكان القتال كان إجراءً مؤقتًا لعدم توفُّر المعدات للذين قاموا بهذه العملية في هذا المكان. أما «بتري» الذي وافَقَه الدكتور «فوكييه» في رأيه، فيزعم أن الجسم كان قد تعفَّنَ في أثناء نقله إلى «طيبة»، ولم يعتنِ به في ساحة القتال، ثم حُووِل تحنيطُه ثانيةً بعد وصوله إلى «طيبة».وقد عُثِر على مومياء الملك "سقنن رع" ضمن مكتشفات خبيئة الدير البحري، ويصف "حسن" تابوته قائلا: تابوت هذا الفرعون الخشبي الذي وُجِد جسمه فيه محلَّى برسم ريش عليه كما كان المتَّبَع في حلية توابيت هذا العصر؛ ولذلك أُطلِقَ على التوابيت التي من هذا الطراز «الريشية»، وكانت تغطِّيه طبقةٌ سميكة من الذهب مما جعل السبيكة التي على ظاهره مغريةً للحراس، والواقع أنهم انتزعوها، غير أنهم قد اتخذوا حذرهم ألا يلمسوا الجزء الذي يغطي الصل الملكي، ورءوس الصقور التي على القلائد، والعقاب الذي على الصدر، وكذلك اسم الإله «بتاح سكر»؛ وكل هذه رموز آلهة قد اعتقَدَ القومُ أنها تُرسِل الموتَ إلى كل مَن انتهك حرمتها، ولما كان اللصوص المحترفون لم يَعُقْهم على ما يظهر مثل هذه الشكوك والخرافات في مقبرة الفرعون «سبك أم ساف»، فلا نكون مخطئين إذا نسبنا مثل هذه السرقات الفنية للكهنة أنفسهم؛ ومع ذلك فيظهر أن وخز الضمير في ارتكاب مثل هذا العمل قد لعب دوره؛ إذ نجد الكهنة قد صبغوا بعض الأجزاء التي أزالوا من فوقها الذهب باللون الأصفر إخفاءً لجريمتهم، وبخاصة الوجه ولباس الرأس، ثم كتبوا النقوش بالمداد الأحمر ثانية، ثم رسموا قلادةً على صدره وخطوطًا زرقاء حول العينين اللتين نُزِع منهما إطارهما الذهبي، أما باقي الغطاء فقد تُرِك مغطًّى بالجص الأبيض الذي انتُزِع منه الطبقة الذهبية، وقد بقي آثار النقوش الأصلية على أية حال.يشار إلى أنه سوف يتم نقل المومياء الملكية الخاصة بقائد النضال ضد الهكسوس الملك "سقنن رع" مع عدد كبير من المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة، وذلك في الفترة المقبلة، يصاحب ذلك استعدادت كبيرة وضخمة تقوم بها الدولة منذ عام مضى.
مشاركة :