احتفلت الإمارات، الأسبوع الماضي، باليوم الوطني الـ49 لاتحاد أثار اندهاش العالم الخارجي والعالم العربي، عقب إعلانه في الثاني من ديسمبر من عام 1971، على أيدي الآباء المؤسسين، بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما. الأوضاع الدولية والإقليمية لم تكن تتقبل أفكاراً وحدوية عقب «نكسة» يونيو 1967، واليأس والإحباط الذي أصاب النخبة العربية من الأفكار والدعوات والشعارات التي سادت منذ الخمسينيات حتى الستينيات. سر الدهشة أن وحدة الإمارات السبع جاءت في ظل ركام الهزيمة العربية، وتراجع الحلم والمشروع القومي، وتواري أنصار الوحدة العربية. لكن الحلم والإيمان بالوحدة والعروبة كان يسكن زايد وراشد وإخوانهما حكام الإمارات، فجاءت دولة الإمارات العربية المتحدة كبقعة ضوء مشرقة وساطعة وسط كومة الأحزان العربية، لتؤكد أن الحلم لا يموت، وأن الإرادة التي وُلدت على ساحل الخليج العربي، صلبة، ومتمسكة بحلم أمتها العربية. وتحت شعار «روح الاتحاد»، جاء اللقاء التاريخي في دار الاتحاد، للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مع حكام الإمارات، للإعلان عن قيام الدولة. ما حدث خلال نصف قرن تقريباً على أرض الإمارات، يعد بمثابة معجزة حقيقية، إذ تحوّلت في سنوات قليلة، من أراضٍ رملية شاسعة إلى إمارات خضراء غنّاء، تنعم بالخير والنماء والاستقرار، بفعل إصرار زايد وإخوانه وعزيمتهم، حتى أصبحت الإمارات، التي عمل على اتحادها ووحدتها في عام 1971، مقرونة باسمه «دار زايد الخير». إن مسيرة اتحاد دولة الإمارات، وسيرة «زايد»، ستظلان محط تقدير وإعجاب العالم، فهي سيرة وطن، وقصة إنسان تحدّى قسوة الصحراء، ليروض الطبيعة الجافة، ويحقق الحلم المستحيل في النهضة والتنمية، حتى أصبحت الإمارات نموذجاً في التقدم والتحضر في المنطقة والعالم. الإعجاز والإنجاز لم يتوقفا خلال العقود الثلاثة من حكم الأب المؤسس، بل تواصل، في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وإخوانهم أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات. فالطموح والحلم وتحدي المستحيل على الأرض لم يتوقف، وتواصلت الإنجازات التاريخية في بناء الوطن والإنسان، وإرساء قيم التسامح والسلام والأخوة الإنسانية، وترسيخ وتعزيز مكانة الإمارات في العالم، وهو ما جعل قادة العالم يشيدون بما حققته دولة الإمارات من تقدم ملموس في جميع المجالات، وعلى المستويات كافة. الحلم الإماراتي لم يتوقف عند حدود الأرض فقط، بل تجاوزها ليعانق الفضاء، وهذا العام، يأتي الاحتفال باليوم الوطني، وقد حققت الإمارات الحلم في مجالات الفضاء والعلوم المتقدمة والطاقة النووية، وحوّلت طموحاتها الكبيرة في مجال الفضاء، إلى واقع ملموس، وإنجازات غير مسبوقة، أعادت من خلالها أمجاد المستكشفين العرب الأوائل في هذا المجال. فمع انطلاق «مسبار الأمل» في مهمة لاستكشاف المريخ، تجدد دولة الإمارات ريادتها وموقعها في الصدارة، في مجال علوم الفضاء، على الصعيد العربي. ومنذ تأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، كأول وكالة عربية يتم إنشاؤها، بهدف تنظيم وتطوير صناعة الفضاء، حفلت مسيرة الوكالة بالإنجازات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، واستطاعت الوكالة أن تحجز لها مقعداً ضمن مجموعة من المنظمات والهيئات العالمية ذات الصلة بشؤون الفضاء، وأهمها عضوية اللجنة الدولية لاستكشاف الفضاء، لتكون أول دولة عربية تنضم إلى هذه اللجنة العالمية. من الأرض إلى الفضاء، امتد الإنجاز، رغم التحديات الكثيرة، والمتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم والمنطقة، ومع ذلك، ظلت الثوابت الإماراتية تجاه قضايا أمتها ومنطقتها، راسخة وثابتة، للدفاع عن مصالح الشعوب العربية، فذكرى اليوم الوطني تأتي في وقت تترأس فيه الإمارات الدورة الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسط جهود استثنائية، تقوم بها للحفاظ على كيان المجلس، وتعزيز مسيرته، رغم انتشار جائحة «كورونا»، التي تعد أبرز التحديات التي تواجه العالم. وختاماً، كل التحية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في يومها الوطني، وهو عيد لكل الشعوب العربية الحالمة بالنهوض والتفوق. طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :