في ليلة الـ 28 من مارس عام 2010 استضافت مدينة سرت الليبية القمة العربية لإنهاء أية خلافات عربية عبر تغليب لغة الحوار ومواجهة التدخلات الأجنبية.ومع غياب أبرز القادة العرب عن القمة وحضور 12 قائدا عربيا فقط، ترأس الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي - الذي غالبًا ما أثار الجدل في القمم العربية بسبب تصريحاته ومواقفه الخارجة عن المألوف - رئاسة القمة، وكان من بين الحضور رئيس الوزراء التركي آنذاك، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الإيطالي الأسبق، سيلفيو برلسكوني، والأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون.وفي اليوم الثاني من القمة رصدت عدسات الكاميرات مشهدًا لم يغب حتى الآن عن أفكار الليبيين الذين دُمرت بلادهم بسبب الحرب، ففي مشهد غير مسبوق وغير وارد في الأعراف الدبلوماسية انحنى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني وقبّل يد القذافي أمام الجميع.وبرر برلسكوني واقعة تقبيل يد القذافي بأن ذلك يعود إلى كونه صاحب شخصية جريئة للغاية حسب تعبيره.وأوضح برلسكوني في مقابلة مع إحدى المجلات الاجتماعية الإيطالية أن شخصيته الجريئة تؤدي به أحيانًا إلى سلوك عفوي لا يتطابق تمامًا مع الشكليات، مضيفًا: "أنا لا أنكر أنني كنت صديقًا للشعب الليبي ولا أزال".وأشار برلسكوني إلى أنه قبل يد القذافي اعتذارًا لما فعلته إيطاليا بليبيا أيام الاستعمار، مضيفًا: "ينبغي أن يدان العنف دائمًا وبصور أكبر حينما يمارسه أحد ضد شعبه".وكانت صحيفة الجارديان البريطانية ذكرت في تقرير لها يعود تاريخه لعام 2009 أن الرجلين ربطهما على مدى طويل مصالح تجارية، حيث امتلكت شركة "لافتي تريد" الليبية، والتي تسيطر عليها الشركة القابضة "لا فيكو" العائدة لعائلة القذافي، نحو 10% من أسهم شركة الإنتاج السينمائي "كوينتا كومونيكيشن"، فيما تملك "فيني فيست" القابضة المملوكة لعائلة برلسكوني نحو 22% من أسهم ذات الشركة.وأشارت الصحيفة إلى أن كلًا من شركة "كوينتا كومونيكيشن" وإمبراطورية الإعلام المرئي "ميدياسيت" التي أسسها برلسكوني، تمتلك 25% من أسهم قناة فضائية شهيرة في المغرب العربي، الأمر الذي أثار انتقادات حادة وجهت لبرلسكوني حيث مكن القذافي، من نافذة إعلامية مفتوحة على الشعب الليبي.وبعد مقتل القذافي في أكتوبر عام 2011، كان برلسكوني أول المرحبين، رغم أنه دافع عن بقائه في الحكم في بادئ الأمر، لكنه علق على مقتل القذافي قائلًا "إن العمل العسكري في ليبيا قد انتهى"، وكأنه لم يكن صديق القذافي الأول في أوروبا والشريك الأول له، وأكثر الزائرين من الشمال ترددا.
مشاركة :